توصل فريق من الباحثين، بقيادة جامعة بنسلفانيا، إلى نتائج هامة حول آلية عمل “هيدرالازين”، أحد أقدم أدوية ضغط الدم في العالم وأحد العلاجات الأساسية لتسمم الحمل.
وعلى مدار السبعين عاما الماضية، ظل “هيدرالازين” دواء أساسيا يستخدم لعلاج ارتفاع ضغط الدم، لا سيما في حالات تسمم الحمل التي تهدد حياة الأمهات (حالة صحية تحدث أثناء الحمل وتتميز بارتفاع ضغط الدم وبروتين في البول بعد الأسبوع العشرين من الحمل). ورغم استخدامه الواسع، ظلّ اللغز قائما حول آلية عمله الجزيئية، ما حدّ من فهمنا لكيفية تحسين فعاليته وسلامته، بالإضافة إلى إمكانيات استخدامه في علاج أمراض أخرى.
وفي دراسة جديدة، وجد الباحثون أن “هيدرالازين” لا يعالج ارتفاع ضغط الدم فقط، بل يمكنه أيضا إيقاف نمو أورام الدماغ العدوانية. وهذه النتائج تفتح أفقا لفهم كيفية تأثير العلاجات القديمة في مجالات طبية غير متوقعة.
ويقول كيوسوكي شيشيكورا، الطبيب والباحث في جامعة بنسلفانيا: “هيدرالازين يعد من أوائل موسعات الأوعية الدموية التي طُوّرت، وما زال علاجا أساسيا لتسمم الحمل، وهو اضطراب يسبب نسبة كبيرة من وفيات الأمهات حول العالم”. ويضيف: “حتى الآن، لم يكن أحد يعرف تماما كيف يعمل هذا الدواء على المستوى الجزيئي. ولكننا تمكنا من حل هذا اللغز”.
كيف يعمل “هيدرالازين”؟
يعتمد تأثير “هيدرالازين” على حجب إنزيم يسمى “2-أمينوإيثانيثيول ديوكسيغيناز” (ADO)، الذي يتفاعل مع مستويات الأكسجين في الأنسجة. ويعمل هذا الإنزيم كـ “جهاز استشعار” في الأوعية الدموية، حيث ينبهها إلى متى يجب أن تتقلص.
وتوضح ميغان ماثيوز، الباحثة في جامعة بنسلفانيا، قائلة: “إنزيم ADO يشبه جرس إنذار ينبه الجسم إلى نقص الأكسجين. وبينما تتطلب معظم العمليات البيولوجية وقتا طويلا للتفاعل، يتجاوز ADO هذه العمليات بسرعة كبيرة”.
ومن خلال حجب هذا الإنزيم، يسكت “هيدرالازين” الإنذار الخاص بنقص الأكسجين. ونتيجة لذلك، تظل البروتينات التي يحللها الإنزيم مستقرة، ما يؤدي إلى تقليل مستويات الكالسيوم في الخلايا، وهو العامل الرئيسي في توتر الأوعية الدموية. وهذا الانخفاض في الكالسيوم يجعل العضلات الملساء في جدران الأوعية تسترخي، ما يؤدي إلى توسيع الأوعية وانخفاض ضغط الدم.
من تسمم الحمل إلى علاج أورام الدماغ
قبل هذا الاكتشاف، كانت هناك مؤشرات من خبراء السرطان على أن إنزيم ADO قد يلعب دورا في سرطان الدماغ، خاصة في الأورام مثل الورم الأرومي الدبقي، التي تنمو في بيئات منخفضة الأكسجين. وقد أظهرت الدراسات أن المستويات المرتفعة من إنزيم ADO ومنتجاته الأيضية ترتبط بتزايد حدة المرض، ما دفع الباحثون للاشتباه في أن تثبيط هذا الإنزيم قد يكون وسيلة فعالة للعلاج.
ولتجربة هذه الفرضية، تعاون شيشيكورا مع خبراء الكيمياء الحيوية في جامعة تكساس، الذين استخدموا تقنيات متقدمة مثل البلورات بالأشعة السينية لتصوير “هيدرالازين” وهو يرتبط بالإنزيم ADO.
ووجد الفريق أن مسار ADO لا يقتصر على تنظيم انقباض الأوعية الدموية، بل يساعد أيضا خلايا الورم على البقاء في بيئات منخفضة الأكسجين. وبخلاف العلاج الكيميائي الذي يهدف إلى تدمير الخلايا السرطانية مباشرة، يعمل “هيدرالازين” على تعطيل حلقة استشعار الأكسجين، ما يؤدي إلى “شيخوخة” الخلايا السرطانية، حيث تصبح غير قادرة على الانقسام، وبالتالي يتوقف نمو الورم دون إثارة التهابات أو مقاومة.
والآن، يعمل الباحثون على تطوير مثبطات جديدة لإنزيم ADO تتسم بقدرة أعلى على استهداف أنسجة معينة، مع ضمان قدرة الدواء على عبور الحاجز الدموي الدماغي. (الهدف هو استهداف أنسجة الورم بشكل فعال دون التأثير على الأنسجة السليمة).
نشرت الدراسة في مجلة Science Advances.
المصدر: ميديكال إكسبريس
إقرأ المزيد
قواعد مهمة للوقاية من ارتفاع ضغط الدم
يعتبر ارتفاع ضغط الدم من أكثر الأمراض شيوعا، وسببا للكثير من الوفيات حول العالم سنويا، فما هي القواعد التي يجب أن نتبعها للوقاية منه والتقليل من أخطاره؟.
دواء جديد لارتفاع ضغط الدم قد يغيّر حياة نصف مليار إنسان!
أحرز فريق من الباحثين تقدما طبيا جديدا باكتشاف دواء فعال يخفض ضغط الدم بشكل ملحوظ لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط دم شديد لا يستجيب للعلاجات التقليدية.
روائح غير عادية قد تشير إلى وجود ورم في الدماغ
أفادت الدكتورة سونا إيساكوفا أخصائية الأورام أن الظهور المفاجئ لروائح غريبة أو مزعجة أو كريهة، لم تكن موجودة من قبل، قد يشير إلى مشكلات صحية محتملة، بما فيها ورم في الدماغ.
مضاعفات خطيرة لارتفاع مستوى ضغط الدم
تشير الدكتورة أناستاسيا مالاي أخصائية أمراض القلب والأوعية الدموية إلى أن ارتفاع مستوى ضغط الدم الشرياني هو مرض شائع وخطير ويتطلب الاهتمام الدقيق والمراقبة المستمرة.