الدردشة مع غرباء تجعلنا أكثر سعادة، فكيف نأخذ هذه الخطوة؟

تخيّل أن أبسط تفاعل بين الناس، مثل دردشة سريعة في مقهى أو تحية عابرة على أحدهم في الشارع، يمكن أن تكون المفتاح لجعل الناس أكثر سعادة.

تسهم نتائج دراسة أجريت مؤخراً في تركيا في توسيع قاعدة الأبحاث العالمية حول دور التواصل الاجتماعي في تحسين مزاج الأفراد.

وتقول المؤلفة الرئيسية للدراسة من كلية العلوم الاجتماعية في جامعة سابانجي، إسراء أسجيجل: “وجدنا أن التفاعلات العفوية مع الأشخاص الذين لا تربطنا بهم علاقة عاطفية لها تأثير إيجابي على الشعور بالرضى”.

وتطرح مؤلفة الرسالة أمثلة، ذكرت منها؛ شكر السائق عند النزول من الحافلة أو تحية الوجوه المألوفة.

تقول الدكتورة جيليان ساندرسترم، أستاذة علم النفس في جامعة ساسكس في المملكة المتحدة، إن الحديث إلى الغرباء يحسن المزاج ويجعل الناس يشعرون بترابط أكبر مع محيطهم.

ومنذ أن بدأت الدكتورة ساندرسترم الاهتمام بهذا الموضوع قبل أكثر من عقد من الزمان، تحدثت مع مئات الغرباء رغم أنها تصف نفسها بأنها شخص خجول ومنطوٍ. وتعتقد أن هذه التجارب قد غيرت رؤيتها للآخرين وجعلتها تثق بالناس أكثر.

وتقول: “في الغالب، تكون التجربة ممتعة. أحياناً لا يحدث شيء مميز. لكنني تعلمت الكثير من الأشياء، وسمعت قصصاً ممتعة، وتلقيت نصائح وتوصيات. يجعلني هذا أشعر بأنني جزء من مجتمع، ويجعلني أشعر بالأمان أكثر”.

ويضيف: “يسهم هذا الشعور بالتأثير إيجابياً على رفاهية الأفراد”.

لماذا يصعب التحدث مع الغرباء؟

وفقاً للدكتورة ساندرسترم، كثيراً ما لا يدرك الناس فوائد الدردشة القصيرة، إذ يعتبرونها غير مفيدة أو غير جديرة بوقتِهم. لكن الحاجز الأكثر شيوعاً هو الخوف.

يضيف إيتارو إيشيغورو أن الكثيرين أيضاً يقلقون بشأن ما إذا كانت التفاعلات الصغيرة مقبولة ثقافياً، وأن مستوى القبول يمكن أن يختلف حتى داخل نفس البلد.

ويقول: “على سبيل المثال، عندما كنت أمشي مع طفلي في شوارع هيروساكي، وهي مدينة صغيرة في منطقة توهوكو في اليابان، كان العديد من الناس يقتربون منا ويقولون أشياء مثل ‘ما أروع هذا الطفل!’. ومع ذلك، عندما انتقلت إلى منطقة طوكيو الكبرى، نادراً ما حدث ذلك.”

اعتبارات السلامة

وتقول الدكتورة جيليان ساندرسترم: “الآن أصبحت النصائح أكثر دقة. نعم، يمكن أن يكون الغرباء خطرين، ولكن هناك أيضاً غرباء نلجأ إليهم طلباً للمساعدة”.

على سبيل المثال، في المملكة المتحدة يُعلم الأطفال كيفية التعرف على “الغرباء الآمنين” الذين يمكنهم الوثوق بهم، مثل الآباء مع أطفال آخرين أو الأشخاص الذين يرتدون زياً موحداً مثل رجال الشرطة أو موظفي السوبر ماركت.

وتؤكد الدكتورة ساندرسترم أنها مقتنعة بوجود العديد من الطرق الآمنة للتفاعل مع الغرباء بالنسبة للبالغين.

خمس طرق لتبدأ محادثة مع غريب

تشارك الدكتورة ساندرسترم بعض النصائح حول كيفية بدء محادثة سريعة مع شخص لا تعرفه:

ابحث عن شيء مشترك: لهذا السبب يتحدث الناس عن الطقس، لأنه شيء نشاركه جميعاً. أو إذا كنت في حديقة ورأيت زهور الربيع تتفتح، يمكنك لفت انتباه شخص آخر لذلك.

كن فضولياً، واطرح سؤالاً: غالباً ما أسأل الناس عمّا يفعلونه. رأيت شخصاً يحمل كاميرا ويأخذ صورة لجدار، فسألته: ‘ماذا تفعل؟’ أو إذا كنت في القطار ورأيت شخصاً يحمل حقيبة سفر، يمكنك أن تسأل: ‘إلى أين تسافر؟’ الأمر يتعلق بالاهتمام بمحيطك ولاحظ الأشياء.

“طالما سألت بطريقة خفيفة الظل وليست اتهامية، فإن الناس عادةً ما يكونون سعداء بالدردشة.”

في المتحف أو مكان ذي أهمية: اسأل أحد العاملين عن أكثر شيء مفضل لديهم هناك. قد يلفتون انتباهك لأشياء لم تلاحظها من قبل ويشاركونك قصة رائعة.

الناس سعداء بتقديم التوصيات ومشاركة النصائح إذا طلبت: من ناحية أخرى، يمكنك أنت أيضاً تقديم المساعدة. إذا رأيت شخصاً في موقف صعب، يمكنك أن تقول: “هل تحتاج إلى مساعدة؟”

 

المصدر: BBC