كشفت حرب غزة عن تحولات عميقة في شبكة تحالفات إسرائيل وأهدافها الإقليمية، أعادت رسم أولوياتها الأمنية والعسكرية، ووسّعت نطاق تحركاتها خارج حدود الصراع التقليدي.
ووفق تقرير للصحفي جعفر سلمات، فإن جذور هذه التحالفات تعود إلى ما قبل الحرب بسنوات، لكنها اكتسبت زخما وتسارعا غير مسبوقين بعدها.
ويعود التعاون العسكري بين إسرائيل وكل من اليونان وقبرص إلى عام 2010، في أعقاب تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية بعد حادثة “أسطول الحرية” وسفينة “مافي مرمرة”.
ومع اكتشافات الغاز الطبيعي في شرق المتوسط، وجدت الأطراف الثلاثة أنفسها أمام مصالح مشتركة دفعتها إلى بناء شراكات أمنية بديلة.
وشمل هذا التعاون تدريبات جوية وبحرية مشتركة وتنسيقا استخباراتيا، وصفقات تسليح وتكنولوجيا عسكرية، تحت عنوان حماية المصالح وتعزيز الردع، خصوصا في ظل التوتر مع تركيا.
لكن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة شكلت نقطة تحول مفصلية، إذ كشف التصعيد العسكري المتسارع وامتداد المواجهات إلى أكثر من جبهة عن تغيّر في العقيدة الأمنية الإسرائيلية.
وحسب التقرير، انتقلت إسرائيل من سياسة الحروب الخاطفة والردع والاحتواء إلى نهج يقوم على العمل العسكري الاستباقي الشامل وحفظ أمنها خارج حدودها، في مواجهة ما عُرفت بـ”جبهات الإسناد”، ضمن معارك وصفها رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو بأنها “سبع حروب” متزامنة.
وفي هذا السياق، أعلنت إسرائيل الحرب على لبنان، واستهدفت اجتماعات لقادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وخاضت صدامات سياسية متكررة مع تركيا. كما استفادت من دعم أميركي واسع، بلغ ذروته مع ضرب الولايات المتحدة منشآت نووية إيرانية في سياق تهديدي.
وكذلك تسعى إسرائيل إلى نزع سلاح حزب الله في لبنان، وكثفت توغلاتها في جنوبي غربي سوريا لتثبيت نقاط عسكرية متقدمة، في حين بقيت جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) في اليمن ضمن دائرة الاستهداف بسبب دورها في تعطيل الملاحة في البحر الأحمر وضرب إسرائيل بالصواريخ والمسيّرات.
ويرتبط هذا السلوك برؤية إسرائيلية أوسع، يتحدث فيها نتنياهو عن “تغيير وجه الشرق الأوسط” ضمن مسعى لضم دول جديدة إلى “اتفاقات أبراهام” للتطبيع وإعادة تشكيل موازين القوى الإقليمية.
وخلص التقرير إلى أن هذه الإستراتيجية حققت مكاسب جزئية فقط، إذ أضعفت خصوم إسرائيل دون القضاء عليهم، في حين بدأت قوى إقليمية أخرى تعيد حساباتها وتعزز تحالفاتها الدفاعية، مما يفتح الباب على مرحلة أكثر تعقيدا في الإقليم.
يشار إلى أن إسرائيل أعلنت قبل أيام الاعتراف الرسمي بجمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة وذات سيادة، في حين سارعت دول عربية وإقليمية ودولية إلى إدانة هذا الإعلان.
المصدر: الجزيرة