تعرف على الحرب الهجينة ولماذا يعتبرها الناتو شكل مواجهته مع روسيا؟

تحت غطاء الغموض وتعدد الأدوات، تتشكل ملامح حرب لا تشبه ما عرفه العالم في تاريخه الحديث، حرب بلا جبهات واضحة ولا إعلان رسمي، لكنها تترك بصماتها في الفضاء والبحر والإنترنت والأسواق المالية وحتى في العقول.

إنها الحرب الهجينة، التي يرى فيها حلف شمال الأطلسي “الناتو” عنوان المرحلة الجديدة من المواجهة مع روسيا.

اقرأ أيضا

list of 2 items

  • list 1 of 2لاجئون سودانيون يعبرون إلى تشاد سيرا على الأقدام هربا من الحرب
  • list 2 of 2بسبب العدوان الإسرائيلي.. غزة أكبر تجمع للمقابر في العالم

end of list

وفي تقرير أعده محمود الكن، تُرسم صورة لهذا النمط المعقد من الصراعات، حيث تتداخل فيه الوسائل العسكرية مع الاقتصادية والسياسية والإعلامية، لتخلق مزيجا يصعب تحديد حدوده أو حتى اتهام طرف محدد بالوقوف وراءه.

يقول الخبراء إن أبرز ما يميز الحرب الهجينة هو انعدام الوضوح بين السلم والحرب، فكل شيء يبدو رماديا، لا صوت رصاص واضح ولا اتفاق سلام نهائي، فقط تحركات غامضة توحي بأن المعركة جارية في الخفاء، وفي هذا الفضاء الرمادي تحديدا، تتقاطع مصالح الدول وتشتعل المواجهة دون أن تُعلن.

وفي الأجواء الأوروبية مثلا، شوهدت طائرات مسيّرة مجهولة تخترق أجواء بولندا ودول أخرى في الحلف، من دون أن يُعرف مصدرها بدقة، ووجهت بعض الحكومات أصابع الاتهام نحو موسكو، بينما نفت الأخيرة أي علاقة لها بالأمر.

وبين الاتهام والنفي تبقى الحقيقة معلقة، ويتحقق بذلك أحد أهم شروط الحرب الهجينة: الغموض والإسناد.

ولم تعد هذه الحرب حكرا على الأرض أو السماء، ففي الفضاء الخارجي ذاته، تحدثت برلين عن أقمار صناعية روسية تتتبع أقمارها المدنية المعروفة باسم “إنتلسات”.

برامج موازية

وأشار وزير الدفاع الألماني إلى أن موسكو وبكين طورتا قدرات قادرة على إعماء الأقمار الصناعية أو تعطيلها وحتى تدميرها، ما دفع الناتو إلى التفكير في برامج دفاعية وهجومية موازية تشمل زيادة قدرات الإطلاق الفضائي وتعزيز شبكة الأقمار الصناعية “نورثلينك” في المدار القطبي.

لكن المشهد لا يقف عند السماء، فالهجمات السيبرانية أصبحت سلاحا آخر في ترسانة الحرب الهجينة، فتقارير الناتو تشير إلى تصاعد هذه الهجمات بنسبة 25% خلال عام 2025 مقارنة بالعام السابق، مستهدفة قطاعات مالية وتكنولوجية حيوية في دول أوروبا الشرقية.

إعلان

وبرغم آثارها الاقتصادية والأمنية العميقة، فإن أحدا لا يملك دليلا قاطعا على مصدرها، وكأنها طلقات رقمية تُطلق من خلف ستار إلكتروني غير مرئي.

وحتى خطوط الغاز وكابلات الألياف الضوئية تحت البحر لم تسلم من هذا النمط من الهجمات، فعمليات تخريب متفرقة هزّت بعض الدول الأوروبية، من دون أن تُثبت مسؤولية أي طرف، ليظل الغموض سيد الموقف والاتهامات تدور في دائرة مغلقة.

وفي موازاة كل ذلك تتصاعد حرب المعلومات، حيث تغزو المنصات الرقمية موجات من الأخبار المضللة، تتلاعب بالعقول وتؤثر على الرأي العام، فتخلق فوضى ذهنية تعادل أثر الضربات العسكرية، وهي جبهة غير مرئية لكنها فعالة في إعادة تشكيل الوعي العام وإرباك الخصوم دون إطلاق رصاصة واحدة.

هكذا تتشكل الحرب الهجينة كما يراها الناتو؛ صراع متعدد الوجوه، لا يمكن حصره في معركة أو جبهة، ولا يقاس بحجم الدمار المادي فقط، بل بمدى اختراقه للأنظمة والعقول.

هي إذن حرب بلا إعلان ولا هدنة، حيث يصبح كل مجال -من الفضاء إلى الاقتصاد، ومن السيبرانية إلى الإعلام- ساحة مواجهة محتملة في عالم يزداد تشابكا وغموضا.

 

المصدر: الجزيرة