في وقت ما، بدا أن شركة “تسلا” لا يمكن أن ترتكب أي خطأ.
فخلال ما يزيد قليلاً عن عقد من الزمن، تحوّلت الشركة من شركة تكنولوجية ناشئة إلى شركة ضخمة لتصنيع السيارات، واستثمرت المليارات في أعمالها في مجال الطاقة النظيفة، وشهدت قيمتها السوقية ارتفاعاً كبيراً.
لكن الشركة تعاني الآن من تراجع مبيعات سياراتها، والمنافسة الشديدة من العلامات التجارية الصينية، فضلاً عن المشاكل التي تواجهها سيارة “سايبر تراك” التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.
وقد أثر انخفاض المبيعات على إيرادات تسلا وأضرّ بأرباحها. وانخفض سعر سهمها بأكثر من الربع منذ بداية العام الحالي.
وأضاف: “لقد كان العالم يتوهم أن السيارات الكهربائية لا يمكن أن تكون بنفس جودة السيارات التي تعمل بالبنزين”.
وعلى الرغم من أن الطرازات الجديدة مثل “نيسان ليف” بدأت في اكتساب شعبية كبيرة، إلا أنها لم تحقق تأثيراً كبيراً في السوق الأوسع نطاقاً.
كان الموديل “إس” قوياً ويتمتع بأداء السيارات الرياضية، إذ يمكنه قطع مسافة تصل إلى 265 ميلاً بالشحنة الواحدة. لم تكن السيارة رخيصة الثمن، حيث بدأ سعرها من 57 ألف دولار (47 ألف جنيه إسترليني) في الولايات المتحدة للنسخة الأقل أداء، ولكنها بالتأكيد حققت نقلة ما.
وتمتلك تسلا الآن مصانع ضخمة لتصنيع السيارات في شنغهاي وبرلين، بالإضافة إلى منشأتها الأصلية في فريمونت بكاليفورنيا، وعدد من المواقع الأمريكية الأخرى.
وفي العام الماضي، قامت الشركة بتسليم 1.8 مليون سيارة، مما يشير إلى أنها رسخت مكانتها بقوة كشركة مصنعة في السوق العالمي.
ولكن وفقاً للبروفيسور بيتر ويلز، مدير مركز أبحاث صناعة السيارات في جامعة كارديف، فإن هذا جزء من المشكلة، يقول ويلز: “عندما ظهرت شركة تسلا لأول مرة، كان لديها منتج جديد مثير، ورئيس تنفيذي يتمتع بشخصية كاريزمية، وكانت الشركة رائدة حقاً”.
يقول البروفيسور ويلز إن شركات أخرى، مثل شركة “نيو” الصينية، تقدم منتجات أكثر إثارة، كما تقدم شركة “بي واي دي” الصينية أداءً جيداً بأسعار أقل، ويضيف ويلز: “في الأساس، لقد لحق العالم بشركة تسلا”.
لا شك أن هناك منافسة أكبر بكثير مما كانت عليه في السابق. في أعقاب فضيحة التلاعب في بيانات انبعاثات الديزل التي اجتاحتها في عام 2015، بدأت شركة “فولكس فاجن” في ضخ الأموال في صناعة السيارات الكهربائية.
ومع بدء الحكومات في جميع أنحاء العالم النظر بجدية في فرض حظر نهائي على بيع السيارات الجديدة التي تعمل بالبنزين والديزل، سرعان ما تبعتها الشركات المصنعة الأخرى. أصبح لدى العملاء الذين يبحثون عن سيارة كهربائية ذات مدى وأداء جيدين الآن الكثير من الخيارات.
وكانت النتيجة هي النمو السريع لعلامات تجارية مثل “بي واي دي”، التي تفوقت على تسلا لتصبح أكبر مُصنِّع للسيارات الكهربائية في العالم نهاية العام الماضي.
وفي الوقت نفسه، مع ازدياد رسوخ سوق السيارات الكهربائية، تم كبح جماح الدعم في العديد من أنحاء العالم لمساعدة المستهلكين على شرائها. وقد يكون هذا أحد الأسباب التي أدت إلى تراجع النمو الهائل في مبيعات السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة، واضطرار الشركات المصنعة نفسها إلى خفض أسعارها.
يقول شميت: “إن وزراء المالية الذين كانوا سعداء في السابق بتقديم حوافز مغرية لشراء سيارة كهربائية تعمل بالبطارية في بيئة سوق بدت خالية من السيارات الكهربائية إلا سيارة تسلا، أصبحوا الآن يقبضون على محافظهم المالية”.
إحدى الأسواق التي يبدو أن هذا الأمر كان له تأثير عميق عليها هي ألمانيا، فقد تم إنهاء خطة دعم تقدم آلاف اليوروهات من تكلفة السيارة الكهربائية الجديدة بشكل مفاجئ في ديسمبر/ كانون الأول.
وانخفضت مبيعات السيارات الكهربائية هناك بشكل حاد في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، حيث عانت تسلا من انخفاض بنسبة 36 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من عام 2023.
فقد كتب الشهر الماضي على موقع “إكس” الخاص به: “لا أراهن على الشركة تماماً، ولكن المضي قدماً في مجال القيادة الذاتية خطوة واضحة بشكل مذهل. كل شيء آخر هو بمثابة هو بمثابة تغييرات في عربة الخيل”.
ومنذ فترة طويلة جداً، وماسك يتحدث عن احتمال تحقيق الاستقلالية الكاملة، ففي عام 2019، على سبيل المثال، وعد بأنه في غضون عام سيكون هناك مليون سيارة تسلا على الطريق قادرة على العمل كسيارات ذاتية القيادة (روبوتية) .
ولكن الواقع، حتى الآن، مختلف إلى حد ما، إذ لا تزال حزمة “القيادة الذاتية الكاملة” من تسلا أقل مما يوحي به عنوانها، فهي نظام يتطلب من السائق الانتباه في جميع الأوقات.
والسعي لتحقيق نظام “القيادة الذاتية الكاملة” يتناسب مع هوية تسلا كشركة تكنولوجية، وليس كشركة صناعة سيارات تقليدية، لكن منتقدي ماسك يعتقدون أنها مجرد ستار دخاني لصرف الانتباه عن المشاكل الأخرى.
وفي غضون ذلك، تعمل تسلا على خفض أسعارها لزيادة المبيعات، إضافة إلى خفض التكاليف وتقليل عدد الموظفين لتحسين هوامش أرباحها، مثلما قد تفعل أي شركة سيارات أخرى.