تعد حضارة وادي السند التي امتدت عبر المناطق الشمالية الغربية من جنوب آسيا، واحدة من أكثر المجتمعات تقدما خلال العصر البرونزي قبل أكثر من 5 آلاف عام.
ومع ذلك، فإن شعبها القديم الذي عاش في مناطق تعرف اليوم بباكستان وشمال الهند، ترك وراءه نظام كتابة غامضا ما يزال يحير الخبراء حتى يومنا هذا.
وقد عثر على نحو 4 آلاف لوح قديم مصنوعة من مواد مثل الحجر والنحاس، تحمل نصوصا غامضة تتكون من رموز تشبه الحروف ورسوم توضيحية تصور حيوانات مثل الثيران والحيوانات الأسطورية، لا تشبه أي لغة معروفة في العالم. والآن، قررت الحكومة الهندية وضع حد لهذا اللغز، حيث أعلنت عن جائزة مالية ضخمة تبلغ مليون دولار لأي شخص أو منظمة تستطيع فك شفرة كتابة وادي السند.
وتعتبر حضارة وادي السند أكبر الحضارات الحضرية المبكرة، لكنها الأقل فهما بينها. وقد ازدهرت هذه الحضارة بين عامي 2600 و1900 قبل الميلاد، ثم اختفت فجأة من السجلات التاريخية دون تفسير واضح لمدة تقارب 4 آلاف عام حتى تم اكتشاف أطلالها بالصدفة في عشرينيات القرن الماضي من قبل علماء الآثار البريطانيين والهنود.
وعلى الرغم من أنها كانت موطنا لنحو 10% من سكان العالم في ذلك الوقت، إلا أن القليل جدا معروف عن شعبها الذي لم يترك أي دليل أثري على الحروب أو الصراعات، بالإضافة إلى أنهم استخدموا واحدة من أغرب الأنظمة الكتابية في العالم.
وبحسب علماء الآثار والخبراء، فإن متوسط طول النقوش التي عثر عليها في الألواح الأثرية لا يتجاوز 5 رموز، بينما أطول نص مكتوب على النحاس يحتوي على 34 رمزا فقط، ما يجعل فك شفرتها تحديا كبيرا.
ويشكك بعض الخبراء في أن هذه الرموز تمثل لغة حقيقية، ويرجحون أنها قد تكون مجرد رموز دينية أو سياسية.
ومع ذلك، فإن اكتشاف أكثر من 1000 مستوطنة تابعة لحضارة وادي السند، بما في ذلك مدينتا “موهينجو دارو” و”هارابا”، يشير إلى أن هذه الحضارة كانت متقدمة للغاية. فقد عثر فيها على أول مراحيض معروفة في العالم، وأوزان حجرية معقدة، وقلادات مرصعة بالجواهر، وأحجار مختومة منحوتة بدقة.
وقال الخبير أندرو روبنسون في دراسة نشرت عام 2015: “كانت حضارة وادي السند الأكثر اتساعا في عصرها، حيث بلغ عدد سكانها نحو مليون نسمة، وامتلكت تجارة بحرية نشطة مع الخليج ومدن مثل أور في بلاد ما بين النهرين (مدينة سومرية تقع في تل المقير جنوب العراق)”.
وبالإضافة إلى صعوبة فك رموز الكتابة، ما يزال سبب اختفاء حضارة وادي السند نحو عام 1300 قبل الميلاد لغزا محيرا. وإحدى النظريات تشير إلى أن التغير المناخي كان السبب الرئيسي، حيث أدى ارتفاع درجات الحرارة إلى انخفاض هطول الأمطار الموسمية، ما أثر على الزراعة ومصادر المياه.
وهناك نظرية أخرى تدعمها الأدلة الأثرية تشير إلى أن الزلازل كانت العامل الرئيسي في انهيار الحضارة. فقد أظهرت دراسة عام 2006 أن الزلازل تسببت في تدمير عدة مواقع تابعة لحضارة هارابان، إما بشكل مباشر أو عبر تغيير إمدادات المياه أو مستوى سطح البحر.
ومع الإعلان عن الجائزة المالية الكبيرة، يتساءل الكثيرون عما إذا كان سيتمكن أحد من فك شفرة هذه الكتابة الغامضة.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت هناك عملية رسمية عبر الإنترنت للمشاركة في التحدي، أو كيف يمكن للمهتمين تقديم حلولهم.
المصدر: ديلي ميل
إقرأ المزيد
اكتشاف أثري مذهل في روما.. العثور على قطعة نادرة من “الأزرق المصري” في “القصر الذهبي”
عثر علماء الآثار في روما، في اكتشاف مثير، على أصباغ قديمة نادرة، من بينها “الأزرق المصري” الذي يعد واحدا من أقدم الأصباغ الاصطناعية في العالم.
العثور على سفينة قديمة عمرها 2500 عام قبالة ساحل صقلية
عثر علماء الآثار من جامعة “أوديني” الإيطالية على سفينة قديمة تعود إلى القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد، بالإضافة إلى مراسي من عصور مختلفة.
من الكنوز “الفضائية إلى المدن المخفية.. اكتشافات أثرية غير مسبوقة تدهش العلماء في 2024
في كل عام، يقدم علماء الآثار اكتشافات جديدة تتيح لنا نظرة أعمق على تاريخ البشرية وأسرار المجتمعات القديمة وتفاعلاتهم مع بعضهم البعض.