صدام حسين يثير جدلاً في ذكرى اعتقاله

ألقت القوات الأمريكية القبض على الرئيس العراقي السابق صدام حسين في الثالث عشر من ديسمبر/كانون الأول 2003 في مزرعة قرب بلدة الدور القريبة من مسقط رأسه تكريت.

وكان صدام حسين مختبئاً في حفرة صغيرة عندما ألقي القبض عليه بعد مطاردته من قبل القوات الأمريكية مدة تسعة أشهر، وبعد ثلاث سنوات تم إعدامه بعد صدور الحكم عليه من قبل محكمة عراقية.

وبعد أكثر من عشرين عاماً، عاد اسم صدام إلى الواجهة بعد “صور مفبركة” ادعت أنها للرئيس العراقي السابق عُثر عليه في سجن صيدنايا السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد، ليتضح بعدها أنها صورة معدلة، تعود إلى اعتقال الرئيس الجورجي السابق ميخائيل ساكاشفيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2021.

ومع مرور كل هذه المدة على مقتل صدام، لا يزال يثير مواقف متضاربة داخل العراق وخارجه.

ورغم معاناة العراقيين من عواقب الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة، فإن قبضة صدام على الحكم لم تضعف حتى غزو العراق عام 2003.

وانضم صدام لتنظيم حزب البعث في العراق عام 1956، وكانت تلك الخطوة الأولى في طريق الوصول إلى مقاليد الحكم. ودشن نشاطه السياسي عام 1959 بالمشاركة في محاولة اغتيال الزعيم العراقي آنذاك عبدالكريم قاسم. وهرب إثر ذلك إلى سوريا فمصر حتى عام 1963 حين عاد بعد انقلاب 8 فبراير/ شباط الذي أطاح بحكم عبد الكريم قاسم.

لكن الحزب عاد إلى السلطة في انقلاب آخر في 17 يوليو/ تموز 1968 بمساعدة مسؤولين متنفذين في حكم الرئيس عبد الرحمن عارف تم إبعادهم بعد أقل من أسبوعين من الوصول إلى السلطة.

وركز صدام حسين بعد انقلاب 1968 جهوده على كيفية الارتقاء في سلم الحكم والوصول إلى قمة هرم السلطة. واستطاع تحقيق ذلك عبر اللجوء إلى كل الوسائل للتخلص من خصومه ومنافسيه ومن كل من يشك بولائه داخل الحزب وخارجه.

ذريعة شن الحرب

واتبع صدام سياسة الاعتماد على مراكز ودوائر استخباراتية متعددة تتابع تحركات الخصوم والمنافسين وتراقب بعضها. ووظف قدرات العراق الاقتصادية باعتباره أحد أهم البلدان المنتجة للنفط لترسيخ حكمه وتضخيم القوات العسكرية عددا وعدة بطريقة تعكس طموحات تجاوزت في ما بعد حدود العراق.

وفي سبتمبر/ أيلول عام 1980، دخل العراق في حرب طاحنة امتدت ثماني سنوات، وأسفرت عن مئات الآلاف من القتلى والجرحى والمعاقين، وقصمت ظهر اقتصاد البلدين.

وتركت الحرب آثارها على حياة المواطنين العراقيين الذين أصبحوا في حالة من العوز والفاقة والمعاناة في بلد كان يعد من أغنى البلدان النامية.

ولم يكد العراق يسترد أنفاسه بعد تلك الحرب حتى أمر صدام بغزو الكويت في أغسطس/ آب 1990. ولم تقتصر نتائج الحرب الجديدة على هزيمة الجيش العراقي بل امتدت إلى فرض حصار اقتصادي دولي أنهك البلاد وأفقر الشعب.

هزات داخلية

واستخدم عمليات التهجير الواسعة للسكان في داخل العراق وإلى خارجه، ولجأ إلى عمليات تنكيل وقتل جماعي واستخدام الأسلحة الكيمياوية كما حصل في بلدة حلبجة الكردية، وإحداث تغييرات بيئية كبيرة لأغراض أمنية مثل عمليات تجفيف منطقة الأهوار في جنوب العراق.

إلا أن حكمه تعرض أيضا لهزات داخلية تمثلت بهرب اثنين من أعضاء الحلقة الضيقة المحيطة فيه، وهما صهراه حسين كامل المسؤول عن التصنيع العسكري وأخوه صدام كامل الذي كان ضمن طاقم حماية صدام.

لكنهما حين قررا العودة إلى العراق بضمانات من صدام نفسه وقتلا على الفور في بغداد. وتعرض صدام نفسه لمحاولات لاغتياله أو الإطاحة به. كما جرت محاولة لاغتيال ابنه عدي عام 1996 أدت إلى إصابته بإعاقة دائمة.

وبسبب الخلافات حول التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل بين العراق ومفتشي الأمم المتحدة، شنت الولايات المتحدة وبريطانيا في ديسمبر/ كانون الأول عام 1998 هجوما صاروخيا على العراق.

وفرضت الدول الغربية حظرا على الطيران العراقي في الشمال والجنوب وبقي الحظر ساريا حتى دخول قوات التحالف في أبريل/ نيسان الماضي 2003 إلى الأراضي العراقية والإطاحة بحكم صدام.

ولدى وصول القوات الامريكية إلى بغداد انهار الجيش العراقي والحكومة وفر صدام ومعظم أركان نظامه، وأصدرت واشنطن قائمة تضم 55 مسؤولا سابقا يتصدرهم صدام حسين ونجلاه عدي وقصي اللذين قتلا في هجوم أمريكي على منزل في مدينة الموصل في يوليو/ تموز 2003. وقد ألقي القبض على معظم مسؤولي نظام صدام.

وأصدرت محكمة عراقية في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني 2006 حكما بإعدام صدام بعد جلسات محاكمة علنية بث عدد منها مباشرة على الهواء. رفض صدام التهم الموجهة له ووصف المحكمة بأنها غير شرعية.

ونُفذ حكم إعدام صدام في 30 ديسمبر/كانون الأول 2006 ودُفن في مسقط رأسه في تكريت.

وتعرض قبره للتدمير جراء المعارك قرب مدينة تكريت في مارس/آذار 2015، حيث خاضت القوات العراقية وقوات “الحشد الشعبي” معارك عنيفة ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وذكرت بعض الأنباء أن مقربين من صدام حسين نقلوا عام 2014 جثمان صدام إلى موقع سري.

 

المصدر: BBC