“سجيل” صرخة تخاطب ضمير العالم لما يحدث في فلسطين

قدمتها فرقة “الشعبي” بمسرح الدسمة ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان

مفرح حجاب

عرضت فرقة المسرح الشعبي، مسرحية “سجّيل” ضمن المسابقة الرسمية لفعاليات الدورة الـ 23 لمهرجان الكويت المسرحي، على مسرح الدسمة، والعمل يؤكد التفاعل الكبير في الكويت مع ما يحدث في غزة وفلسطين المحتلة، ويكشف الوحشية والتنكيل بالأطفال والنساء أمام صمت العالم.
اعتمدت المسرحية في مضمونها على بعض الحقائق المذكورة في القرآن الكريم، وكان هذا واضحا وجليا من عنوانها “سجيل”، وهي الحجارة التي تُلقيها “طير الأبابيل” على جيوش أبرهة الأشرم فحولته إلى “عصف مأكول”، ومن هذا المدلول الإسلامي، جاءت فكرة المسرحية لتنتصر للمقاومة الفلسطينية وتشيد بصمود أهلها، كما تكشف الوجه المظلم لآلة نظامية تتخذ من القتل والتدمير وسيلة لإدخال الخوف في قلوب الناس، أمام العالم الذي أغمض عينيه عما يحدث للأبرياء في فلسطين. تبدأ المسرحية بصوت الأذان و”ديكور” موحد لمنطقة تحولت إلى خراب نتيجة الغارات الجوية التي قصفت المنازل، ويستقر في هذا المكان المحاصر ستة عناصر مسرحية… امرأة تبحث عن رضيعها الذي فقدته إثر غارة جوية، وأربعة رجال تقطعت بهم السبل تحت الركام، ورجل مدفون تحت الأنقاض، ومن خلال هذا المشهد المأساوي تدور أحداث المسرحية، التي تكشف مختلف المواقف، الصامدة، المستسلمة، والخائنة، فهناك من باع منزله للمحتل، المقاوم، الخائف من الحصار، والعدو المخادع الذي يحلف كذبا بأن نجاته ستكون في نجاتهم، ليكتشفوا أنه الدمار الذي سينهي حياتهم.
وبين تبادل الأدوار وتواتر الأحداث وعلوها وانخفاضها، تبرز الرسالة التي تؤكد أن العدو باق، وسيكون مصدر قوته هو اختلافنا الذي يعطيه الفرصة يوما بعد آخر دون الانتباه.
العرض المسرحي كما ذكر مؤلفه اشبه بالصرخة، التي تتدافع فيها الأحداث بحكمة تارة ودهشة تارة أخرى وفوضى تعبر عن تناقض الأحداث وتضاربها وعندما أصبح العجز هو سيد الموقف وساد الصمت… كانت “سجيل” صرخة نابعة من قلب محب لكم، يتألم لآلامكم علها تصل… قبلة علـى جبين كل مقاوم شريف حر، همسات حب لطفل من تحت الركام… لا يهم كيف… المهم أن تصل.
ومع كل تلك الأحداث التي تتواتر في مشاهد المسرحية، فإن القضية تصبح كاملة الوضوح لهذا المعنى الحقيقي للقتال الذي تصدى له فريق العمل، وهو ما كشفه المخرج بقوله: إيمانا مني بأن للقتال صورا متعددة اخترت الخشبة سلاحاً لقول كلمة الحق ومنبراً لنصرة المظلوم، كانت “سجيل” هي رسالة واضحة وصرخة من القلب.. نحن معكم.
والأحداث في المسرحية تتماثل فيها الإسقاطات الإنسانية، بتفاعل حسي وترادفات انفعالية، وانتفاضة ضمير في إرادة المقاومة، ووضعها بين أيدي الجمهور كي يتأملها، ويفكر في مضامينها.
بينما اتسمت المؤثرات الصوتية بدور فاعل في الأحداث من خلال التعبير الصوتي، وتصوير الانفعالات الصوتية والغارات الجوية، والحصار الذي يعيشه أبطال العمل على خشبة المسرح، والانهزام الذي تحس به الأم القوية الباحثة عن رضيعها، كما أن الإضاءة تناغمت مع سير المشاهد في تواصل ودقة، وجاءت متناسبة مع الأجواء ومعبرة عنه. فيما تفاعل الديكور مع المضامين والأشكال، التي يترصدها ويرسمها النص، من خلال ما احتواه من عناصر أثرت العمل وساهمت في فهم مساره الفني والإنساني. وهو ديكور امتاز بالواقعية، والقدرة على رسم الأحداث بأسلوب مؤثر وفاعل.
وأدى الممثلون أدوارهم بعناية، مع إبراز ما يعتمل في مشاعرهم من صراعات داخلية، تظهر في أنماط صوتية تخفت تارة وتتسع تارة أخرى، في مونولوج إنساني معبر.
تأتي “سجيل” في الوقت المناسب، لتكون صرخة مدوية، ربما تهزّ الضمير الإنساني لوقف التعديات المتكررة على الفلسطينيين.
بذكر أن مسرحية “سجيل” فكرة الدكتور نبيل الفيلكاوي، تأليف فيصل الفيلكاوي، إخراج نصار النصار، موسيقى محمد النصار، إضاءة نصار النصار، ديكور حمد الفيلكاوي، وبطولة عبير الجندي، خالد المفيدي، حسن إبراهيم، أسامة شعبان، عصام الكاظمي، ومحمد جمال الشطي.

 

المصدر: السياسة
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
0
يسعدنا مشاركتكم في التعليقاتx
()
x