لقاح «أسترازينيكا»… ينكأ جراح «كورونا»

لم ينه مرور أربع سنوات على «جائحة كورونا» الجدل الذي رافق الانتشار الفتّاك لفيروس «كوفيد – 19» والآثار الجانبية للقاحات التي أنتجت للتطعيم ضد الفيروس، ومدى تهديدها حياة الناس وصحتهم، وفق ما انتشر.

وأخيراً جاء اعتراف شركة إسترازينيكا بأن لقاحها «أوكسفورد» ضد فيروس كورونا المستجد، يمكن أن يسبب آثاراً جانبية نادرة، ليصب الزيت على نار القلق والخوف، وليعيد مجدداً إلى الواجهة الحديث عن «مأمونية اللقاحات» ومدى ضررها على صحة البشر ومصائرهم.

ولم تبرّد التطمينات التي صدرت عن جهات صحية وأطباء، نار ذلك القلق، الذي أثير أخيراً بعد تصريح الشركة المصنعة للقاح. فعلى الرغم من تأكيد غير جهة وطبيب أن الآثار الجانبية للقاح انتهت، وأنها لم تتجاوز أسبوعين إلى شهر، من تلقي اللقاح، فقد ألقت بعض التصريحات ظلالاً رمادية على الوضع الصحي في الكويت تحديداً في ظل كشف طبيب عن اعتقاده بإصابة نحو 8 أشخاص بتجلطات دموية ناتجة عن الآثار الجانبية لتلقي لقاح أكسفورد، فيما ذكر أطباء آخرون أن ما أثير الآن حول وجود صلة بين اللقاح ونقص الصفيحات المناعية والتخثر الناجم عن اللقاح «VITT»، ليس جديداً ولا مفاجئاً من الناحية العلمية، وكان قد أثير من قبل، وبالتحديد منذ مارس 2021، وأن الجديد اليوم هو الشق القانوني فقط، مع إقرار شركة بإمكانية تسبب اللقاح بتلك الأعراض، ما قد يفتح باباً لمقاضاتها.

«أتحدّى وزارة الصحة أن تنشر الأعراض الجانبية للتطعيم الذي جرى بالكويت»

الحجيلان لـ«الراي»: 8 حالات تجلّط حدثت في الكويت لمتلقي اللقاح

غانم الحجيلان

فيما كشف استشاري الأمراض الباطنية والأمراض السارية الدكتور غانم الحجيلان عن «وجود ارتفاع في مؤشرات إحصائيات الوفيات في السنة الماضية، أكبر حتى من أعوام جائحة كورونا»، أعرب عن اعتقاده بأن «الوفيات بسبب فيروس كورونا في الكويت أكبر مما أعلنت عنه وزارة الصحة، وسبب تقليل الوفيات حتى يقولوا إننا أحسن بلد!».

وأكد الحجيلان في تصريح لـ«الراي» أن «إحصائية الوفيات بين 2009 و2023 شهدت قفزات غير طبيعية تعدت 6400 في عامي 2020 و2021، أي أن هناك زيادة بحدود 3200 حالة وفاة في كل عام، والغريب أنه لم يحدث أي أسباب أخرى مثل حرب أو مجاعة بالكويت، حتى ترتفع بهذا الشكل».

وحول ما يتداول بخصوص حدوث تجلطات خطيرة بعد التطعيم بلقاح أسترازينيكا، قال الحجيلان «هو أمر صحيح واحتمال حدوث 1 لكل 400 ألف، والتجلط خلال أسبوعين من التطعيم، وليس أكثر… ومن هنا حاولت أن أشارك ضمن فريق متابعة الآثار الجانبية للتطعيم، لكن وزارة الصحة رفضت، وأقدّر حدوث ما بين 6 إلى 8 حالات بالكويت بالنسبة للتجلطات».

وأشار إلى أن «احتمال الجلطات خلال أول أسبوعين بعد التطعيم ليس خطورة دائمة، ولا داعي للقلق حيث لا توجد هذه المخاطرة بشكل دائم، حيث إن الإصابة بفيروس كورونا وقتها تعطي مخاطرة وفاة بحدود 1 في المئة، وهي أعلى بكثير من خطورة الجلطة 0.00025 في المئة، مع التطعيم. والمنطق العلمي يؤيد التطعيم، فلمنع 4000 وفاة نتيجة الإصابة، أهم كثيراً من حالة وفاة واحدة من التجلط الناتج من التطعيم».

وتحدى الحجيلان «وزارة الصحة بنشر الأعراض الجانبية للتطعيم الذي جرى بالكويت وليس هذا فقط فإحصائيات كثيرة مهمة يتم التستر عليها، مثل إحصائيات الإصابة بالسرطان، أو زيادة حوادث وحالات الانتحار. وأعتقد أن هذا يشكل سؤالاً مستحقاً من النواب إلى وزير الصحة، حيث إن الأمر تعدّى أموال الدولة وصحة الناس، ووصل إلى حياتهم».

«الحديث عن الإصابة بتجلط الدم أُثير منذ اعتماد اللقاح»

فهد النجار: إمكانية الأعراض تقع بين 12 و40 يوماً من التطعيم… ثم يقلّ الخطر

فهد النجار

قال استشاري الباطنية والجهاز الهضمي والكبد الدكتور فهد النجار، إن «ما ورد في شأن لقاح إسترازينيكا ليس جديداً، إذ إن خطر الإصابة بمتلازمة تجلط الدم TTS سبق التطرق إليها منذ بداية اعتماد اللقاح من قبل المنظمات العالمية المختصة».

وأشار النجار إلى أن«خطر الإصابة بهذه المتلازمة نادر بل نادر جداً، حيث تبلغ نسبة الإصابة بها 4 حالات لكل مليون شخص، في مقابل أن نفس العرض بسبب كوفيد-19 يفوق حدوثه عشرات المرات، مقارنة بحدوثه بسبب اللقاح».

وأوضح أن «حدوث هذه العرض، وإن كان نادراً جداً، يأتي بعد نحو 12 إلى 40 يوماً من الحصول على اللقاح، فيما يقل الخطر بعد تجاوز هذه المدة حسب الدراسات، وذلك لمن كان قد حصل على جرعات لقاح». وأشار إلى أن «المنظمات العالمية المختصة، ومنها هيئة تنظيم الأدوية الأوروبية، كانت قد أدرجت في السابق أن هذه المتلازمة ضمن الآثار الجانبية النادرة جداً للقاح، وأن فوائد اللقاح تفوق مخاطره بمراحل، وهو ما يؤكد بدوره أن ما أثير هي أمور تم تسليط الضوء عليها في السابق».

«جديد القضية الشق القانوني الممهد لمطالبات مالية»

عبدالله بهبهاني: العلماء تحدّثوا عن صلة اللقاح بالتخثر منذ مارس 2021

عبدالله بهبهاني

رأى طبيب الصحة الوقائية الدكتور عبدالله عادل بهبهاني، أن «العلماء تحدّثوا عن وجود صلة بين اللقاح ونقص الصفيحات المناعية والتخثر الناجم عن اللقاح (VITT) منذ مارس 2021، لذا فإن الجديد هنا هو الشق القانوني فقط».

وقال بهبهاني لـ«الراي» إن «ما ذكر في شأن لقاح إسترازينيكا ليس جديداً ولا مفاجئاً من الناحية العلمية، لكن الجديد هو إقرار شركة بإمكانية تسبب اللقاح بتلك الأعراض، ما قد يفتح باباً للمطالبات القانونية»، مؤكداً «وجود لجنة لرصد الآثار الجانبية للقاحات كوفيد في وزارة الصحة، كانت تقوم بالاتصال الهاتفي بكل من يبلغ عن أي آثار جانبية بعد أخذ اللقاح، حتى لو كانت طفيفة وموقتة، كما كانت تقوم بالاتصال بجميع النساء الحوامل اللاتي أخذن اللقاح، وأنا عملت شخصياً ضمن هذا الفريق لفترة معينة».

«المواطن كان أمام خيار صعب بين الإصابةوالمستشفى أو التطعيم»

غانم السالم:حتى اليوم لم يُعرف طبياً سبب تكوّن متلازمة «TTS» مع اللقاح

غانم السالم

أوضح استشاري الأمراض الباطنية الدكتور غانم السالم، أن «لقاح أسترازينيكا الذي تم تطويره بالتعاون مع جامعة اوكسفورد في بريطانيا، يواجه قضايا في المحاكم البريطانية للحصول على تعويضات، ناتجة من الأعراض الجانبية للقاح».

وأوضح السالم أن «الشركة قامت بعرض وثائق طبية تشير إلى احتمال الإصابة بتجلط الدم مع متلازمة نقص الصفائح أو ما يعرف بـ TTS وهي حالة نادرة. وهذا التأثير السلبي – العرض الجانبي – يُعتبر من النادر جداً جداً، وقد تم تقديم هذه الوثائق للمحكمة في شهر فبراير، ومازالت القضية تُنظر في المحكمة العليا».

وقال إنه «من الناحية العلمية الطبية لم يتم إلى هذه اللحظة معرفة آلية أو سبب تكون حالة TTS مع اللقاح، حيث تم نشر وثائق طبية تحذر من ارتباط وجود ارتفاع في حالات الجلطات وانتشار استخدام اللقاح، ولكن لم يتم التثبت والتأكيد العلمي للربط بينهما، ومازال هذا الموضوع محل نقاش طبي، علماً أن الشركة أصدرت بياناً سنة 2021 بأن هناك احتمالية للإصابة بمتلازمة TTS عند أخذ التطعيم».

وأضاف «من وجهة نظري الطبية، التطعيم كان له فوائد كبيرة في محاربة وتقليل حالات الدخول للمستشفى عند الإصابة بكوفيد- 19، مع الأخذ بالاعتبار أن التجارب العلمية للتطعيم لم تأخذ الوقت المتعارف عليه والكامل، وكانت تُرخص تحت بند الطوارئ حيث كان العالم في حالة شلل شبه كامل وكان لابد من إيجاد التطعيم والترخيص للرجوع للحياة الطبيعية، وعليه فإن وجود أعراض جانبية نادرة مصاحبة للتطعيم أمر متوقع، وأن الاختيار خلال فترة الجائحة بين الإصابة بكوفيد -19 ودخول المستشفى أو العناية المركزة، أو أخذ التطعيم بما قد يحتوي من أعراض جانبية في المستقبل، لم يكن أمراً سهلاً».

وزير الصحة: الجلطات من الآثار الجانبية النادرة

سبق لوزير الصحة الدكتور أحمد العوضي أن أوضح، في معرض رده على سؤال برلماني للنائب مهلهل المضف، في شأن أثر اللقاح في زيادة حالات أمراض الجلطات أو السكتات الدماغية، أنه «وفقاً للهيئات المرجعية العالمية والبيانات التي تم تحليلها عالمياً، تعتبر الجلطات التي تحدث بعد تلقي اللقاح من الآثار الجانبية النادرة، وطبقاً للدراسات العلمية الحديثة، فإن حالات تخثر الدم الناتجة عن الفيروس تفوق العدد المرصود بعد تلقي اللقاح».

وأوضح العوضي أن «أسباب الجلطات كثيرة، أبرزها السمنة وارتفاع ضغط الدم والكوليسترول والتاريخ الطبي والعائلي وغيرها».

انخفاض نسبة الإصابة بالجلطات عامي «كورونا»

كشفت إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الصحة أن عدد الإصابة بجلطات، سواء أدت لوفاة أو لا، بلغت 68.964 حالة خلال الفترة من 2017 حتى 2021، موضحة أن نسبة الإصابة بالجلطة في سنة «كورونا» عام 2020، والسنة التي تلتها 2021، انخفضت فيها الإصابة بنحو 5 آلاف و3 آلاف حالة على التوالي.

وأشارت أرقام الاحصائية إلى أن عدد حالات الإصابة بالجلطات خلال 2017 بلغت 15.265 حالة، فيما بلغت 15.341 حالة خلال 2018، وبلغت 15.014 حالة خلال 2019، لتنخفض في 2020 إلى 10.869 حالة، و12.475 حالة خلال عام 2021.

2.782.091 جرعة أكسفورد

أظهرت إحصائية رسمية صادرة عن وزارة الصحة، أن عدد الذين تلقوا جرعات لقاح أكسفورد، منذ بدء وصول أول جرعة حتى 31 ديسمبر 2021، بلغ 2.782.091 مواطناً ومقيماً، بواقع 1.415.340 تلقوا الجرعة الأولى و1.366.747 تلقوا الجرعة الثانية.

لا إصابة بمتلازمة «TTS»

أفادت مصادر صحية لـ «الراي» بعدم تسجيل أي حالة إصابة بمتلازمة تجلط الدم TTS في البلاد، وفق بيانات لجنة رصد الآثار الجانبية للقاحات كوفيد في وزارة الصحة.

 

المصدر: الراي
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments