التدريب الرياضي: هل يجب أن تتدرب النساء بشكل مختلف؟

يقطع الكثير من الأشخاص في بداية العام الجديد وعودًا على أنفسهم بإجراء تغييرات على نمط حياتهم، وغالبًا ما تكون هذه الوعود متعلقة بصحتهم.

وتنتشر مع بداية كل عام العديد من مقاطع الفيديو المضحكة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تبشر بأن النوادي الرياضية ستمتلئ بالمشتركين الجدد مع بداية العام الجديد، لكن سيختفي قسم كبير منهم مع انتهاء الشهر الأول.

وعلى الرغم من ارتفاع اهتمام جميع فئات المجتمع بالرياضة خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بعد انتهاء فترة وباء كوفيد-19، إلا أن النساء كانت الفئة الأكثر اهتمامًا بالبدء بممارسة الرياضة والتسجيل في النوادي الرياضية، بحسب البيانات في دول كثيرة حول العالم.

هل على النساء التدرب بشكل مختلف؟

وتتابع زاويل أن الباحثين ذكروا أن التغير في مستوى الأداء كان سببه في غالبية الأحيان متلازمة ما قبل الحيض وما ينتج عنها، مثل الشد العضلي في منطقة البطن أو ما يسمى بعسر الطمث قبل الدورة الشهرية، أو التغير المزاجي والشعور بالتعب، ولم يكن ذلك ناتجًا عن عدم قدرة جسدية حقيقية على ممارسة الرياضة.

ومن تجربتها الشخصية، تقول داليا إنها تعاني من ألم في الظهر خلال فترة الطمث، وعندما تتدرّب باستخدام الأوزان الثقيلة، تشعر بألم في ظهرها يستمر لفترة أطول من المعتاد، قد تمتد لأسبوع أو اثنين. بينما لا يحدث ذلك عندما تقرر التدرب بوزن أقل من المعتاد في اليوم الأقسى من الطمث.

ولذلك، تنصح داليا النساء بالاستماع إلى أجسادهنّ وتعديل قساوة التمرين وفقًا لما يشعرن به، وأن يسألن أنفسهن: “هل أنا فعلاً غير قادرة على التمرين، أم أنني فقط غير متحمسة لذلك؟ هل أنا مرهقة حقًا، أم يمكنني التمرين ولو بوزن أقل من المعتاد؟”.

وتضيف: “هناك نساء يشعرن بأنهنّ أقوى من المعتاد في فترة متلازمة ما قبل الحيض، بينما تشعر أخريات بالقوة خلال فترة الطمث، وأخريات يشعرن بالضعف في هذه الفترة. وقد يختلف ذلك من شهر إلى آخر لدى نفس السيدة أيضًا”.

وتشير المدربة الرياضية إلى أن “نظام حياة كل امرأة يختلف عن الأخرى، وتختلف أيضًا تجربتها وخبرتها في التدريب، بالإضافة إلى وزنها ووزن كتلتها العضلية. فجميع هذه التفاصيل مهمة وقد تحدث فارقًا. ولذلك، لا يمكننا اعتماد جدول تدريب موحد لجميع النساء”.

وتقول: “في النهاية، تشير نتائج الدراسات إلى متوسط الأشياء بشكل عام، ولا تكون نتائجها شاملة أو فردية أو قاطعة”.

وتضيف: “ولذلك، لا يجب أن نتبع الدراسات بشكل حرفي، لأنها قد لا تناسب فرديتنا بتفاصيلها. لكنها تعطينا معلومة علمية نستند إليها ونبني عليها تفاصيل أخرى، انطلاقًا من خبرتنا كمدربين وتجارب المتدربين الشخصية، لننصحهم بما هو الأفضل لصحتهم والأكثر ملاءمة أيضًا لأسلوب حياتهم”.

متى تكون النساء “أكثر عرضة للإصابة”؟

يشير حسن عون، وهو مدرب رياضي حاصل على ماجستير في القوة والتكيف الرياضي من فرنسا، وماجستير آخر مخصص لتدريب لاعبي كرة القدم، في حديثه لبي بي سي عربي، إلى أن إحدى الدراسات العلمية التي بحثت في أسباب الإصابات المرتفعة في الرباط الصليبي الأمامي لدى لاعبات كرة القدم، أثبتت أن لاعبات كرة القدم المحترفات عرضة للإصابة بالرباط الصليبي الأمامي بنسبة 6 مرات أكثر من الرجال.

ويجعل الإستروجين الأربطة، مثل الرباط الصليبي الأمامي، أكثر رخاوة وقابلية للتمدد.

ويضيف عون أن أحد الأسباب وراء ذلك يتعلق أيضًا بأن لدى النساء زاوية أكبر لعضلات الأرجل الخلفية، ما يضع الركبة في وضعية غير صحيحة أحيانًا، مما يزيد من نسبة تعرضهن للإصابة.

إلا أن ما أثبتته الدراسات، بحسب عون، هو أن النساء لديهن أفضلية فيما يتعلق بالوقت المطلوب للتعافي بعد تمرين رفع الأثقال مقارنة بالرجال.

ويشير عون إلى أن “السبب وراء ذلك غير واضح، لكنه من الممكن أن يرتبط بحقيقة أنهن يحملن في الإجمال أوزانًا أقل من الرجال، لأن وزنهن عادةً ما يكون أقل وكتلتهن العضلية أقل أيضًا، وبذلك يحملن أوزانًا أقل ويحتجن، بسبب ذلك، إلى قسط أقل من الراحة للتعافي”. ويضيف: “لكن ليس من الواضح حتى الآن إذا ما كانت هناك عوامل أخرى أيضًا وراء ذلك تتعلق بجنسهن وهرمونات جهازهن التناسلي”.

هل النساء أقوى في الجزء السفلي؟

قال لنا عون إن هناك بعض الحقيقة في ذلك، إذ إن عضلات النساء تتوزع بشكل أكبر في الجزء السفلي من جسدهن مقارنةً بالجزء العلوي. ولذلك، تعاني النساء عادةً في التدريب بأوزان ثقيلة جدًا في الجزء العلوي.

ومن جهتها، تقول زاويل إنه وعلى الرغم من أن الرجال عادةً ما يكون جسمهم العلوي أضخم من النساء، لأن لديهم عددًا أكبر من مستقبلات الأندروجين (التي تبني العضلات) في هذا الجزء من الجسم، ولديهم عضلات أكثر من النساء في هذا الجزء أصلاً قبل أي تمرين، إلا أن النساء يحرزن تقدماً أسرع من الرجال في هذه المنطقة.

وتضيف: “إلا أن هذا التقدم مرتبط بحجم عضلاتهن في الأساس، ولذلك، تبقى قوتهن أقل من الرجال في طبيعة الحال”.

ويجمع المدربان على أن أكثر ما يجب على النساء الانتباه إليه هو أن عدم تقويتهن للجزء العلوي من الجسم سيحد من تقدمهن في رفع الأثقال في الجزء السفلي، إذ تتطلب بعض الحركات المهمة، مثل الديدليفت الروماني، قوة في اليدين لحمل الثقل وتدريب الجزء السفلي من الجسم.

لذلك، فإن العامل الذي يقيد حملهن لأوزان ثقيلة في الجزء السفلي من جسمهن هو التعب الذي يشعرن به في اليدين، وليس عدم قدرتهن على رفع الوزن باستخدام الرجلين.

الحماية من تأثيرات الشيخوخة

يهتمّ قسم كبير من الشابات اللواتي يمارسن الرياضة بشكل عام بخسارة الوزن أو تحسين شكل الجسم كي يصبح أكثر تناسقاً.

إلا أن فوائد التدريب الرياضي وحمل الأثقال على النساء بشكل خاص، أبعد من ذلك بكثير، خصوصاً في ما يتعلق بتهيئة الجسم لمراحل العمر المتقدمة.

فالنساء أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام من الرجال، لأن التغيرات الهرمونية وانخفاض مستويات هرمون الاستروجين الذي يحدث عند انقطاع الطمث، يؤثر بشكل مباشر وسريع على كثافة العظام، بينما يستمر الرجال في إنتاج هرمون التستوستيرون في سن الشيخوخة، وهو الأساسي لديهم لكثافة عظامهم.

وبحسب هيئة الخدمات الصحية في بريطانيا، يبدأ الشخص في فقدان كثافة العظام بشكل تدريجي بدءاً من عمر 35 عاماً تقريباً.

لكنها تُنبّه إلى أن ذلك يجب أن يكون مرفقاً بتناول كمية كافية وعالية من البروتين.

وتشير إلى أنه “وفي حال قام الشخص بتمارين رياضية دون تناول الطعام المغذي اللازم، وهنا نشدد على البروتين، وهو العنصر الغذائي المسؤول عن بناء العضلات، فقد نضر أنفسنا ونعرض أنفسنا للإصابة”.

وتضيف زاويل: “في المستقبل، كي تستطيعين دخول الحمام، أو صعود الدرج، أو حمل أغراض المطبخ لتحضير الطعام، كي تستطيعين القيام بالأشياء اليومية البسيطة، عليكِ أن تبني قوة جسدك لذلك”.

وتتابع: “هناك الكثير من النساء اللواتي يجلسن ولا يستطعن بعدها الوقوف. وهنا تتجلى أهمية تدريبات السكوات (القرفصاء). إذا كنتِ تقومين بتمارين السكوات وقادرة على حمل وزن خارجي إضافي على وزن جسدك، فهذا يعني أنكِ قادرة على حمل وزن جسمك بسهولة”.

وأشارت داليا إلى أن “بعض الدراسات أظهرت أن رفع الأثقال لا يحمي فقط من هشاشة العظام، بل استطاع في بعض الحالات أن يسترجع قوة العظام، فأعادت بناء نفسها”.

 

المصدر: BBC