برعاية وزير الشباب والثقافة والتواصل في المملكة المغربية محمد بنسعيد، يشارك رئيس مركز البحوث والدراسات الكويتية د. عبدالله الغنيم في الاحتفالية الرسمية ليوم المخطوط العربي تحت شعار «تراثنا المخطوط ومقومات التواصل الحضاري»، بحضور المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) د. محمد ولد أعمر، ومدير معهد المخطوطات العربية د. مراد الريفي، وباقة كبيرة من العلماء والباحثين.
وفي كلمة للدكتور الغنيم، أعرب عن سعادته بالتواجد في هذا الصرح العلمي، المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، التي كانت دائماً رافداً مهماً للمشتغلين بتحقيق التراث العربي، من خلال ما تحفل به هذه المكتبة من نوادر كتبه ومخطوطاته، مؤكداً أنه كان ولا يزال أحد هؤلاء الذين كان لهم شرف الإفادة من هذه المكتبة الثرية، خلال بحثه عن الأعمال المخطوطة لأبي عبيد البكري.
وأوضح الغنيم أن علاقته بالمغرب وعلمائه بدأت في بيت الأستاذ الكبير العلامة محمود محمد شاكر بالقاهرة، الذي كان ملتقى العلماء من مختلف البلاد العربية والإسلامية، فهناك التقى مجموعة من كبار علماء المغرب، منهم العلامة الراحل عبدالله كَنون، وأيضاً الراحلان محمد بن شريفة وعباس الجراري وغيرهم من علماء المغرب الذين كانوا يفدون إلى القاهرة في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، موضحاً أن أولى رحلاته إلى المغرب كانت عام 1971، بهدف البحث عن مخطوطات كتب أبي عبيد البكري، الذي كان موضوع رسالته للماجستير، وقد حمل معه رسالة توصية من محمود شاكر إلى صديقه العلامة الشيخ علال الفاسي.
كثر أدعياء التحقيق الذين لا يمتلكون أدواته وفنونه فعبثوا بالتراث العربي
وأضاف: «رغم حداثة سني، آنذاك، فقد اهتم بي – رحمه الله – غاية الاهتمام، فجمع لي في بيته نخبة من العلماء، أذكر منهم الشيخ محمد إبراهيم الكتاني محافظ الخزانة العامة بالرباط، والعلامة الشيخ محمد المنوني، يسَّر لي أولهما الحصول على صورة من جميع مخطوطات معجم البكري ومسالكه المحفوظة بالخزانة المذكورة، وبسرعة لم أكن أتوقعها. أما محمد المنوني، فقد أمدني بقطعة مصورة نادرة من مخطوطات كتاب المسالك والممالك للبكري تُعد من أفضل القطع وأقدمها، وكانت معتمدي الأساسي في تحقيق بعض أجزاء ذلك الكتاب، رحمهما الله وجزاهما عني خير الجزاء، وما ذكرته عن علاقتي بالمغرب وعلمائه فيه بيان بقيمة التواصل بين الباحثين والمحققين والعلماء، والفوائد التي تعود على الجميع من تبادل المعلومات في مجال التراث العربي ومخطوطاته، والأخذ عن شيوخ العلم ورواده. وهو الأمر الذي ضعف كثيراً في وقتنا الراهن رغم معطيات التواصل الآلية الحديثة».
وبمناسبة «يوم المخطوط العربي»، قال الغنيم: «لا بد من وقفة اعتبار وتأمل في الحصيلة الكبيرة من منشورات التراث العربي المخطوط التي نراها بين أيدينا في العقود الأخيرة، فقد راجت سوق التراث رواجاً كبيراً، وكثر أدعياء التحقيق الذين لا يمتلكون من أدواته وفنونه شيئاً، فعبثوا بالتراث العربي، وأساؤوا إلى نصوصه إساءة كبيرة، بل سطا بعضهم على أعمال الآخرين، ونشروها بأسمائهم دون وازع من خلق أو ضمير، لذلك أدعو إلى القيام بحملة نقدية لا مجاملة فيها لذلك النوع من الأعمال، للتخفيف من الجرأة على التراث العربي دون استكمال الأدوات اللازمة للعمل في مجاله، وكشف من لا يتورعون عن السطو على أعمال الآخرين، ولا شك في أن النقد الموضوعي بشكل عام يفيد الجميع، فربما كان المحقق عالماً مرموقاً، لكن لسبب من الأسباب فاته الاطلاع على نسخة لها قيمتها تضيف إلى عمله شيئاً جديداً».
ودعا إلى إعادة النظر في نشر بعض الكتب التي تم تحقيقها ونشرها في أوروبا، خصوصاً بالقرنين الماضيين، مثل: أعمال رينو ووستنفلد ودي خوية وغيرهم، فقد تم اكتشاف آلاف المخطوطات، وتم نشر فهارس كثير من المكتبات أمكن من خلالها العثور على نسخ جديدة من الكتب المذكورة ربما تستلزم إعادة تحقيقها ونشرها، كما حرص على تهنئة المكرمين بالفعالية، وهم: مؤسسة التراث والبحوث الإسلامية ببيت المقدس، ود. أحمد فؤاد باشا، ود. عبدالإله بن عرفة، وعبدالله محمد بلال، متوجهاً بالشكر لوزارة الشباب والثقافة والتواصل والمكتبة الوطنية بالرباط، ومعهد المخطوطات العربية، لضيافتهم الكريمة، وتنظيم الاحتفالية.