شهر رمضان: ما هي مقاومة الإنسولين؟ وهل يساعد الصيام في التغلب عليها؟

كثر الحديث خلال الأعوام القليلة الماضية عن “مقاومة الإنسولين” في وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، إذ صدرت مؤلفات وانتشرت مقاطع فيديو تشمل تمرينات رياضية بعينها أو حمية ما يقول مبتكروها إنها تهدف إلى الوقاية منها أو التغلب عليها.

وقد لفت المصطلح انتباه المزيد والمزيد من الناس نظرا لأن مقاومة الإنسولين قد تتحول إلى إصابة بالنوع الثاني من مرض السكري، الذي يؤثر على أكثر من نصف مليار شخص حول أنحاء العالم، وغيره من الحالات المرضية الخطرة.

فكيف تحدث مقاومة الإنسولين وما أعراضها؟ هل يمكن الشفاء منها؟ وهل باستطاعة الصيام المساعدة في السيطرة عليها؟

ما هو الإنسولين؟

ماذا تعني مقاومة الإنسولين؟

مقاومة الإنسولين عملية معقدة، تحدث عندما تضعف استجابة الخلايا في العضلات والدهون والكبد للإنسولين، وتتوقف عن امتصاص الغلوكوز من الدم أو تخزينه بشكل فعال. وينتج عن ذلك أن يعكف البنكرياس على إنتاج المزيد من الإنسولين للتغلب على مستويات الغلوكوز الزائدة في الدم، ويسمى ذلك فرط الإنسولين، أو فرط الإنسولينية.

وطالما أن البنكرياس يضخ كميات من الإنسولين تكفي للتغلب على استجابة الخلايا الضعيفة له، تبقى مستويات السكر في الدم ضمن معدل صحي. ولكن إذا ازدادت مقاومة الخلايا للإنسولين، فإن ذلك يؤدي إلى مستويات مرتفعة من الغلوكوز في الدم، وهو ما قد يؤدي مع مرور الوقت إلى الإصابة بالنوع الثاني من مرض السكري وغيره من الحالات المرضية الأخرى.

الأعراض

يقول البروفيسور جوزيف إنه قد يكون من الصعب ملاحظة المؤشرات الأولية لمقاومة الإنسولين، التي “أحيانا لا تكون مصحوبة بأعراض ظاهرة في بداية الأمر. ولكن قد تكون هناك أعراض أولية ربما تشير إلى حدوث مقاومة الإنسولين، ومنها الإرهاق الناتج عن تذبذب مستويات السكر في الدم، صعوبة فقدان الوزن رغم اتباع حمية غذائية وممارسة التمرينات الرياضية، ظهور بقع داكنة على الجلد، ولا سيما على الرقبة أو الفخذ أو تحت الإبط، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع مستويات الدهون الثلاثية (أو الكوليسترول الضار ) وانخفاض مستوى الكوليسترول النافع، ومتلازمة الرحم متعدد الكيسات”.

ويشدد البروفيسور جوزيف على أن هذه الأعراض والإشارات “قد تتفاوت من شخص إلى آخر، والإصابة بمقاومة الإنسولين لا تعني أن المصاب سيعاني من كل تلك الأعراض. كما أن تلك الأعراض قد تكون مؤشرا على الإصابة بحالات مرضية أخرى، ولذا من الضروري استشارة الطبيب والحصول على تشخيص دقيق..التشخيص المبكر والسيطرة على هذه الحالة في غاية الأهمية لمنع حدوث تعقيدات مثل النوع الثاني من مرض السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية”.

ما احتمال أن تؤدي مقاومة الإنسولين إلى حالات أخطر؟

يقول البروفيسور جوزيف إن الدراسات أظهرت أن نحو 70 إلى 80 في المئة ممن يعانون من مقاومة الإنسولين يصابون لاحقاً بالنوع الثاني من مرض السكري إذا لم تُعالج أو تتم السيطرة عليها.

“لكن ذلك يعتمد على عدد من العوامل، مثل الجينات والسمنة وقلة النشاط الجسماني والنظام الغذائي والسن والعِرق – فبعض الجماعات العرقية، ولا سيما تلك التي تستوطن جنوب شرق آسيا، تزداد لديهم خطورة الإصابة بالنوع الثاني من السكري مقارنة بالبيض القوقازيين”.

هل من الممكن الشفاء من مقاومة الإنسولين؟

تنصح خبيرة التغذية الأردنية ريم العبد اللات من يعانون من مقاومة الإنسولين “بالانتباه إلى غذائهم بشكل كبير، حيث يجب الابتعاد عن تناول الحلوى والتقليل من النشويات. ويفضل تناول النشويات المعقدة التي تحتوي على حبوب كاملة: يمكن على سبيل المثال تناول الفريكة بدلا من الأرز، والخبز الأسمر بدلا من الخبز الأبيض. ويفضل تناول الفواكه مع أطعمة أخرى تحتوي على دهون أو بروتين، كأن نتناولها مع منتجات ألبان أو مكسرات”.

ويلفت البروفيسور جوزيف إلى أهمية تقليل الأطعمة المعالجة وتلك التي يضاف إليها السكر، وفي الوقت ذاته الإكثار من الأطعمة الغنية بالألياف والبروتينات منخفضة الدهون المشبعة والسعرات الحرارية، ومن الدهون الصحية والخضراوات والفاكهة.

وقد أشار العديد من الأبحاث العلمية إلى أن الأطعمة منخفضة المؤشر الغلايسيمي تساعد على التحكم في مستويات الغلوكوز في الدم على المدى الطويل لدى الأشخاص المصابين بالنوع الثاني من مرض السكري، كما أنها تساعد على تثبيت مستويات سكر الدم بعد تناول الطعام.

والمؤشر الغلايسيمي هو نظام يستخدم لتصنيف الأطعمة التي تحتوي على كربوهيدرات من حيث تأثيرها على نسبة السكر في الدم، إذ يظهر ما إذا كان الطعام الذي نتناوله يؤدي إلى ارتفاع سريع أو متوسط أو بطيء في مستويات الغلوكوز في الدم.

لكن تجدر الإشارة إلى أن المؤشر الغلايسيمي وحده لا يكفي لتحديد ما إذا كانت الأطعمة صحية أم لا. فغالبية أنواع الشوكولاته، على سبيل المثال، منخفضة المؤشر، لكنها مرتفعة السعرات الحرارية. كما أن الأطعمة عالية المؤشر الغلايسيمي ليست بالضرورة غير صحية – على سبيل المثال بعض الفواكه كالبطيخ عالية المؤشر الغلايسيمي ولكنها مفيدة. لذا ينبغي التركيز على أن يكون النظام الغذائي صحيا ومتوازنا.

النصيحة الثانية التي يقدمها كل من جوزيف والعبد اللات هي المواظبة على التريض. “النشاط الجسماني مثل التمرينات الهوائية وتدريبات القوى من الممكن أن يحسن حساسية الإنسولين. فالرياضة تساعد العضلات على تحويل الغلوكوز إلى طاقة، وهذا من شأنه تخفيض مستويات السكر في الدم وتقليل مقاومة الإنسولين”، وفقا لجوزيف.

فقدان الوزن، ولا سيما الدهون المحيطة بمنطقة البطن، من الممكن أيضا أن يحسن حساسية الإنسولين.

من الأشياء التي ربما لا ينتبه إليها كثيرون والتي قد تسهم في زيادة مقاومة الإنسولين التوتر المزمن. “لذا فإن إيجاد طرق صحية لتقليله، مثل ممارسة تمرينات التنفس العميق والتريض والتأمل أو قضاء وقت في أحضان الطبيعة قد تكون مفيدة في تقليل مقاومة الإنسولين”.

الحصول على قسط كاف من النوم في غاية الأهمية كذلك، إذ يقول البروفيسور جوزيف إن النوم لنحو سبع إلى تسع ساعات يوميا من شأنه المساعدة في تحسين حساسية الإنسولين والصحة العامة.

 

المصدر: BBC