كيف تجعل نفسك أكثر جاذبية وتأثيراً؟

من أول لحظة تدخل فيها إلى مكان ما، يبدأ الناس في إصدار أحكامهم حول شخصيتك، وإلى أي مدى يعجبون بك. ولحسن الحظ، هناك بعض الطرق التي يمكنها أن تساعدك في تحسين صورتك أمام الآخرين.

يعرف معظمنا أناساً من الذين يمكنهم أن يدخلوا إلى غرفة مليئة بالغرباء ويخرجون منها بعشرة أصدقاء جدد على الأقل، وموعد للغداء في اليوم التالي، وربما وعد بالتعرف إلى شخص مسؤول داخل إحدى الشركات المهمة.

لكن ما الذي يجعل مثل هؤلاء الأشخاص أكثر قدرة، دون أي جهد يذكر، على أن يحظوا بإعجاب الآخرين، بينما يعاني كثيرون منا من أجل ذلك؟

في حين أن بعض الناس يجعلونك تشعر بأن امتلاك ميزة اجتماعية كهذه، و اكتساب حب الناس، يُعدّان ضرباً من الفنون، فإن هناك قدراً مذهلا من توظيف العلم في هذا الغرض.

ويقول تودوروف: “بينما هناك أمور، مثل الهيمنة، ترتبط بشدة ببعض الخصائص الخطابية، هناك أمور أخرى مثل الثقة والجاذبية، تعتمد بشكل كبير على تعبيرات الوجه”. وقد ألف تودوروف كتابا بعنوان “قيمة الوجه: التأثير الذي لا يقاوم للانطباعات الأولى”، والذي يتناول هذه الظاهرة بالتفصيل.

والأحكام التي نصدرها بالنظر إلى وجه شخص ما يمكن أن تؤثر على قراراتنا المالية أيضاً. ففي إحدى التجارب، كان الأشخاص الذين يطلبون قروضا وتبدو ملامحهم أقل ثقة، تقل فرصهم في الحصول على موافقة لأخذ تلك القروض. وكان مانحو القروض يصدرون تلك الأحكام بناء على المظهر الخارجي بالرغم من حصولهم على المعلومات الكافية المتعلقة بوظائف طالبي تلك القروض، وتاريخهم المالي.

إذن، ما هي الطرق التي قد تساعد في الحصول على حضور لافت؟

طالما أنك قادر على التحكم في وجهك، فغيّر تعابير وجهك، وابتسم. يقول تودوروف، وفقا للبيانات التي جمعها، إن الوجه المبتسم يصبح أكثر قابلية لكسب ثقة الآخرين.

ويضيف: “يدرك الناس أن الوجه المبتسم هو وجه جدير بالثقة، واجتماعي، ويتسم بالود والدفء”.

ويعتقد تودوروف أن أحد أبرز الخصائص المتعلقة بهذه الانطباعات هي التعبير عن المشاعر، فإذا جعلت وجهك يبدو أكثر ثقة وانفتاحا على الآخرين، سيصبح ذلك الوجه أكثر سعادة.

وبالنسبة لتلك المواقف التي لم نعط فيها للآخرين الانطباعات الأولى بشكل جيد كما كنا نأمل، لا تزال هناك فرصة لاكتساب الناس بطريقة تجعلهم ينسون أثر تلك الانطباعات الأولى والأحكام المتسرعة حول شخصياتنا.

ضع ذكاءك في طريق صحيح

تُعرّف أوليفيا فوكس كوبين، وهي مدربة في مجال التنمية البشرية، ومؤلفة كتاب “أسطورة الكاريزما”، الشخصية الجذابة على أنها ترتبط بالقدرة على اكتساب إعجاب الآخرين، وبأن تتواصل مع الآخرين ببهجة وكياسة.

فالشخصية المحبوبة يمكن أن تحقق فوائد عديدة في مجال المال والأعمال. كما أن رواد الأعمال الذين لديهم مهارات اجتماعية أفضل، من المرجح أن يكونوا أشخاصاً ناجحين، والعاملين الذين يتمتعون بحب من حولهم ستكون لديهم فرصة أفضل ليتقدموا في أعمالهم.

وقد أظهرت دراسة أُجريت في جامعة ماساتشوستس، على سبيل المثال، أن المراجعين الداخليين في أقسام المحاسبة، الذين يحظون بحب الآخرين ويقدمون نقاشات منظمة ومنطقية، كانت لديهم فرصاً أفضل في إقناع مديريهم بقبول مقترحاتهم، حتى لو أبدى المدراء اعتراضهم على تلك المقترحات في البداية، وقبل رؤية هؤلاء المراجعين.

وتضيف: “لقد أصبح الأمر أكثر أهمية أن تمتلك القدرة على العمل في فريق والتأثير في الآخرين، سواء كان لديك منصب مهم أم لا”.

ومن أفضل الأشياء أن تعلم أنه من الممكن أن تدرب نفسك بهدف أن تصبح أكثر جذباً وتاثيراً.

وكان كارسون ، مقدم برنامج “تونايت شو” الشهير، يمضي سنوات دون الموافقة على طلب واحد لإجراء مقابلة معه. وفي ذات مرة، أخبر كارسون صحيفة لوس أنجليس تايمز أنه في 98 في المئة من أيام عمله كان يذهب إلى بيته مباشرة بعد انتهاء تصوير البرنامج، بدلا من الذهاب لقضاء وقت مع المشاهير.

ويضيف تشافر: “كان كارسون شخصا انطوائياً للغاية، لكنه علّم نفسه كيف يكون اجتماعياً. وكان بمجرد أن ينتهي من برنامجه التلفزيوني، يسرع إلى بيته، لكنه رغم ذلك كان يُعرف على شاشة التلفاز بابتسامته العريضة، والضحك، وطرح النكات.”

تعبيرات الوجه

إذن، ما الذي يمكننا فعله لنكون أكثر جاذبية؟

يقول تشافر إن الجاذبية تبدأ بحركة سريعة للحاجبين. ويضيف: “تبحث أدمغتنا دوما في البيئة المحيطة عن إشارات لوجود صديق أو عدو لنا. لذا، فإن الأمور الثلاثة التي نقوم بها عند الاقتراب من شخص ما لإعطاء إشارة إلى أننا لا نمثل خطراً أو تهديدا له، تتضمن: حركة الحاجبين السريعة التي تدوم لنحو ستة أجزاء من الثانية، وإمالة بسيطة للرأس، وابتسامة واضحة”.

ما الذي يدفعنا لرفض نصائح الآخرين؟

والآن ستكون قد صنعت مدخلاً مناسباً إلى الشخص الذي أمامك. ويقول الخبراء إن الخطوة الرئيسية بعد ذلك لنيل محبة الآخرين وإعجابهم، هي أن تجعل الحديث يدور عن الشخص الآخر، وهو ما يعني عدم الحديث عن نفسك في البداية.

ويقول تشافر: “القاعدة الذهبية للصداقة هي أنك إذا استطعت أن تجعل الناس ينظرون بشكل إيجابي إلى أنفسهم، فإنهم سيعجبون بك”. لكن كوبين تعتقد أن ذلك لن يحدث إلا إذا أظهرت اهتماماً حقيقيا بما يقولون.

وتضيف كوبين أنه إذا لم تتمكن من ذلك، فعليك أن تظهر اهتماماً حتى لو كان مصطنعاً، من خلال التواصل المباشر مع عين المتحدث، فذلك سيعطي انطباعاً بأنك تبدي اهتماماً بما يقول.

ويضيف تشافر: “بدلا من المجاملة المباشرة، دع الناس يعبرون عن أنفسهم، ويمتحدونها”. ويمكنك مثلا أن تقول: “سمعت أن ذلك الشيء الرائع حدث لك، وأحب أن أسمع القصة منك أنت”.

ابحث عن أشياء مشتركة مع الآخرين

تقترح دي جاناس أيضاً التأكيد على الاهتمامات المشتركة، حتى لو اختلفت الآراء حول الأمر الذي تتناقشان فيه. فأصحاب الشخصيات الجذابة والمؤثرة يتمتعون بمهارة خاصة تتعلق بإيجاد مساحات مشتركة مع الأشخاص الذين يتواصلون معهم، حتى لو لم يكن هناك الكثير من الأمور التي يمكن تبادل الحديث عنها.

وتضيف: “قد يبدو الأمر أنك تختلف تماما مع المتحدث، لكن عند إمعان النظر في ذلك الموقف، قد تجد أشياء صغيرة تتفق معه فيها، على الأقل من حيث المبدأ”.

وتنصح دي جاناس بأنه من الأفضل دائماً أن تكون مطلعاً على الأحداث الجارية، ومتابعاً لآخر الأخبار في مجال عملك أو صناعتك، فهذه هي الأشياء التي يشترك فيها كثير من الناس.

تابع لغة الجسد جيداً

من الأمور المهمة أيضاً فيما يتعلق بالجاذبية والتأثير أن تهتم جداً بلغة الجسد الخاصة بالشخص الذي تتحدث إليه، ومن الأفضل أن تحاكي بعض إشارات تلك اللغة.

فعندما يتحدث الناس معاً، ويبدأون في استخدام نفس إشارات لغة الجسد، سيكون ذلك مؤشراً جيداً على وجود تقارب بينهم، كما يقول تشافر.

ويضيف تشافر أن هذه الطريقة جيدة أيضاً لاختبار كيفية سير المحادثة بعد ذلك. فإذا غيرت وضعك أثناء الحديث، ثم غيّر الشخص الآخر وضعه مثلك، فهذا يعني في الغالب أن الأمور تسير على مايرام.

 

المصدر: BBC