ربطت دراسة علمية حديثة بين الاستهلاك المنتظم للأطعمة فائقة المعالجة وزيادة ملحوظة في خطر الإصابة بسرطان الرئة، الذي يعد أكثر أنواع السرطان شيوعا على مستوى العالم.
ولا تمثل هذه الدراسة سوى حلقة جديدة ضمن سلسلة تحذيرات بشأن مخاطر الأطعمة فائقة المعالجة. ففي عام 2024، كشفت دراسة نشرتها المجلة الطبية BMJ عن وجود صلة بين الأطعمة فائقة المعالجة و32 تأثيرا صحيا ضارا، تتراوح بين أمراض القلب والسرطان والسكري من النوع الثاني، وصولا إلى مشاكل الصحة النفسية والوفاة المبكرة.
واليوم، يسلط الخبراء الضوء على علاقتها بسرطان الرئة تحديدا، والذي تسبب وحده في نحو 2.2 مليون إصابة جديدة و1.8 مليون وفاة على مستوى العالم في عام 2020.
وللبحث في هذه العلاقة، اعتمد الباحثون على بيانات شاملة من تجارب فحص السرطان في الولايات المتحدة، تضمنت متابعة أكثر من 101 ألف مشارك على مدى 12 عاما. وبعد تحليل العادات الغذائية وتصنيف الأطعمة إلى درجات متفاوتة من المعالجة، مع التركيز على مجموعة واسعة من المنتجات فائقة المعالجة مثل الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والحلويات، توصل الباحثون إلى نتائج مقلقة.
فقد أظهرت البيانات أن المشاركين الذين تناولوا أكبر كمية من الأطعمة فائقة المعالجة كانوا أكثر عرضة بنسبة 41% للإصابة بسرطان الرئة مقارنة بأولئك الذين تناولوا أقل كمية.
وعند التمييز بين نوعي المرض الرئيسيين، ارتفعت نسبة الخطر إلى 37% لسرطان الرئة ذي الخلايا غير الصغيرة وإلى 44% للخلايا الصغيرة. وقد بقيت هذه النتائج ذات دلالة إحصائية حتى بعد الأخذ في الاعتبار عوامل مؤثرة معروفة مثل التدخين وجودة النظام الغذائي العام.
وعلى الرغم من أن الدراسة تحمل طبيعة “مراقبة” ولا تثبت علاقة سببية مباشرة، إلا أن الباحثين يقدمون تفسيرات بيولوجية مقنعة لهذا الارتباط. فالأطعمة فائقة المعالجة لا تفتقر فقط إلى القيمة الغذائية، بل تحتوي على كميات مفرطة من الملح والسكر والدهون غير الصحية. كما أن عمليات المعالجة الصناعية المعقدة تغير التركيب الطبيعي للأطعمة وقد تؤدي إلى تكوين مواد ضارة، مثل مادة الأكرولين التي توجد أيضا في دخان السجائر. ولا يستبعد أن تلعب المواد الكيميائية المتسربة من عبوات التغليف دورا في زيادة المخاطر.
ويتفق خبراء التغذية مع ضرورة التعامل الحذر مع هذه النتائج. فكما يوضح اختصاصي التغذية روب هوبسون، لا يمكن الجزم بأن هذه الأطعمة “تسبب” السرطان مباشرة، لكن الدراسة تضيف دليلا مهما إلى الصورة الكلية التي تظهر الآثار الضارة للنظام الغذائي الحديث.
وبدلا من التركيز على منع أطعمة محددة، يقترح هوبسون نهجا عمليا يركز على التغييرات التدريجية، مثل زيادة الطهي المنزلي وإدخال المزيد من الأطعمة الكاملة مثل الخضروات والبقوليات، مع التأكيد على أن الهدف هو تحقيق توازن مستدام وزيادة الوعي بتأثير الخيارات الغذائية اليومية على الصحة بعيدة المدى.
وفي النهاية، تؤكد هذه الدراسة على الحاجة الملحة لإعادة تقييم البيئة الغذائية السائدة، حيث تسود الأطعمة فائقة المعالجة بسبب سهولة الحصول عليها وانخفاض تكلفتها وتسويقها المكثف. ويبدو أن الحد من استهلاكها، إلى جانب اتباع نظام غذائي متنوع وغني بالأطعمة الطبيعية، قد يكون استراتيجية وقائية مهمة في مواجهة أحد أكثر أنواع السرطان فتكا في عصرنا.
المصدر: إندبندنت
إقرأ المزيد
متى تصبح الشامة مقلقة؟.. علامات تستدعي الفحص الطبي فورا
تؤكد الدكتورة أوليسا فيشنيا، أخصائية الأمراض الجلدية، أن عدم تجانس لون الشامة، أو تغير شكلها، أو ظهور حكة أو نزف، قد يشير إلى تدهور الشامة.
تحليل واسع يكشف دور فيتامينات محددة في الوقاية من السرطان أو زيادته
كشفت دراسة أمريكية واسعة أن استهلاك بعض الفيتامينات قد يؤثر بشكل مختلف على خطر الإصابة بالسرطان، حيث ارتبطت بعض الأنواع بانخفاض الخطر، بينما زاد بعضها الآخر احتمالات الإصابة.
تحذير جديد.. الأطعمة فائقة المعالجة تعزز نمو الزوائد المعوية الممهّدة للسرطان
وجدت دراسة حديثة أن تناول الأطعمة فائقة المعالجة بانتظام يزيد احتمال إصابة النساء دون سن الخمسين بـ زوائد القولون، وهي تغيرات تعد مؤشرات مبكرة على خطر تطور سرطان الأمعاء.