«الراي» تفتح ملف «الغذاء» بداية من «الزراعة»… أرض الكويت تنتج «كل ما يطري على البال»

في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات تلقي بظلالها على إمدادات الغذاء من الدول المُصدّرة، تبرز بقوة مسألة «الأمن الغذائي» في سعي الدول لاستغلال مواردها الذاتية، في سبيل تحقيق قدر معين من الاكتفاء الذاتي، وعدم الوقوع تحت رحمة الظروف الخارجية، وتأثيرات الحروب والاضطرابات، وهي القضية التي دفعتها للواجهة الحرب الأوكرانية التي تعيش عامها الثاني حالياً.

والكويت ليست في منأى عن العالم الذي تأثر بالحروب والاضطرابات، وقد تأثرت بشكل أو بآخر مما يجري خارج الحدود، وانعكس ارتفاعاً في بعض السلع الغذائية على وجه التحديد.

«الراي» تفتح ملف الأمن الغذائي في الكويت، في تحقيق استقصائي يلقي الضوء على أركان الأمن الغذائي، للوقوف على مدى قدرة البلاد على تحقيق الاكتفاء الذاتي غذائياً.

والبداية مع ملف الزراعة، الذي يمثل ركناً أساسياً من أركان الأمن الغذائي، وبلسان بعض المعنيين من أهل المزارع، في محاولة لمعرفة العوائق ووضع الحلول من أصحاب الشأن الزراعي وإيصالها للمسؤولين، حيث شددوا على ضرورة حل المشاكل التي تواجههم، حتى يشعروا بالأمان والاستقرار للإبداع في توفير ما تحتاجه الكويت من الخضراوات والفواكه وتقليل الاستيراد منها، لاسيما أن أرض الكويت تنتج «كل ما يطري على البال».

«نبيع الكرتون بـ 100 فلس ويباع في الجمعيات بدينار»

فيصل الدماك

فيصل الدماك: نقص العمالة وضعف الدعم يكبّدان المزارعين خسائر ويدفعانهم لتحويل نشاطهم

في منطقة الوفرة، تنتشر نحو 3450 مزرعة وبمساحات مختلفة، وتعتبر «رئة الكويت» وقبلتها السياحية، لما فيها من مزارع سياحية تلبي احتياجات المواطن الرفاهية وبعضها تنتج كميات وفيرة من الخضار والفواكة وبها أكثر من ألف محمية زراعية.

المواطن فيصل الدماك أحد أصحاب المزارع في المنطقة، يقول إن المنتجين يبيعون إنتاجهم، بأقل من سعر الكرتون بسبب عدم تنظيم المزادات، وعدم اهتمام الجهات المعنية بالمنتج المحلي، مشيراً الى أن«الدعم المقدم لا يذكر، ولا يغطي خسائر المزارعين خاصة بالمبيدات الحشرية التي تشهد ارتفاعاً كبيراً في أسعارها».

وطالب الدماك، في حديثه لـ«الراي»، بأن «تكون مزارعنا مخصصة للأمن الغذائي، لكن الواقع صعب في القطعتين 6 و7 من منطقة الوفرة، لافتقارهما للمتطلبات الأساسية ومقومات الزراعة، مما يشكل عبئاً غير مسبوق على المزارعين. فمنطقتنا تعاني من نقص الخدمات الأساسية، وعلى رأسها مشكلة انقطاع الكهرباء، وخاصة في موسم الأمطار والصيف الذي يستمر انقطاعها فيه لساعات».

وأضاف: «بعد جائحة كورونا قلص معظم المزارعين الإنتاج في مزارعهم بسبب نقص العمالة، وغياب دعم الأسعار، حيث إننا نبيع الكرتون، من كل نوع من الخضار، بـ 100 فلس، ويباع في الجمعيات بدينار لكل صنف، إضافة إلى نقص العمالة، حيث إن مزارعين تركوا الإنتاج الزراعي وحولوا مزارعهم للإيجار والترفيه، رغم تخصيصها للأمن الغذائي».

«لا يمكن أن تحقق الحيازة الزراعية الأمن الغذائي بلا دعم»

نادية العثمان

نادية العثمان:

مشاكلنا في انقطاع الكهرباء وعدم وصول المياه العذبة والمعالجة

في المنطقة الشمالية، يوجد نحو 3 آلاف مزرعة في العبدلي، وبمساحات مختلفة ومنتحاتها وفيرة. وهناك التقينا بالمزارعة نادية العثمان التي حيت كل المواطنين الذين اجتهدوا بالقطاع الزراعي لتحقيق الأمن الغذائي،«فهو قطاع حيوي جداً ومن القطاعات التنموية والمهمة لوطننا الكويت».

وقالت العثمان لـ«الراي» إن «القطاع الزراعي يعاني الكثير من المشاكل والإهمال ولا تأخذ الجهات الحكومية هذا القطاع بعين الاعتبار والجدية كأحد الدخول المهمة لميزانية الدولة»، مشيرة إلى أن «القطاع الزراعي لا يتجزأ عن بقية الوزارات والجهات الحكومية العديدة والمرتبطة بالزراعة والثروة الحيوانية والسمكية، فلا يمكن أن يعمل المواطن والمواطنة بالزراعة كمزرعة بحد ذاتها، إلا أن تكون مرتبطة بوزارات وجهات حكومية عدة».

وأوضحت أن «مشاكل منطقة العبدلي ومنطقة الوفرة متشابهة، فيحتاج القطاع الزراعي للدعم المتكامل من الجهات الحكومية المعنية، فلا يمكن أن تحقق الحيازة الزراعية الأمن الغذائي، من دون إيصال المياه العذبة والمعالجة والكهرباء المستمرة، حيث إن انقطاعها يسبب خسارة للمزارعين وخاصة الذين يعتمدون على الزراعة بالمحميات». وذكرت أن «هناك مشكلة العمالة وهروبها، حيث يفترض بالهيئة العامة للقوى العاملة أن تعقد اتفاقيات مع دول معروفة بالعمالة الماهرة، وتسمح باستقدامهم للعمل فقط بالمنشآت الزراعية أو الحيوانية وأن تصدر قرارات وقوانين للمحافظة على هذه العمالة، ضمن المنشأة الزراعية التي استقدمت هذه العمالة، وأن تُنشأ شركة لاستقدام عمالة ماهرة وحرفية للمزارع، وبنفس الوقت ان تفعل وزارة الداخلية دورها بالحزم والقبض وإبعاد كل عامل هرب من مقر عمله وبالأخص المزارع ومعاقبة كل من يؤويهم».

وطالبت «بإقرار السياحة الزراعية التي تُدعم دخل المزارع وتخضع المزارع لمراقبة الجهات الحكومية، بدلاً من أن تكون بفوضى ودون رقابة، ومن يطلب ترخيص جزء من مزرعته للسياحة الزراعية التي تعتبر نشطة جداً خلال فصلي الشتاء والربيع، على أن يلتزم صاحبها بنسبة من الزراعة».

طالبَ بوقف الاستيراد في موسم وفرة الإنتاج المحلي

خالد العازمي

خالد العازمي: يسِّروا أمورنا… وسنحقق الأمن الغذائي

أكد المزارع خالد سعد العازمي أن «المزارع لديه القدرة على تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، لو تيسرت له الأمور، والدليل على ذلك أنه في جائحة كورونا توقف الاستيراد، فكان المزارع الكويتي ملاذ الشعب، ليسد الحاجة وبأقل الأسعار».

وأشار العازمي، في تصريح لـ«الراي»، إلى أن «المزارع الكويتية تنتج الخضراوات والفواكة، مثل الطماطم والخيار والباذنجان والزهرة والملفوف والكوسا والبطاط والفلفل بأنواعه والباميا والرقس والبطيخ والبصل والقرع والخس والورقيات بأنواعها، وهناك نقلة نوعية في إنتاج التين والموز».

وعن معاناة المزراعين، اختصرها العازمي في «تأخر الدعم الحكومي لعدة أشهر، وخاصة بعد استقرار إدارة هيئة الزراعة وتعيين مدير بالأصالة، مما أخر صرف الدعم وجعل المحفظة الزراعية تطالب بسداد الأقساط، بالإضافة إلى انخفاض أسعار البيع، وهذه كلها عوامل ساعدت على إلغاء آلاف المحميات، وتحويل بعض المزارع إلى منتزهات والإيجار اليومي وهذا يؤثر على الأمن العذائي على المدى البعيد». وطالب بـ«وقف الاستيراد في موسم وفرة الانتاج المحلي، وكذلك تفعيل دور المفتشين لمراقبة المزاد ووقف التلاعب بالفواتير».

«يخاف من الخسارة لتأخر الدعم وضعف التسويق»

فرج المسافر

فرج المسافر: التفاتة بسيطة من الحكومة تجعل المزارع مبدعاً في إنتاجه

المواطن فرج المسافر صاحب أول مزرعة لإنتاج التين الحقلي، أبدى أسفه لتدهور الوضع الزراعي في البلاد، «بالرغم من أن أرض الكويت منتجة لكل ما يطري على البال من الفواكه والخضار، ولكن عدم ثقة المزارع بنجاحه في زراعة شيء جديد يمنعه من المغامرة، لأسباب أهمها الخوف من تأخر صرف الدعم أو تسويق إنتاجه بشكل مربح أو انقطاع الخدمات كالكهرباء أو المياه، مما يكبده خسائر قد لا يتحملها».

وقال المسافر لـ«الراي» إن «تسويق الخضار في الكويت الأسوأ على مستوى العالم، من خلال تفضيل المستورد على المنتج المحلي، فمثلاً الورقيات يباع كرتون الشبنت بسعر 100 فلس وبه 8 شدات كبيرة، ثم يتم تقسيم الواحدة الى أربعة أجزاء ويباع الجزء الواحد بربع دينار، ومثل ذلك الخضراوات الأخرى، فمثلاً صندوق الطماطم الكبير يباع بـ50 فلساً وفي الجمعيات بدينار ونصف الدينار».

وأشار إلى «زيادة أسعار المواد الأولية والمبيدات الحشرية، ليتر مبيد الذباب يباع بسعر 30 ديناراً، بعد أن كان سعره 7 دنانير، ودرب السماد ثمنه 140 ديناراً، بعد أن كان 80، والأسمدة الكيماوية بسعر 18 ديناراً، بعد أن كانت 7 دنانير، وهذه الاسعار تزيد بداية الموسم وتقل في آخره، وهو دليل على التلاعب وعدم وجود رقابة، فمن يدفع هذه التكاليف؟ هذا إذا علمنا أن الهيئة العامة للزراعة تتأخر في صرف الدعم للمستحق، كما تمنع التصدير وقت ذروة الإنتاج وفي الوقت نفسه تسمح للتاجر بالاستيراد، وهذا ما يكبد المزارع خسارة جعلت الكثير يترك مهنة الزراعة، ويبيع مزرعته أو تحويلها إلى منتجع بالإيجار اليومي، وهذا مخالف لتوجهات الدولة في أهمية تحقيق الأمن الغذائي».

وطالب بأن «يكون للدولة دور في تنويع الإنتاج، بحيث يتم تقسيم المزارع حسب احتياجات البلاد، وأن تقوم الهيئة بتوزيع البذور والمبيدات الحشرية، وبذلك تكون الدولة وفرت المواد الأولية للزراعة وقضت على السوق السوداء وبيع المواد المغشوشة». وذكر أن «أرض الكويت خصبة، والمزارعون الكويتيون مبدعون في الزراعة ويحتاحون إلى التفاتة بسيطة من الحكومة لتشجيعهم والمساهمة في توفير الامن الغذائي».

 

المصدر: الراي
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments