قدرات إخراجية… وأداء تمثيلي احترافي
فالح العنزي
لليوم الثاني على التوالي ما يزال مهرجان أيام المسرح للشباب بنسخته السادسة عشرة يستقطب الجمهور بشكل يتضاعف يوميا ،اول من أمس قدمت فرقة ترند برودكشن عرضها المسرحي “قمرة” ضمن المسابقة الرسمية وهو من تأليف عبدالرزاق بهبهاني واخراج هاني الهزاع الذي قدم بدوره رؤية اخراجية مبتكرة استخدم فيها أدواته وخبرته في هذه النوعية من المهرجانات التنافسية على مستوى فهم لغة المسرح.
الفكرة
دائما في أي مشروع مهما اختلف مجاله تظل الفكرة هي سر النجاح متى ما تم تنفيذها بشكل سليم ، تدور الفكرة في قالب انساني حول القيم والطموح والشعور بالذنب، لكن قد تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن عندما تشهد رحلة تحقيق الحلم بارتكاب أفعال ليست في محلها وربما تبلغ ارتكاب الذنوب وبالتالي يدخل الانسان في دوامة الصراع الداخلي ويجد نفسه داخل “قمرة” ضيقة ومظلمة يبحث فيها عن ثقب لبصيص أمل، ويظل السؤال كم يحتاج الانسان الى ثقوب يخرج منها شعاع أمل وهل يمكن أن تهدأ النفس البشرية وتستكين أم تظل في حاجة الى الغفران.
ويتميز التصميم المسرحي بفكرة إخراجية مبتكرة، إذ يتحول الديكور المتحرك بين المعبد، كرسي الاعتراف، السيارة، السجن، المنزل، ومحطة القطار، ليجسد بدقة تفتت وتركيب الواقع النفسي للشخصيات. أما الموسيقى، فتلعب دوراً حيوياً في تعزيز الأجواء النفسية وترجمة المشاعر الداخلية للشخصيات.
… ومشهد آخر
تتجلى براعة العمل في بناء شخصيات معقدة، أبرزها القسيس مالكوم (عبدالله البلوشي)، البطل التراجيدي الذي يخلص الناس من آلامهم بينما يواجه ذكريات مؤلمة تتعلق بالخيانة والقتل، وصولاً إلى قراره بالاعتراف بخطاياه طلباً للخلاص. ويأتي إبراهام (حمد عبدالرزاق) طالباً الغفران عن تزويج ابنته القاصر بدافع الطمع، بينما يمثل القسيس أنيماس (عبدالرحمن الفهد) ضميراً يحاسب بعد مقتله. ولا يغيب جون (علي المهيني) المتشائم الذي يحذر من الكوارث القادمة، وجيكوب (مهدي دشتي) الذي يعترف بخيانته الزوجية، وديفيد (ميثم الحسيني) الذي يتحول من ضحية إلى قاتل.
تنتهي المسرحية بتأكيد أن جميع الشخصيات، رغم اختلاف خطاياها بين الطمع والخيانة والقتل، تبحث عن مغفرة تخفف عنها أعباء الماضي، لتصبح “قُمرة” مرآة للوجه الإنساني الهش، وشعلة نور في ظلمة الخطيئة.
المصدر: السياسة