شهادات من مخيمات اللجوء بتشاد لنساء نزحن من الفاشر

في أقصى الحدود التشادية، يزدحم مخيم النزوح بخيام تفترش حولها نساء نزحن من مدينة الفاشر بعد شهور طويلة من القصف والقتل وانهيار الحياة المدنية.

ورغم تبدّل الجغرافيا، تبدو رواياتهن امتدادا مباشرا للأحداث التي دفعت بهن إلى هذا المكان، إذ تروي كل واحدة جانبا من رحلة الفرار وما بقي في الذاكرة من تفاصيل الحرب.

السيدة المسنة التي جلست عند باب خيمتها تحدثت للجزيرة وقالت إنها خرجت من منزلها على عجل، دون أن تتمكن من حمل أي شيء: “طلعنا حفيانين.. لا نعل ولا قماش، بس اللبسة البت على جسمنا”.

وتشرح أنها بقيت مع أسرتها شهرا في طُورة، ثم انتقلت إلى “أب سكين” لـ8 أيام، قبل أن تتجه إلى “كتم” ومنها إلى “تشاد”، وخلال الرحلة الطويلة، تفرّقت الأسرة بسبب الظروف الصحية والصعوبات اللوجستية.

وعلى الرغم من وصولها أخيرا إلى المخيم، ما زالت العائلة مشتتة بين أكثر من موقع نزوح، وبعض أفرادها لا تعرف عنهم سوى أنهم “في معسكر آخر لا تدري أين هو”.

وقدمت شابة سودانية أخرى شهادتها وهي تجلس عند مدخل خيمتها، وتحرك ذراعها المصابة ببطء، حيث أوضحت أنها أصيبت بطلق ناري أثناء محاولتها جلب الماء وسط القصف.

وتضيف وهي تشير إلى موضع الإصابة: “كنت ماشّة أجيب موية.. جاتني رصاصة دخلت من هنا وطلعت من هنا.. دا كان في شهر 9”.

بعد ذلك، ساعدها شقيقها على الخروج من الفاشر إلى تشاد “درجة أولى” على حد وصفها، أي عبر طريق خطِر ومكلف لكنه كان الوسيلة الوحيدة للنجاة.

وتأتي هذه الشهادات إذ تشير تقارير دولية إلى حجم الانتهاكات التي شهدتها الفاشر خلال الأسابيع الماضية، فقد أظهر مختبر الشؤون الإنسانية في جامعة ييل صورا تؤكد استمرار عمليات التخلص الجماعي من الجثث في مواقع عدة بالمدينة، بينها المستشفى السعودي وحي الدرجة الأولى، حيث سبق رصد دلائل على وقوع عمليات قتل جماعي.

إعلان

كما تراجعت الحركة في الأسواق السبعة الرئيسية بالمدينة منذ سيطرة قوات الدعم السريع، في حين حذّرت حركة تحرير السودان – مجموعة عبد الواحد من كارثة إنسانية تهدد 80% من النازحين بالجوع، مع ضعف الخدمات الطبية ووجود مستشفى واحد يخدم أكثر من مليون ونصف المليون نازح.

وفي السياق ذاته، حذّرت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر من استخدام الاغتصاب كسلاح حرب “بشكل ممنهج” في الفاشر، مؤكدة ضرورة عدم تجاهل العنف الجنسي خلال الجهود الدولية لمعالجة الأزمة.

 

المصدر: الجزيرة