برحيل «عمدة ليالي الحلمية» ونجمها الساطع صلاح السعدني، الذي وافته المنية الجمعة عن 81 عاماً وأُقيمت مراسم دفنه في اليوم ذاته، تبادر إلى الأذهان سؤال مفاده «ماذا حلّ بنجوم المسلسل المصري الشهير (ليالي الحلمية)»، مَنْ توفي منهم ومَنْ بقي على قيد الحياة، مَنْ اعتزل ومَنْ ابتعد، ومَنْ يعمل؟
بعد أكثر من نصف قرن من الإبداع في الفن والثقافة والسياسة والرياضة، انضم السعدني إلى نجوم وقامات «الحلمية»، الذين فارقوا الحياة على مدار أكثر من 30 عاماً، منذ انتهاء آخر أجزاء «الليالي» التي شارك فيها، وهو الجزء الخامس، الذي عرض في العام 1995، بداية من المؤلف أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ.
اختفاء السعدني
السعدني، أو «العمدة سليمان غانم»، فضّل الابتعاد عن الأضواء منذ أكثر من 11 عاماً، حيث كان آخر أعماله مسلسل «القاصرات» للمخرج مجدي أبوعميرة، وقرّر أن يختم حياته بهذا العمل والاعتزال والعيش في هدوء مع أسرته الصغيرة وأحفاده، في فيلا في منتجع «الياسمين» في مدينة الشيخ زايد، على أطراف القاهرة، بعيداً عن صخب الأضواء، لاسيما مع تراجع حالته الصحية، حتى رحل عن عالمنا.
ولم يكن السعدني هو الأول الذي ابتعد عن الحياة الفنية والحياة بشكل عام من نجوم الحلمية الذين سبقوا العمدة إلى دار البقاء، ومن بينهم الفنان هشام سليم، صاحب دور «عادل البدري»، والذي وافته المنية قبل عامين وهو في عز نجوميته ووهجه الفني وكان ذلك بسبب معاناته مع مرض سرطان الرئة. وعلى الرغم من معاناته مع هذا المرض اللعين، إلا أنه ظل يواصل عمله الفني حتى قبل رحيله بشهور وظل مواجهاً لهذا المرض الشرس، وكان آخر أعماله مسلسل «هجمة مرتدة» في العام 2021، الذي ختم به مسيرته الفنية.
وفي العمر نفسه تقريباً، رحل نجم آخر من نجوم «الليالي»، وهو النجم ممدوح عبدالعليم، صاحب دور «علي البدري»، الذي توفي بشكل مفاجئ نتيجة أزمة قلبية في العام 2016، حيث كان يستعد للعودة إلى الساحة الفنية بعد توقف، وذلك من خلال الجزء السادس من «ليالي الحلمية»، وكان سعيداً بالعودة لارتداء ثوب «علي البدري» من جديد بعد أن ابتعد عنه ما يقرب من نصف قرن، لكن القدر لم يمهله وختم حياته الفنية بمسلسل «السيدة الأولى» مع النجمة غادة عبدالرازق في العام 2014.
القائمة طويلة
وينضم أيضاً لنجوم «الحلمية» الراحلين، الذين غيّبهم الموت، عدد كبير من الفنانين، منهم الفنانة محسنة توفيق، في العام 2019، والتي رفضت المشاركة في جزء جديد من العمل وهي على قيد الحياة، وجسّدت شخصيتها في المسلسل في نسخته السادسة الفنانة سميرة عبدالعزيز، وبهذا يكون مر على هذه الشخصية ثلاث نجمات هن فردوس عبدالحميد، محسنة توفيق وسميرة عبدالعزيز.
كما رحل من نجوم «الليالي»، كل من دلال عبدالعزيز وزيزي البدراوي اللتين جسّدتا شخصية نجاة عبدالفتاح (زوجة طه السماحي)، وسيد عبدالكريم الشهير بـ «زينهم السماحي»، وسيد عزمي (الأسطى زكريا) ومحمود الشاذلي (زعتر) ومحمد فريد (متولي – طأطأ) وشوقي شامخ (كمال خلة) ومحمد وفيق (مصطفى رفعت) ومحمد متولي (بسيوني – بسة) وعهدي صادق (خميس – خمس).
نجوم… ابتعدوا
ولم يبتعد نجوم الحلمية عن الساحة الفنية بسبب الموت فحسب، فهناك من فضّل الاعتزال والعيش في هدوء، وعلى رأسهم الفنان حسن يوسف (90 عاماً)، الذي أدى دور «توفيق البدري» في الجزأين الأول والثاني، والذي أعلنت زوجته الفنانة المعتزلة شمس البارودي قبل أشهر اعتزاله العمل الفني نهائياً وتفرغه للعبادة وصلة الرحم، نافية الإشاعات عن مرضه.
أما الفنانة سمية الألفي (71 عاماً) أو «الأميرة نورهان»، فقد ابتعدت عن الساحة الفنية منذ سنوات طويلة وفضّلت العزلة والابتعاد عن الأضواء حيث لا تظهر إلا كضيفة شرف، في أفلام ابنها أحمد الفيشاوي، وكان آخرها فيلم «تلك الأيام» رغم مرضها.
وعلى النهج نفسه، تسير الفنانة عبلة كامل أو «رقية البدري»، البالغة 64 عاماً، والتي ابتعدت عن الساحة الفنية منذ سنوات، حيث كان آخر أعمالها مسلسل «سلسال الدم» بأجزائه، ومنذ ذلك الوقت فضّلت العيش الهادئ والابتعاد عن الإعلام، حتى انها رفضت التكريم من مهرجانات عدة، منها مهرجان القاهرة الذي اعتذرت لإدارته بكل هدوء، كما اعتذرت عن عدم الظهور في عدد من البرامج الحوارية الكبيرة وآخرها «صاحبة السعادة»، الذي تقدمه الفنانة إسعاد يونس.
وأيضا نجمة الجزء الثاني والثالث من «الحلمية» الفنانة آثار الحكيم (65 عاماً)، والتي اعتزلت قبل 10 سنوات تقريباً، وابتعدت هي الأخرى عن الظهور الإعلامي.
عطاء مستمر
على جانب آخر، مازال عدد من نجوم «الحلمية» مستمرين في عطائهم الفني بأعمال ناجحة، يأتي على رأسهم الفنان يحيى الفخراني (79 عاماً)، صاحب دور «سليم باشا البدري» المتربع على عرش كبار نجوم الدراما والنجم المسرحي الأبرز، حيث شارك أخيراً في الموسم الرمضاني بعمل ناجح وهو مسلسل «عتبات البهجة» المأخوذ عن رواية تحمل الاسم نفسه وأخرجه مجدي أبوعميرة، وفي المسرح قدّم قبل عام رائعته المسرحية «الملك لير». والفخراني يعتبر الفن بالنسبة إليه هو الحياة.
أما النجمة صفية العمري (74 عاماً)، صاحبة دور «نازك هانم السلحدار»، وعلى الرغم من ابتعادها عن الساحة منذ سنوات، لكن دائماً ما تؤكد على فكرة عدم الاعتزال، حيث ترى أنه لا يوجد سبب يجعلها تقبل دوراً لا يناسب تاريخها لمجرد التواجد. وتعيش «نازك هانم» بين بيتها في القاهرة وبين الولايات المتحدة الأميركية، حيث يعيش نجلاها هناك منذ سنوات طويلة، حيث رفضت فكرة الهجرة والاستقرار هناك لارتباطها الشديد بمصر وبفنها.
والأمر نفسه للفنانة الكبيرة سهير المرشدي (78 عاماً) أو «سماسم العدلي»، التي أصبحت مقلة في السنوات الأخيرة ولا تظهر إلا قليلاً، وأصبحت مهتمة أكثر بحفيدتها نجلة ابنتها الفنانة حنان مطاوع، حيث كان آخر عمل لها العام الماضي، وهو مسلسل «ضرب نار» مع ياسمين عبدالعزيز، حيث جسّدت شخصية صعيدية والدة أحمد العوضي.
وفي الاتجاه نفسه، تسير الفنانة إلهام شاهين (63 عاماً)، نجمة الأجزاء الرابع والخامس والسادس، بدور «زهرة سليمان غانم»، إذ إنها مستمرة أيضاً في العطاء سينمائياً وتلفزيونياً، وكان آخر عمل تواجدت به العام الماضي هو مسلسل «الفريدو» والذي جسّدت خلاله باقتدار شخصية مريضة «الزهايمر» وحققت نجاحاً كبيراً فيه.
والأمر سيان بالنسبة إلى الفنان عبدالعزيز مخيون (78 عاماً)، الذي أدى دور طه السماحي في الجزأين الأول والثاني، إذ مازال يمارس حياته الفنية، وكان ظهوره الأخير من خلال مسلسل «المعلم» الذي عُرض في السباق الدرامي الرمضاني الفائت.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفنانة إنعام سالوسة (84 عاماً)، والتي أدت دور «وصيفة زوجة العمدة سليمان غانم الأولى»، إذ مازالت تعمل وكان آخر ظهور لها في شهر رمضان الفائت من خلال مسلسل «أشغال شقة».
أما الفنانة لوسي، والتي جسّدت دور «حمدية»، ابنة أخت سماسم وزوجة الأسطى زكريا، فهي مازالت تمارس عملها الفني، وكان آخر ظهور لها في العام الفائت من خلال الجزء الثالث من مسلسل «المداح: أسطورة العشق» بدور «هند بنت الأحمر».
وفي تصريح صحافي سابق لها، تحدثت عن رأيها في ترك الفنانين لمهنة الفن بسبب قلّة الأعمال المعروضة عليهم، مشيرة إلى أن «إحنا بنعتزل وبنرجع»، مضيفة «حين تجلس 8 سنوات ولا تقبل بعمل، هذا يعني أنك اعتزلت الفن بسبب عدم إيجاد ما هو جيد». وألمحت إلى أن «في فنانين كتير زي الأستاذ لطفي لبيب قعد كذا سنة في بيته بعيد عن الفن ولما لقى شغل كويس رجع تاني وتراجع عن قراره واشتغل تانيِ… عشان كده نقطة الاعتزال مش بتكون بإيدك».
مشاهد في جنازة «العمدة سليمان غانم»
السقا حمل الجثمان… وصفية رثته بتدوينة
في وداع نجوم الفن في مصر الفنان صلاح السعدني، عن عمر يناهز 81 عاماً، حمل الفنان أحمد السقا النعش وأدخله القبر برفقة نجل الراحل الفنان أحمد السعدني، وسط انهيار نجوم الفن والدعاء له بالرحمة.
وانهارت الفنانة وفاء عامر، لحظة دفن جثمان الفنان صلاح السعدني، ودعت له بالرحمة والمغفرة، وسط بكاء نجوم الفن، وظهر التأثر شديداً على وفاء، وعدد آخر من نجوم الفن.
وحرصت الفنانة صفية العمري، على نعي الفنان الراحل مؤكدة أنه كان صديقاً عزيزاً ومتميزاً، ونشرت صورة معه من كواليس مسلسل «ليالي الحلمية»، عبر حسابها على «إنستغرام»، وعلّقت: «مع السلامة يا عمدة… بقلوب دامية أنعى الفنان الكبير والمتميز والصديق العزيز عمدة الدراما العربية صلاح السعدني».