أن يخرج منتخب بالحجم التاريخي لألمانيا، الفائز بكأس أوروبا 3 مرّات قياسية وباللقب العالمي 4 مرّات، من الدور ربع النهائي للبطولة القارية على أرضه، فمن المتوقّع أن تكون الأجواء سوداوية والمعنويات في الحضيض، لكن هناك الكثير من الإيجابيات التي يمكن الاعتماد عليها للمستقبل.
وانتهى مشوار «دي مانشافت» بخسارته أمام إسبانيا 1-2 بعد التمديد، مُختتماً البطولة الكبرى الأولى على أرضه منذ مونديال 2006 بشكل مُحبط.
ولكن يمكن القول أن المدرب يوليان ناغلسمان أعاد للمنتخب شيئاً من بريق الماضي، لاسيّما إذا ما قورن مشواره بمشاركتيه الأخيرتين في كأس العالم، حيث انتهى عند دور المجموعات في روسيا 2018 وقطر 2022، أو البطولة القارية الماضية حين ودّع من ثُمن النهائي.
وكانت المباراة نهاية المشوار لنجم الوسط توني كروس، الذي كان يمني النفس بإحراز اللقب ليضيفه إلى مونديال البرازيل 2014 وجميع الألقاب الممكنة التي أحرزها على صعيد الأندية مع ريال مدريد الإسباني.
وأظهر الألمان أنهم استعادوا هيبتهم رغم خيبة الخروج من ربع النهائي.
وقال الحارس المخضرم مانويل نوير: «لقد تحطّم الحلم. وما يزيد من مرارة الأمر أن هذا الفريق كان يستحق المزيد».
وبعد دموع الخيبة، قرّر ناغلسمان البحث عن الإيجابيات وتحويل الأنظار نحو الهدف المقبل في مؤتمره الصحافي، قائلاً: «من المحزن أني ربما لن أكون جزءاً من كأس أوروبا أخرى (كمدرب للمنتخب) على أرضنا في مسيرتي».
وتابع: «هذا مؤلم. والاضطرار إلى الانتظار لمدة عامين لنصبح (محاولة) أبطال عالم (في 2026)، هذا مؤلم أيضاً»، متوجّهاً إلى الصحافيين: «أحببتم هذا التصريح (أن ألمانيا ستكون بطلة للعالم بعد عامين) أليس كذلك؟».
وسأل المدرب الصحافيين: «هذا يجعل أعينكم تخرج من مكانها (من شدّة الثقة والتفاؤل بالمستقبل)، إنه أمرٌ جنوني»، قبل أن يستطرد: «ماذا يجب أن أقول بعد خروجنا؟ بالطبع نريد أن نصبح أبطال العالم».
وبعد إقناع كروس بالعودة عن اعتزاله الدولي، عمل ناغلسمان على تنشيط المنتخب الألماني وأجرى 11 تغييراً مستبعداً ليون غوريتسكا وسيرج غنابري وماتس هوملز، في حين استعان بعدد كبير من لاعبي باير ليفركوزن، بطل الدوري، وشتوتغارت.
وفازت ألمانيا بثلاث مباريات من 11 في 2023، لكن الخسارة أمام إسبانيا، كانت الأولى في 2024 مقابل 6 انتصارات وتعادلين.
وطلب ناغلسمان من كروس، الذي اعتزل اللعب الدولي في 2021، العودة قبل كأس أوروبا، ووافق على ذلك لشعوره أن ألمانيا لديها فرصة حقيقية للفوز بالبطولة.
وأسدل كروس (34 عاماً)، الستار على مسيرته، وهو يعلم أن ألمانيا في أيد أمينة لكن «الأمر مؤلم، لاسيّما بهذه الطريقة. كنا بالتأكيد على المستوى نفسه مع إسبانيا».
وأضاف: «لكن عندما يختفي هذا الشعور الأولي بالحزن، سندرك أننا عدنا لنكون بين الأفضل مجدّداً».
ورغم أن جمال موسيالا وفلوريان فيرتز لم يتجاوزا الـ 21 من عمرهما وكاي هافيرتز في الـ 25 فقط، يحتاج ناغلسمان إلى عملية إعادة بناء جزئية، لاسيّما أن فريقه كان الأكبر سناً بين المنتخبات الـ24 في كأس أوروبا.
وإلى جانب كروس، هناك عدد من اللاعبين المرشّحين لمغادرة المنتخب نهائياً، مثل توماس مولر (34 عاماً)، الذي قال بعد المباراة: «من الناحية الواقعية، من الممكن أن تكون هذه آخر مباراة دولية لي».
أما نوير (38 عاماً)، فقال إنه «سأفكر في الأمر بعد البطولة». وحتى أن القائد إيلكاي غوندوغان (33 عاماً)، قال إنه «بحاجة لبضعة أيام للتفكير في الأمر ثم سأتخذ القرار».