“غزة تغرق، إحنا غرقنا”.. بهذه العبارات المختصرة والموجعة يختزل سكان قطاع غزة المعاناة القاسية التي يواجهونها وهم يشاهدون مياه الأمطار تبتلع خيامهم الهشة وتقتلعها الرياح، وتغمر فرش أطفالهم وما تبقى من متاعهم القليل، وتغرق مقتنيات العائلات التي فقدت منازلها بفعل الحرب.
ولم تكن هذه الأمطار مجرد حالة جوية عابرة، بل فصلا جديدا من فصول المعاناة الإنسانية في قطاع أنهكته الحرب والحصار، وأعادت إلى الواجهة أسئلة موجعة عن مصير من فقدوا المأوى، وعن قدرة غزة المنهكة على الصمود أمام كارثة تتجاوز حدود الطقس.
غزة تغرق pic.twitter.com/CiILHnqhZr
— Khaled Safi 🇵🇸 خالد صافي (@KhaledSafi) December 15, 2025
اقرأ أيضا
list of 2 items
end of list
ومع كل موجة مطر جديدة تتسع رقعة المعاناة في مخيمات النزوح، إذ اضطرت عائلات كثيرة إلى قضاء الليل واقفة أو متشبثة بأطراف خيام ممزقة ومهترئة، في محاولة لمنع المياه من التسلل إلى داخلها، في مشاهد متكررة لأطفال بملابس مبللة، ونساء يبحثن عن بطانية جافة، وكبار سن يواجهون البرد القارس بأجساد أنهكها النزوح المتكرر.
وعبر منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت عشرات مقاطع الفيديو والصور التي توثق غرق الخيام وتطايرها، إلى جانب تضرر مرافق عامة ومستشفيات بسبب سوء الأحوال الجوية، مما فاقم معاناة النازحين ووضعهم في ظروف إنسانية قاسية وسط أمطار غزيرة ورياح عاتية.
يُقال أن العاصفة التي تضرب غزة في هذه اللحظات لم تشهدها غزة منذ سنوات طويلة
الناس في كرب كبير والمشاهد مبكية. pic.twitter.com/g4tdwt8gS8
— MO (@Abu_Salah9) December 15, 2025
ومع دخول المنخفض الجوي، تعالت صرخات الأطفال والنساء، في وقت وقف فيه النازحون عاجزين أمام مشهد يتكرر؛ فلا جدران تقيهم، ولا وسائل تحميهم من برد ينهش الأجساد، في واقع تركت فيه الحرب سكان القطاع وحدهم في مواجهة الغرق والبرد معا.
وتصدر عدد من مقاطع الفيديو، أبرزها لطفل غزي وهو يصرخ “غرقنا يا الله.. وين الناس؟ وين الأمة؟”، في مشهد اختزل حجم المأساة التي يعيشها النازحون، رغم التحذيرات والمناشدات التي سبقت المنخفض من بلديات غزة، والتي فقدت قدرتها على الاستجابة بفعل الحصار والحرب.
View this post on Instagram
وقد أثارت هذه المشاهد موجة استياء وغضب واسعة على منصات التواصل، مع تكرار المأساة وتفاقمها مع كل منخفض جوي، في ظل غياب حلول جذرية لحماية مخيمات النزوح من البرد والأمطار، متسائلين “كيف لخيمة من نايلون أن تواجه ريحا ومطرا؟”.
طارت خيام النازحين في غزة.. لم تغرق فقط.. بل اقتلعها الهواء !!
هذه المأساة الأكبر في هذا المنخفض.. أن الخيام انتقلت من مرحلة الغرق الى الاقتلاع، ما يعني أن حتى إمكانية تعويض ضررها غير مجدٍ !
غزة تعيش مأساة فوق تحمل البشر pic.twitter.com/lKWfFt7tE8
— Mohammed Haniya (@mohammedhaniya) December 15, 2025
وأشار مغردون إلى أن خيام النازحين في قطاع غزة لم تغرق فقط، بل اقتلعها الهواء، معتبرين أن المأساة الكبرى في هذا المنخفض هي انتقال الخيام من مرحلة الغرق إلى الاقتلاع، مما يجعل حتى محاولات التعويض أو الترميم غير مجدية.
وأوضح مغردون أن اقتلاع الرياح العاتية للخيام حوّل حياة النازحين إلى حالة من التشرد الكامل، حيث لم يعد الغرق وحده هو الخطر، بل فقدان المأوى بشكل كلي في لحظات قليلة، مشيرين إلى أن الخيمة حين تُقتلع لا تترك خلفها سوى العراء، مما يعني أن العائلات تصبح بلا أي حماية من البرد أو المطر في ظل غياب بدائل حقيقية أو حلول عاجلة لتخفيف حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
ووصف مدونون المشاهد القادمة من قطاع غزة بأنها مرعبة ولا تحتاج إلى توصيف، مؤكدين أنها تجاوزت الألم والمأساة وكل مصطلحات المعاناة التي عرفها البشر، في ظل واقع يفوق قدرة الإنسان على الاحتمال.
غرق مئات خيام النازحين مع تساقط الأمطار على قطاع غزة، وغرق معها أهلها – بينما ينهش البرد أجساد الأطفال بلا رحمة.
معاناة تتضاعف – وقهر لا ينتهي – وألم يتجاوز حدود الاحتمال – خيام تحولت إلى برك ماء – وأطفال يرتجفون من البرد – وعائلات بلا مأوى ولا حماية ولا أي مقومات للنجاة.
— الحـكـيم (@Hakeam_ps) December 15, 2025
وتشهد مناطق عدة في قطاع غزة منذ أيام غرق مئات الخيام جراء هطول الأمطار، وعاش النازحون في الخيام وضعا مأساويا بسبب العجز ونقص الوسائل لدى الدفاع المدني.
المصدر: الجزيرة