كونا – بحفظ الله ورعايته، يغادر صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، والوفد الرسمي المرافق لسموه أرض الوطن اليوم، مُتوجّهاً إلى جمهورية تركيا في زيارة دولة، هي الثامنة لسموه منذ توليه مقاليد الحكم في ديسمبر الماضي، بعد زيارات مماثلة إلى دول مجلس التعاون الخليجي (السعودية – عُمان – الإمارات – قطر – البحرين) وزيارتي الأردن ومصر.
مسيرة تعاون طويلة
وعلى مدار ستة عقود من العلاقات الديبلوماسية بين الكويت وتركيا، تبرز مسيرة حافلة من التعاون بين البلدين، ومحطات تاريخية ومفصلية أثبتت قوة ومتانة ما يربطهما من احترام متبادل وتوافق في المصالح والرؤى المشتركة حيال أهم القضايا الإقليمية والدولية.
وتتوج زيارة الدولة لسمو أمير البلاد إلى تركيا مسيرة طويلة من التعاون الكويتي – التركي شهدت تطوراً ملحوظاً ومستمراً، وسط حرص قيادتي البلدين الصديقين على تعزيزها لتشمل جميع المجالات بما يسهم في تحقيق مصالحهما المشتركة.
وتقوم العلاقات الكويتية – التركية على أسس مُتجذّرة من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والتنسيق حيال القضايا ذات الاهتمام المشترك، واستثمار الصلات الثقافية والتاريخية والدينية التي تجمع البلدين والشعبين في تعزيز أواصر الصداقة بينهما وترسيخها.
شريك الأوقات الحرجة
وخلال العقود الستة الماضية، برزت تركيا شريكاً حقيقياً في الأوقات الحرجة التي شهدتها الكويت، لاسيما خلال الساعات الأولى للغزو العراقي للبلاد، حين ندّدت تركيا بهذا العمل الهمجي، مؤكدة أنه عدوان واعتداء على القانون الدولي ومبدأ الشرعية الدولية وأعلنت تضامنها مع الكويت للمطالبة بعودة السيادة والاستقلال إليها.
وعقب تحرير الكويت العام 1991، شهدت العلاقات الكويتية – التركية تطوراً لافتاً، لاسيما بعد زيارة أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه إلى أنقرة في نوفمبر 1991، أعرب خلالها عن تقدير الكويت وامتنانه الشخصي لموقف تركيا من الغزو العراقي وتضامنها مع الحق الكويتي.
وعلى إثر ذلك، تواصلت الزيارات بين البلدين على شتى المستويات وشهدت ترسيخاً وتطوراً تمثل في اتفاقيات كثيرة تم توقيعها في شتى المجالات.
دعم الشرعية
في المقابل، كان للكويت مواقف داعمة ومساندة لتركيا، لاسيما حين شهدت منتصف يوليو 2016 محاولة انقلاب فاشلة، استهدفت السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسساتها، فكانت الكويت في مقدمة الدول التي دعمت الشعب التركي وحكومته المنتخبة ديموقراطياً.
وحينها بعث الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد طيب الله ثراه، برقية إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هنأه فيها بنجاح الشرعية وانتصار الديموقراطية وإرادة الشعب التركي الصديق بالمحافظة على مكتسباته الدستورية، والتي مكنت الشعب التركي من تجنب معاناة ومآسٍ كثيرة وحقن دماء الأبرياء.
تطابق الرؤى
وتتميز الرؤى الكويتية – التركية بوجود تطابق في ما يخص أهم القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك، حيث يتفق الجانبان على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، والتنديد بالأعمال العدوانية للاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وضرورة تخفيف معاناته وتعزيز الأمن والسلم الدوليين والتصدي لظاهرة الإرهاب والتعبير عن الرفض التام لمحاولات ربط الممارسات الإرهابية والإجرامية بأي دين أو فئة.
وعلى الصعيد البرلماني، فإن التعاون بين مجلس الأمة الكويتي ومجلس النواب التركي متنامٍ على الدوام عبر لجنة الصداقة المشتركة وتبادل الزيارات والتنسيق المستمر في المحافل المختلفة في شأن القضايا الإقليمية والدولية.
مساعدات وإغاثة
وفي فبراير 2023، سارعت الكويت إلى إرسال مساعدات عاجلة لتركيا إثر الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق عدة فيها وأطلقت حملة إغاثة عاجلة، بتوجيهات الأمير الراحل الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه.
كما أسهمت الكويت في إطفاء الحرائق التي اندلعت في مناطق عدة بتركيا العام 2021، وأهدت إلى تركيا 6 آليات ولوازم متطورة للمكافحة والسيطرة على كل أنواع الحرائق.
وعلاوة على ذلك، تساهم الكويت بشكل كبير في تخفيف العبء عن الحكومة التركية التي تستضيف نحو 3 ملايين لاجئ سوري، من خلال استضافتها لمؤتمرات المانحين لدعم الوضع الإنساني في سورية، والمساعدات الإنسانية لهم، وافتتاح مشاريع عديدة عبر المؤسسات والجمعيات الخيرية الكويتية.
محطات وأرقام
• 1969: وقعت الكويت وتركيا اتفاقية لإقامة علاقات ديبلوماسية، أعقبها تبادل افتتاح السفارات في البلدين العام 1970.
• 1983: توقيع اتفاقية للتعاون الاقتصادي والصناعي والفني، أثمرت تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة للتعاون الاقتصادي.
• منذ العام 1988 يرتبط البلدان باتفاقية لتشجيع الاستثمار وحمايته.
• 24 أكتوبر 2013: عقدت اللجنة العليا المشتركة اجتماعها الأول بالكويت. وعقدت آخر اجتماعاتها في أنقرة في أكتوبر العام 2019.
• يرتبط البلدان بنحو 62 اتفاقية تشمل كل مجالات التعاون.
• تبلغ الاستثمارات الكويتية في تركيا نحو 2.5 مليار دولار، تنفيذاً للرؤية التنموية للكويت الهادفة إلى بناء قوة استثمارية إقليمية مع الاقتصادات المتقدمة والمستدامة ومنها تركيا.
• تعمل نحو 447 شركة كويتية في تركيا.
• نحو 50 شركة تركية في الكويت، يعمل معظمها في مشروعات البنى التحتية، حيث نفذت نحو 50 مشروعاً بقيمة إجمالية تقدر بنحو 9 مليارات دولار في مقدمتها المبنى الجديد لمطار الكويت الدولي.
• في يونيو 2023، وضمن شراكة البلدين في مجال الدفاع، تعاقدت وزارة الدفاع لتوريد منظومة طائرات من دون طيار من طراز (بيرقدار TB2) التركية بقيمة 367 مليون دولار، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية للجيش.