أثار مشروع كوريا الشمالية لبناء أول غواصة نووية هجومية ردود فعل واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، في تطور يضع شبه الجزيرة الكورية أمام سباق تسلح بحري جديد قد يعيد رسم خريطة التوازنات العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وجاء هذا التطور بعد زيارة الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لمصنع بناء الغواصة برفقة ابنته التي يعتقد أنها الوريثة المحتملة له، في رسالة واضحة حول أهمية المشروع ضمن البرنامج التسليحي للبلاد الذي انطلق في مارس/آذار الماضي.
ونشرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية صورا لكيم وهو يتفقد سفينة باللون الخمري مطلية بدهان مقاوم للتآكل، في حين أظهرت الصور أن الهيكل الخارجي كان شبه مكتمل، مما يوحي باقتراب موعد الانتهاء من المشروع الطموح.
وتزن الغواصة الجديدة نحو 8 آلاف و700 طن، وتعمل بالطاقة النووية كمنصة متقدمة لإطلاق الصواريخ النووية من البحر، على غرار غواصات فيرجينيا الهجومية الأميركية، في قفزة نوعية للقدرات العسكرية البحرية لكوريا الشمالية.
وتمتلك بيونغ يانغ حاليا نحو 70 غواصة تقليدية، لكنها تسعى لامتلاك غواصة نووية لأنها أسرع وأهدأ في التسلل والتجسس، وتبقى تحت الماء سنوات إذا توفرت المؤونة لطاقمها، بينما تضطر الغواصات التقليدية للصعود بانتظام لشحن بطارياتها.
ويأتي هذا المشروع في سياق برنامج تسلح واسع تسعى له كوريا الشمالية، والذي يشمل صواريخ باليستية عابرة للقارات مثل طراز “هواسونغ” الذي يصل مداه لـ10 آلاف كيلومتر، مما يجعله قادرا نظريا على ضرب ألاسكا والساحل الغربي للولايات المتحدة.
وكان الزعيم الكوري الشمالي قد وصف الغواصة النووية بأنها أحد أهم البرامج التسليحية لبلاده، في إشارة واضحة إلى رغبته في عدم السماح لجارته الجنوبية بالتفوق عليه في هذا المجال الحيوي والإستراتيجي.
وتسعى كوريا الجنوبية بدورها لامتلاك غواصة نووية خاصة بعد الضوء الأخضر الذي حصلت عليه من الإدارة الأميركية السابقة، لكن سول ستحتاج عقدا كاملا لتصميمها وبنائها، بينما من المتوقع أن تكون بيونغ يانغ أسرع بكثير في إنجاز مشروعها.
ويعكس هذا السباق البحري النووي بين الكوريتين تصاعدا خطيرا في سباق التسلح بشبه الجزيرة الكورية، مما يثير مخاوف دولية من تداعيات هذا التطور على الأمن والاستقرار الإقليميين في منطقة حساسة ومتوترة.
ورصد برنامج شبكات (2025/12/28) جانبا من تعليقات المغردين على هذا التطور، حيث كتب فريد بأسلوب ساخر عن رغبة كيم في المنافسة المستمرة:
كيم لا يريد لأحد أن يتفوق عليه… عندكم نووي.. عندي نووي، عندكم غواصات عندي غواصات… هاتوا اللي بعدو
بدوره، أشاد رضوان بقدرة كوريا الشمالية على تحقيق إنجازات عسكرية رغم الظروف الصعبة والحصار المفروض عليها، فغرد:
كوريا الشمالية يجب أن يضرب بها المثل فهي دولة بلا موارد بلا ثروات ومحاصرين رغم ذلك أصبحوا قوة ضاربة مخيفة تهابها أعتى الجيوش العالمية
في المقابل، انتقد أبو سالم النظام الكوري الشمالي وحمّله مسؤولية معاناة الشعب، رغم امتلاكه ترسانة عسكرية ضخمة، فكتب:
مهما كان عنده أسلحة ومهما صار عنده قوة يظل زعيما دكتاتوريا يجوع شعبه بحجة الخوف من الغزو الأميركي وشعبه لن يرحمه
أما محمد فأشار في تغريدته إلى التعقيدات التقنية لبناء الغواصات النووية ورجح وجود تعاون دولي في هذا المجال:
تكنولوجيا بناء الغواصة معقدة وتحتاج إلى تمويل ضخم ومعرفة واسعة، أعتقد هنالك تعاون مع روسيا بالذات في هذا المجال
وفي سياق متصل، لا يتوقف طموح كيم عند الغواصة النووية، إذ وجه ببناء مصانع جديدة وصادق على تحديثات لمصانع الذخائر الرئيسية، لضمان امتلاك ذخيرة كافية تدعم القدرات الصاروخية والدفاعية لبلاده.
وتمتلك بيونغ يانغ أكثر من 300 مصنع لإنتاج الذخيرة، لكن نحو 80 مصنعا فقط يعمل فعليا بسبب نقص الطاقة والمواد الخام، وفق ما تشير إليه تقارير متخصصة في الشؤون العسكرية الكورية الشمالية.
المصدر: الجزيرة