قام الطيار الحربي الروسي بيوتر نيستيروف لأول مرة في 9 سبتمبر 1913، بتنفيذ مناورة بهلوانية جوية شديدة الخطورة ومعقدة تسمى “الحلقة الميتة”.
كان هذا الطيار الذي اشتهر بجرأته المنقطعة النظير واثقا من حساباته حتى أنه لم يربط نفسه بمقعد الطائرة. تجاهل جميع التحذيرات من قبل زملائه، وتقلب في الجو بطائرته وهو يرسم هذه “الحلقة” الميتة. انقلبت الطائرة راسا على عقب في القسم العلوي من الحركة ولم يسقط نيستيروف من طائرته. على عكس التحذيرات، قوة الضغط المركزي ضغطت عليه في مقعده ولم يسقط.
الحركة الجوية البهلوانية “الحلقة الميتة” تعرف في روسيا أيضا باسم “حلقة نيستيروف”. هي مناورة بهلوانية معقدة على شكل حلقة مغلقة في مستوى رأسي. تُعد الحلقة اثناء تنفيذها في الجو “صحيحة” إذا جاءت جميع نقاط مسارها في مستوى رأسي واحد.
دخل هذا الطيار الجريء التاريخ باعتباره أول من نفذ “الحلقة الميتة”. تمكن من تأكيد إمكانية القيام بهذه الحركة البهلوانية في الجو، وطار كما يقول الخبراء في تلك الحقبة مسترشدا بـ “صفير الريح”، حيث استخدمه لتحديد السرعة.
انضم منذ طفولته إلى المدرسة الحربية في مدينة “نيجني نوفغورود” في سن مبكرة وتخرج منها بمرتبة الشرف، ثم انتسب إلى مدرسة المدفعية وتخرج منها وعمره 19 عاما.
خدم في لواء المدفعية وكان مولعا بالابتكارات التقنية الجديدة. في تلك الفترة استهواه الطيران وشعر بالرغبة في معانقة السماء والتحول إلى سلاح الجو.
انضم في مسقط رأسه “نيجني نوفغورود” إلى نادي للمناطيد، وكان وقتها قد اتخذ قرارا بأن يصبح طيارا. دخل إلى مدرسة سان بطرسبورغ للطيران في سن 24 عاما. سابق الزمن وتمكن في أقصر وقت من القيام بأول رحلة جوية من دون مدرب.
الطيار الشاب المولع بالرياضيات والميكانيكا لم يكن راضيا عن أساليب قيادة الطائرات السائدة في ذلك الوقت، وكان مقتنعا بإمكانية صنع المعجزات بالطائرة في الجو. كان يطمح إلى مهارات طيران أبعد مما كان ممكنا.
تسنى له لاحقا إظهار ما يقصد. تصادف أن اشتعلت النار في محرك طائرته في الجو وتوقف عن العمل. لم يرتبك وكان يعرف ما يجب عمله في مثل هذه الحالة. قاد بهدوء طائرته الصامتة نحو الأرض وهبط في المطار حيث تم إطفاء النار، وتمكن من إنقاذ نفسه والمحافظة على الطائرة.
فكرته الجريئة التالية حد الجنود بحسب أغلب رفاقه في السلاح، تمثلت في تنفيذ الحركة البهلوانية “الحلقة الميتة”. رغم محاولات زملائه إثنائه عما اعتزم، انطلق إلى الجو بطائرته ونفذ هذه الحركة الخطيرة بكل دقة وثقة، وأصبح أول من قام بها في العالم.
في وقت لاحق شارك الطيار بيوتر نيستيروف في معارك الحرب العالمية الأولى. اقترح وقتها إسقاط الطائرات المعادية بطريقة “النطح” الخطرة. اقترح مهاجمة طائرات العدو من الأعلى وصدمها بعجلات الطائرة وإسقاطها.
بطبيعته الجريئة والمغامرة لم ينتظر أن ينفذ الفكرة الخطيرة آخرون. في 8 سبتمبر 1914 بالقرب من مدينة لفوف الأوكرانية تصدى لطائرة استطلاع نمساوية بمقعدين، إلا أن الحظ لم يحالفه في هذه المناسبة.
حدث خطأ أثناء عملية الالتحام لصدم الطائرة المعادية. جاءت الضربة في منتصف هيكل الطائرة النمساوية ما أدى على تحطم الطائرتين وسقوطهما على الأرض. لقي الطيار الروسي الشاب حتفه مباشرة وقت الاصطدام، لكنه دمر في نفس الوقت طائرة معادية يقودها طياران اثنان.
من المفارقات اللافتة أن الطيار بيوتر نيستيروف توفى مثل والده في سن 27 عاما. وكان والده أيضا عسكريا عمل في فيلق المدربين. نيستيروف كان في الثالثة من عمره حين فقد والده.
لم يعش بيوتر نيستيروف أكثر من 27 عاما، لكنه تمكن في هذا العمر القصير من إحداث “ثورة” في الطيران العالمي. بفضل شجاعته وتصميمه وعقله الوقاد بدأ فن الحركات الجوية البهلوانية في التطور.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
قصة “الجسر المصري” في مدينة سان بطرسبورغ!
يوجد بمدينة سان بطرسبرغ “جسر مصري” كان افتتح منذ زمن بعيد، في 6 سبتمبر عام 1826. هذا الجسر المميز صممه مهندسان هما فاسيلي خريستيانوفيتش وويلهلم فون تريتر.
يوم اندمج قرب موسكو “وابل ألف مدفع في عواء طويل”!
وصف نابليون بونابرت معركة “بورودينو”، الأكبر والأكثر أهمية في فترة غزو جحافله لروسيا بأنها “الأكثر فظاعة من بين كل معاركه، وفيها اكتسب الروس الحق في أن يكونوا لا يُقهرون”.
تكتيك القتال بـ”المعانقة” في أشرس حرب!
من مواقيت الحرب العالمية الثانية اللافتة أنها بدأت بأوروبا في 1 سبتمبر 1939، وانتهت في 2 سبتمبر 1945، في حين أنها بدأت في القارة الآسيوية بغزو اليابان للصين في 7 يوليو 1937.
مَن يقف وراء العمليات “المستحيلة” وكيف صنعت روسيا أسطورة قواتها الخاصة؟
تعد قوات “ألفا” من أشهر وحدات القوات الخاصة في روسيا والعالم، وقد تأسست في حقبة الاتحاد السوفيتي بأمر من رئيس جهاز “كي بي جي” يوري أندروبوف في 29 يوليو 1974.
القاذفة الروسية الشبحية “باك دا” في مواجهة الأمريكية “بي – 2”!
توجد لها صور نادرة وبيانات أساسية، ولا أحد يدري كم قطعت على الأرض من أشواط إلا المصمون والمسؤولون الأكثر قربا من أسرار الدولة، إنها القاذفة الروسية الاستراتيجية الشبحية “باك دا”.