رغم الأوضاع الإنسانية الصعبة التي يعيشها السكان في قطاع غزة جراء منع إسرائيل دخول المساعدات، على عكس ما يقضي به اتفاق وقف إطلاق النار، لا يتحرك المجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأميركية، لإرغام إسرائيل على تنفيذ التزاماتها.
وفي ظل منع إسرائيل دخول المساعدات، تفاقمت معاناة الغزّيين بسبب المنخفض الجوي، إذ تؤكد إحصاءات السلطات في القطاع أن عدد ضحايا البرد القارس والأمطار ارتفع إلى 18 شهيدا.
ويصف الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور إياد القرا -في حديثه لبرنامج “ما راء الخبر” ضمن حلقة (2025/12/16)- الأوضاع الإنسانية بأنها صعبة جدا، ورغم المستوى المريع الذي آلت إليه الأوضاع، لم يستجب العالم للمناشدات الفلسطينية التي أطلقت قبل حلول فصل الشتاء.
وقال القرا إنه لا ينبغي حصر الموضوع في إدخال المساعدات فقط، فهناك احتياجات أساسية لسكان قطاع غزة، لأن الاحتلال الإسرائيلي دمر 350 ألف منزل للفلسطينيين ودفع مليون شخص للنزوح.
واتهم الكاتب -الذي يتواجد في مدينة دير البلح (وسط قطاع غزة)- إسرائيل باستخدام الجانب الإنساني للضغط على الفلسطينيين، وحدث ذلك قبل وبعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وكان القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) غازي حمد اتهم -في مؤتمر خُصص لرصد هذه الخروقات اليوم الثلاثاء- الاحتلال الإسرائيلي بانتهاك كل بنود اتفاق وقف الحرب بشكل منظم ومخطط، ودعا الوسطاء للتدخل من أجل وقف تلك الانتهاكات.
ومن جهة أخرى، أشار القرا إلى خيارات حركة حماس في ظل الظروف الراهنة واستمرار الاحتلال في انتهاكاته، موضحا أنها تتمثل في الضغط على الوسطاء أو إعلان انهيار الاتفاق تحت ضغط الفلسطينيين.

“فتاوى” إسرائيلية
ويشير الباحث المختص بالشأن الإسرائيلي عادل شديد إلى أن قرار موت الفلسطينيين في غزة يتم بفتاوى دينية وحاضنة شعبية في إسرائيل، ويكشف أن أحد الحاخامات زعم أن “ما يحدث في غزة قرار رباني لمعاقبة الأشرار”.
ولا يستبعد شديد أن تكون الإدارة الأميركية تنسق مع إسرائيل لمنع دخول المساعدات للفلسطينيين، موضحا أن هناك مصلحة أميركية للضغط على الوسطاء في موضوع القوات الدولية المتوقع نشرها في غزة بموجب الخطة الأميركية لوقف إطلاق النار، بالإضافة إلى الضغط عليهم في موضوعي سلاح المقاومة وإدارة القطاع.
ويرجح أن يكون اغتيال إسرائيل رائد سعد، القيادي في كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة حماس) قد جرى بموافقة أميركية، كما يرى المتحدث أن الإدارة الأميركية غير مقتنعة بأن عملية الاغتيال انتهكت اتفاق وقف إطلاق النار، وأن الرئيس دونالد ترامب ربما تعرض لضغوط من دول عربية، ولذلك طالب بإجراء تحقيق في الموضوع.
وقال ترامب في وقت سابق إن إدارته تبحث في ما إذا كانت إسرائيل انتهكت وقف إطلاق النار بقتلها قياديا بحركة حماس السبت الماضي.
وقد برر كبير الباحثين بالمجلس الأميركي للسياسة الخارجية، الدكتور جيمس روبنز -في حديثه لبرنامج ” ما وراء الخبر”- لإسرائيل اغتيالها رائد سعد، بقوله “إن إسرائيل تصر على أن الاغتيال جزء من عمليات مكافحة الإرهاب”.
وحول أسباب صمت واشنطن على الأوضاع الإنسانية المأساوية في غزة، يذكر روبنز أن بلاده كانت في مقدمة الدول التي عملت على إدخال المساعدات إلى غزة، وأن 30 ألف شاحنة تم السماح بدخولها، وأن المساعدات تصل لمن يحتاجها، معتبرا أن عدم سماح إسرائيل بدخول بعض المواد إلى غزة جاء بسبب ما أسماه “الاستخدام المزدوج” لها من طرف حماس.
المصدر: الجزيرة