واشنطن- أصدر رئيسا مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، أمس الأول الاثنين، رسالة مشتركة تقليدية إلى الدول الأعضاء في المنظمة، تطالب بتقديم مرشحين لشغل منصب الأمين العام القادم خلفا لأنطونيو غوتيريش الذي تنتهي فترة ولايته الثانية بنهاية عام 2026.
وتوضح الرسالة بعض المعايير لعملية الاختيار، وتشجع لأول مرة “على النظر بجدية في ترشيح النساء”. ومنذ تأسيس الأمم المتحدة قبل 80 عاما، قادها 9 رجال. ويرى معلقون أن اختيار امرأة للمنصب الرفيع أصبح يمثل تجسيدا للقيم الأساسية للمنظمة مثل المساواة وحقوق الإنسان والتعددية.
ورغم قيام كل الدول الأعضاء في الجمعية العامة بالتصويت لاختيار الأمين العام الجديد، فإن قائمة المرشحين يجب أن يوافق عليها مجلس الأمن أولا. ويجب أن يتفق الأعضاء الخمسة الدائمون، الذين يتمتعون بحق النقض (الفيتو)، وهم الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا، على مرشح.
وفي تقرير “سؤال وجواب”، تشرح الجزيرة نت كل ما يحيط بعملية اختيار الأمين العام العاشر في تاريخ المنظمة الدولية.

متى يبدأ رسميا السباق الانتخابي لمنصب الأمين العام؟
يبدأ السباق رسميا عندما يرسل رئيسا مجلس الأمن والجمعية العامة رسالة مشتركة لكل الدول تطالب بترشيح أسماء لشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، ويجب تقديم الترشيحات إليهما.
متى يقدّم مجلس الأمن قائمة أسماء المرشحين؟
من المقرر أن يقدم مجلس الأمن توصيته في النصف الثاني من عام 2026. ثم سيكون للجمعية العامة الكلمة الأخيرة للاختيار من بين المرشحين الذين يوافق عليهم المجلس.
ماذا يقول ميثاق الأمم المتحدة عن اختيار أمين عام جديد؟
نص ميثاق الأمم المتحدة وتحديدا في المادة (97) على أن “يتم تعيين الأمين العام من قبل الجمعية العامة، البالغ عدد الدول الأعضاء فيها 193، بناء على توصية مجلس الأمن”.
وخلال أول 70 عاما من تأسيس المنظمة، هيمن على القرار الأعضاء الدائمون الخمسة في المجلس دون أي تدخل من أعضاء المنظمة الأوسع في اختيار المرشحين وعدم وجود عملية ترشيح رسمية. وخلال هذه الفترة، كان يُنظر لدور الجمعية العامة على أنه تأكيد فقط على اختيار المجلس.
لكنه في عام 2016، صدر قرار عن الجمعية العامة برقم (69-321)، جلب معه عصرا جديدا من الشفافية، حيث وفر قائمة عامة بالمرشحين وسيرتهم الذاتية ورؤيتهم المستقبلية، ونظم جلسات استماع لهم، وشاركت جميع الدول والمجتمع المدني في تقييمهم.
وشملت عملية الاختيار حينها تنافس 13 اسما من قارات مختلفة، وانتهت بتعيين البرتغالي غوتيريش الأمين العام التاسع للمنظمة.
ما أهم الشروط المطلوب توافرها في المرشحين؟
يجب أن يبدأ الترشيح من قبل دولة عضو واحدة أو مجموعة من الدول الأعضاء بالمنظمة. ويمكن لكل واحدة اقتراح اسم واحد فقط، بشكل فردي أو مشترك مع ولايات أخرى. ولا يشترط أن يكون المرشحون مواطنين في الولاية أو الولايات التي تقترحهم.
ويتوقع من المرشحين تقديم بيان رؤية وسيرة ذاتية، والكشف عن مدى ومصادر التمويل المرتبط بترشحهم. وقد طلب من الذين يشغلون وظائف في الأمم المتحدة النظر في تعليق عملهم خلال الحملة لتجنب أي تضارب في المصالح قد ينشأ من وظائفهم ومزاياهم المجاورة.
وتم الاتفاق على تاريخ 1 أبريل/نيسان 2026 كموعد نهائي لتقديم الترشيحات، لكنه غير ملزم. وقد يؤثر الترشيح المتأخر سلبا على فرص نجاح المرشح.
ما أهم المواصفات في الشخص المرشح وهل توجد اعتبارات جغرافية؟
استنادا إلى المادة 101 (3) من ميثاق الأمم المتحدة، تنص عدة قرارات من الجمعية العامة، على أن الأمين العام يجب أن يجسد “أعلى معايير الكفاءة والنزاهة”.
في عام 2018، أشارت الجمعية إلى أنه عند تحديد وتعيين أفضل مرشح “يجب الاستمرار في إعطاء الاعتبار الواجب للتناوب الإقليمي والتوازن بين الجنسين”.
وأكد قرار صدر عام 2025 على “الجهود المستمرة لتحقيق توزيع عادل ومتساو من حيث التوازن بين الجنسين والجغرافيا فيما يتعلق بتعيين رؤساء المنظمة، بما في ذلك الأمين العام، مع الالتزام بأعلى المعايير الممكنة”.
وفي الوقت الذي لا توجد فيه قاعدة صارمة تلزم بأن يتم اتباع التوزيع الإقليمي، تُفضل العديد من الدول أن يأتي المرشح من منطقة ممثلة تمثيلا ناقصا. ويتوقع أن يكون المرشح الجديد من إحدى دول أميركا الجنوبية أو الوسطى.
هل يخوض المرشحون حملات انتخابية للفوز بالمنصب؟
نعم، يمنح كل مرشّح فرصة لعرض رؤيته في الجمعية العامة والإجابة على أسئلة الدول الأعضاء والمجتمع المدني. وأعلنت الجمعية أنها ستعقد حوارات تفاعلية عبر الإنترنت مع جميع المرشحين، مما يشير إلى أن المشاركة في جلسة الاستماع هي شرط أساسي للترشيح.
ويتحدث كل مرشّح لمدة ساعتين تتضمن عرضا شخصيا بـ10 دقائق، ثم الرد على أسئلة من الدول الأعضاء، وبعض الأسئلة المعدة مسبقا من منظمات المجتمع المدني. كما يُطلب من الجمهور الإلكتروني أثناء المقابلات تقديم أسئلة.
كيف يرجح مجلس الأمن كفة مرشح على آخر؟
في انتخابات عام 2016، تم تنظيم 6 استطلاعات رأي على مدار 4 أشهر، أشرف على تنظيمها رئيس مجلس الأمن الذي يتغير دوريا كل شهر. وتشمل الإجراءات تصويتا سريا لكل دولة عضو في المجلس حول كل مرشح. وبعد عدة جولات من التصويت المبدئي العشوائي، يتم استخدام بطاقات اقتراع ملونة للدلالة على أصوات الأعضاء الدائمين الذين يملكون الفيتو.
ولا يتم إعلان النتائج رسميا أو علنا حتى ينقلها المجلس إلى جمعية الانتخابات العامة. ومع ذلك، في كل حالة، تم تسريب النتائج ونشرها على الإنترنت تقريبا على الفور، مما يعكس شعورا بالإحباط من نقص الشفافية في المجلس.
متى تتم معرفة نتائج التصويت النهائية؟
بعد المداولات والنقاشات والتصويت بين أعضاء مجلس الأمن الـ15، يبعث المجلس باختياره للجمعية العامة للتصويت عليه. وفي حين يفترض أن القرار سيحتوي على اسم مرشح واحد كتقليد منذ عام 1946، فإن هناك دعوات متزايدة لتزويد الجمعية باسمين أو أكثر، بما يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة وبدعم من أغلبية ساحقة من دولها.
ويمكن للجمعية العامة أن تنظر في توصية المجلس، وإذا لزم الأمر رفضها، والطلب منه إعادة تقديم مرشح بديل. وبعد اعتماد قرارها بتعيين المرشح، يؤدي الأمين العام الجديد اليمين الدستورية ويشمل ذلك التزامه بعدم “طلب أو قبول أية تعليمات” من أية حكومة.
وفي الدورة المقبلة، أشارت الجمعية إلى أن التعيين يجب أن يتم في الربع الأخير من عام 2026، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى منح الأمين العام الجديد وقتا كافيا للاستعداد لبدء فترة عمله في الأول من يناير/كانون الثاني 2027.
هل تجري عملية اختيار الأمين العام بصورة علنية أو سرية؟
لا يقدم ميثاق الأمم المتحدة أية إرشادات حول المؤهلات أو الخبرة المرغوبة، وينص فقط على أن مجلس الأمن يقدم توصية إلى الجمعية العامة التي تقوم بعد ذلك بالتعيين. وهذا يعني أن الأعضاء الدائمين الخمسة يهيمنون على القرار.
وفي عام 2016، وتحت ضغط من المنظمات غير الحكومية والجمعية العامة، أصبحت العملية أكثر شفافية، بما في ذلك نشر قائمة عامة مختصرة من المرشحين يتم الاختيار بينهم.
وتنص المادة (8) على أن المنظمة “لا تفرض أية قيود على أهلية الرجال والنساء للمشاركة بأي صفة وتحت شروط المساواة في هيئاتها الرئيسية والفرعية”. وعلى الرغم من التزاماتها الأساسية المفترضة بالمساواة في الفرص، فإنها لم تطبق ذلك في تعيينات النساء بما يكفي في قياداتها أو في عملياتها.
وبسبب غياب النساء عن منصب الأمين العام للأمم المتحدة حتى الآن، وأن النساء كن حتى وقت قريب أقلية في قيادة هذه المنظمة، ينظر الآن بشكل متزايد على أن الأمين العام القادم يحب أن يكون امرأة.

من أبرز المرشحين لهذا المنصب؟
تدافع مجموعة دول أميركا اللاتينية والكاريبي بقوة عن مرشح من منطقتها. وتم ترشيح عدة أفراد رسميا من قبل بلدانهم الأصلية، ويشاع أن معظم المرشحين من النساء. ومن أبرز الأسماء المرشحة:
- ميشيل باشيليه، رئيسة تشيلي السابقة والمفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، تم ترشيحها رسميا من قبل بلادها في سبتمبر/أيلول 2025.
- ريبيكا غرينسبان، نائبة رئيس كوستاريكا السابقة والأمينة العامة الحالية لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، تم ترشيحها رسميا من قبل دولتها في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
- رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية ودبلوماسي أرجنتيني سابق، أعلن نيته الترشح.
- ديفيد تشوكيهوانكا، نائب رئيس بوليفيا الحالي، رشحته بلاده في أبريل/نيسان 2025.
وهناك عدد آخر من الأسماء البارزة الأخرى التي تذكر كثيرا في الاستطلاعات غير الرسمية، ومن أهمها:
- ميا موتلي، رئيسة وزراء باربيدوس الحالية، المعروفة بكاريزميتها وموقفها الصريح من قضايا المناخ.
- ماريا فرناندا إسبينوزا، وزيرة خارجية الإكوادور سابقا، ورئيسة سابقة للجمعية العامة للأمم المتحدة.
- جاسيندا أرديرن، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة، التي حظيت بدعم شعبي كبير في الاستطلاعات غير الرسمية.
- النيجيرية أمينة محمد، نائبة الأمين العام الحالي للأمم المتحدة.
هل هناك رغبة جادة في انتخاب امرأة كأمين عام للأمم المتحدة؟
نعم، حيث إن هناك ما لا يقل عن 94 دولة تبدو مصممة على تعيين أول سيدة لتولي هذا المنصب. وألمحت 99 دولة إلى أن غياب التوازن بين الجنسين في قيادة المنظمة يمثل مصدر قلق ويجب معالجته.

هل نحن فعلا بصدد اختيار امرأة للمرة الأولى في هذا المنصب؟
في اجتماع الجمعية العامة في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أقرت الجزائر، الدولة العضو بمجلس الأمن، ونيابة عن 120 دولة في حركة عدم الانحياز، بعدم التوازن الواضح بين الجنسين في قيادة المنظمة، مؤكدة أن عملية اختيار الأمين العام القادم يجب أن تتم بناء على الجدارة، وبالتناوب الإقليمي، ودعم استمرار الجهود لتحقيق توزيع عادل من حيث النوع الاجتماعي”، مشيرة إلى أنه لم تكن هناك أمينة عامة حتى الآن.
ومن بين الأعضاء الخمسة بمجلس الأمن، اتخذت فرنسا والمملكة المتحدة فقط موقفا قويا بضرورة انتخاب امرأة. في حين عارضت روسيا محاولات إعطاء الأولوية للمرشحات النساء، وطلبت بأن يكون النوع الاجتماعي هو أحد المعايير، لكنه لا يجب أن يلعب دورا حاسما في الاختيار.
من جانبها، تدعم الصين اختيار امرأة، وقال مندوبها في مجلس الأمن إن بلاده “ستكون سعيدة أيضا برؤية مرشحات من الدول الأعضاء”. وكانت الولايات المتحدة قد وقعت قبل انتهاء حكم الرئيس السابق جو بايدن بيانا يدعم تمثيل النساء في المناصب القيادية في الأمم المتحدة. ولكن الغموض ما يزال يلف موقف إدارة دونالد ترامب حول هذه الجزئية.
المصدر: الجزيرة