رئيس وزراء أستراليا يواجه ضغوطا إسرائيلية بعد هجوم بوندي

يواجه رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي ضغوطا سياسية ودبلوماسية متزايدة، عقب الهجوم العنيف الذي وقع خلال احتفال بعيد الأنوار اليهودي (الحانوكا بالعبرية) على شاطئ بوندي الشهير في سيدني، في وقت يتصاعد فيه الجدل الداخلي حول كيفية تعامل الحكومة مع “معاداة السامية”.

وأدى الهجوم، الذي أوقع 16 قتيلا و40 مصابا، إلى تفاقم التوتر بين كانبيرا وتل أبيب، بعد أن انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما وصفه بتقاعس الحكومة الأسترالية عن مواجهة تصاعد معاداة السامية منذ عام 2023، قائلا إن ألبانيزي “لم يفعل شيئا” للحد من هذه الظاهرة.

وردّ ألبانيزي، اليوم الاثنين، بالدعوة إلى “وحدة الصف”، مؤكدا استعداد حكومته لاتخاذ “كل ما يلزم” لضمان أمن المواطنين، في ظل ضغوط داخلية متزايدة من قادة الجالية اليهودية لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة.

وأمس قال نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب في غزة- إن ما وصفه بـ”تساهل” الحكومة الأسترالية في التعامل مع تنامي معاداة السامية كان السبب وراء الهجوم.

اتهامات وتنديد

وأضاف “في 17 أغسطس/آب أي قبل نحو 4 أشهر، أرسلت رسالة إلى رئيس الوزراء الأسترالي.. كتبتُ: إن دعوتكم لإقامة دولة فلسطينية تصب الزيت على نار معاداة السامية، وتُكافئ إرهابيي حماس، وتُشجع من يهددون اليهود الأستراليين، وتغذي كراهية اليهود التي تعم شوارعكم الآن”.

واتهم نتنياهو الحكومة الأسترالية بـ”عدم اتخاذ أي إجراء”، فكانت النتيجة “الهجمات المروعة على اليهود التي شهدناها اليوم”، وفق تعبيره.

كما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن مجلس الأمن القومي أوصى الإسرائيليين في الخارج بعدم المشاركة في أي احتفالات غير مؤمنة.

وفي موقع الهجوم، قال ليفي وولف، كبير الحاخامات في الكنيس المركزي بسيدني، إن الحادثة تعكس “مستوى مروعا من معاداة السامية يطل برأسه في هذا البلد”، مضيفا أن التغاضي الرسمي عن هذه الظاهرة يؤدي إلى مثل هذه الهجمات.

إعلان

وخلال مؤتمر صحفي، عرض ألبانيزي حزمة من الإجراءات التي اتخذتها حكومته، من بينها تجريم خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وحظر التحية النازية، إلى جانب تعهده بتوسيع تمويل إجراءات الحماية الأمنية للمؤسسات اليهودية.

كما أشار إلى الحاجة لمراجعة قوانين الأسلحة النارية، على الرغم من أن أستراليا تطبق بالفعل أحد أكثر أنظمة الرقابة صرامة في العالم.

خطوات وانتقادات

لكن هذه الخطوات لم تُرضِ جميع المنتقدين، إذ قالت المبعوثة الخاصة المعنية بمكافحة معاداة السامية جيليان سيغال، إن الهجوم “لم يكن مفاجئا”، معتبرة أن المؤشرات التحذيرية كانت واضحة، وداعية إلى إجراءات أوسع تشمل تشديد قوانين جرائم الكراهية وفحص طالبي التأشيرات للكشف عن ميول متطرفة، مع التركيز على الجامعات والمؤسسات الثقافية ووسائل الإعلام.

في المقابل، حذّر مفوض التمييز العنصري في أستراليا جيريدهاران سيفارامان من أن بعض المقترحات قد تثير مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، مؤكدا أن العنصرية بجميع أشكالها تمثل آفة يجب التصدي لها بدون انتقائية.

وتشير بيانات التعداد السكاني لعام 2021 إلى أن عدد اليهود في أستراليا يبلغ نحو 117 ألف شخص، يشكلون أقل من 0.5% من إجمالي السكان، ويتمركز معظمهم في سيدني وملبورن، في مجتمع يتميز بتعدد ثقافي واسع، من ضمنه جالية لبنانية كبيرة ذات ثقل انتخابي.

ويأتي هذا الجدل في ظل سماح سلطات ولاية نيو ساوث ويلز، منذ عام 2023، بتنظيم مظاهرات أسبوعية في سيدني احتجاجا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وهو ما أسهم في تعقيد المشهد السياسي الداخلي.

علاقات وتوتر

وعلى الصعيد الدبلوماسي، شهدت العلاقات بين أستراليا وإسرائيل توترا منذ أغسطس/آب الماضي، عندما ألغت تل أبيب تأشيرات دبلوماسيين أستراليين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ردا على قرار كانبيرا الاعتراف بدولة فلسطين، وهو ما وصفته وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونغ حينها بأنه “رد غير مبرر”.

وفي السياق نفسه، طردت أستراليا السفير الإيراني، بعد أن نسبت أجهزتها الاستخباراتية هجومين على الأقل من الحرائق المتعمدة “المعادية للسامية” إلى الحرس الثوري الإيراني.

وتتزامن هذه التطورات مع نقاشات داخل الأحزاب السياسية الأسترالية حول تشديد سياسات الهجرة، في ظل صعود أحزاب شعبوية مناهضة للهجرة في استطلاعات الرأي قبيل موسم الأعياد.

 

المصدر: الجزيرة