جوزيب بوريل: لا بد من تحرك ضد إسرائيل وإدانة أفعالها لا يكفي

قال الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية السابق جوزيب بوريل إن ما يجري في الضفة الغربية بلغ مستوى غير مقبول، منتقدا اكتفاء المجتمع الدولي بإدانة الانتهاكات من دون أي خطوة عملية توقفها.

ويؤكد بوريل أن اقتلاع مئات آلاف أشجار الزيتون ومنع الفلسطينيين من جني محاصيلهم يمثل تجاوزات لا يمكن التعامل معها كوقائع عابرة، مشددا على أن المواقف الأوروبية تفقد معناها عندما تكتفي بوصف الأفعال بأنها غير قانونية، ثم تتراجع أمام ضرورة محاسبة مرتكبيها.

ويرى أن الاكتفاء بالتنديد لم يعد كافيا، إذ يتطلب الموقف -حسب تقديره- تحركا يجبر إسرائيل على دفع ثمن ممارساتها، لأن استمرار الوضع الراهن يضعف قدرة الاتحاد الأوروبي على الحفاظ على صورته كطرف يتمسك بمرجعيات القانون الدولي.

ويعزو غياب الخطوات العقابية إلى أن دولا أوروبية لا تزال تنظر إلى إسرائيل باعتبارها دولة صديقة، وتفضّل تجنّب أي إجراء قد يُفسَّر كعقوبة سياسية، رغم أن دولا أخرى مثل إسبانيا وأيرلندا تعلن استعدادها لاتباع نهج أكثر تشددا.

ويشير إلى أن المفوضية الأوروبية أعلنت قبل أشهر نيتها اقتراح ضغوط تجارية وإجراءات تستهدف مسؤولين إسرائيليين، لكن تلك الوعود بقيت دون تنفيذ، الأمر الذي يضع مصداقية الاتحاد على المحك، ويظهر حجم الانقسام داخل دوله الأعضاء.

ويشرح أن قواعد الاتحاد تشترط إجماعا كاملا لفرض أي عقوبات سياسية، بينما تتطلب القرارات التجارية أغلبية مؤهلة وموافقة المفوضية، ومع ذلك لم يتحقق الحد الأدنى من التوافق، مما يبقي الموقف الأوروبي محصورا في بيانات الإدانة المتكررة.

ويعتبر أن ما يجري في قطاع غزة يعكس بوضوح عجز أوروبا عن التأثير في السلوك الإسرائيلي، فإسرائيل، كما يقول، تماطل في إدخال المساعدات وتنفيذ التزاماتها رغم القرارات الأممية، في حين يعاني السكان من الجوع ويواجهون أوضاعا إنسانية تزداد سوءا.

غياب أوروبي

ويصف استخدام التجويع وسيلة ضغط بأنه جريمة وانتهاك صارخ للقانون الدولي، معتبرا أن غياب الفعل الأوروبي يشجع إسرائيل على المضي في سياساتها دون اكتراث بالمواقف الدولية أو التحذيرات الإنسانية.

إعلان

ويتوقف عند التجربة الأميركية باعتبارها مثالا على فعالية الضغط المباشر، موضحا أن واشنطن أجبرت إسرائيل في محطات عدة على اتخاذ خطوات لم تكن مستعدة لها، بينما لم ينجح الأوروبيون في إنتاج ضغط مشابه نتيجة الانقسامات الداخلية.

ويضيف أن بعض دول الاتحاد لا تزال تزوّد إسرائيل بالسلاح، الأمر الذي يعقّد أي محاولة لإنتاج موقف موحد يفرض التزاما إنسانيا واضحا ويُحدث تغييرا ملموسا على الأرض.

وحول مشروع القرار الذي اعتمده مجلس الأمن، يتعامل بوريل بنبرة حذرة، ربطا بقدرته على التحول إلى إجراءات فعلية، لكنه يرى أن وقف القصف وإعادة الأسرى يمكن أن يشكلا أساسا يمكن البناء عليه إذا توفرت الإرادة السياسية.

ويرى أن القرار يمثل فرصة ينبغي استثمارها للدفع بالمسار السياسي، محذرا من الاكتفاء بالتصريحات المتفائلة أو المتحفظة، لأن الوضع الإنساني في غزة لا يحتمل المزيد من المماطلة أو النقاشات المفتوحة دون نتيجة.

ويشير إلى أن بعض بنود القرار لا تزال غامضة وتتطلب توضيحا، غير أن التركيز، برأيه، يجب أن يبقى على مبدأ التنفيذ، لأن معاناة الفلسطينيين اليومية تجعل أي تأخير بمثابة إضعاف للجهود الدولية الرامية لوقف الانتهاكات.

ويعيد بوريل التأكيد على ضرورة استخدام كل النفوذ المتاح للخروج من الوضع المأساوي، فالمسؤولية لا تقف عند إعلان عدم الرضا، بل تستدعي تفعيل الضغوط وتحويل القرارات إلى خطوات ملموسة توقف الانتهاكات وتعيد الاعتبار للقانون الدولي.

 

المصدر: الجزيرة