هكذا يؤثر استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث سلبا على جودة التعلم والمعرفة

في عالم يتسارع فيه كل شيء، أصبح الذكاء الاصطناعي أداة يومية نستخدمها للحصول على الإجابات السريعة. لكن هل فكرت يوما أن هذه السرعة قد تكلّفك عمق المعرفة؟

فريق من الباحثين الأميركيين حذر من أن الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي في البحث عن المعلومات، بدلا من استخدام محركات البحث التقليدية أو المصادر المباشرة، قد يؤدي إلى تعلّم سطحي وفاقد للعمق.

اقرأ أيضا

list of 2 items

  • list 1 of 2الذكاء الاصطناعي يدخل جيبك.. خوارزميات تحدد كم يجب أن تدفع؟
  • list 2 of 25 أشياء لا يفعلها الناجحون في الصباح الباكر

end of list

تعلم سهل لكنه سطحي

ففي ورقة بحثية نُشرت في مجلة “بي إن إيه إس نيكسس” التابعة للأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية، قال الفريق البحثي: “عندما يبحث الأفراد عن موضوع من خلال نماذج اللغة الكبيرة للذكاء الاصطناعي، فإنهم يخاطرون باكتساب معرفة سطحية أكثر مما لو تعلموا من خلال البحث التقليدي، حتى عندما تكون الحقائق متطابقة”.

بمعنى آخر، الذكاء الاصطناعي قد يُقدّم لك الإجابة الصحيحة، لكنه يسلبك متعة اكتشافها.

فبينما يبدو الأمر أكثر سهولة وسرعة، فإن العملية تصبح تعلما سلبيا يفتقر إلى الجهد الذهني اللازم لبناء معرفة متينة.

المعرفة تحتاج إلى بحث ذاتي

وتوضح الباحثة شيري ميلوماد من جامعة بنسلفانيا، والباحث جين هو يون من جامعة ولاية نيو مكسيكو، أن الاعتماد على تطبيقات مثل “شات جي بي تي” و”جيميني” قد يحدّ من قدرة الطلاب والأفراد على التفكير النقدي والاستكشاف الذاتي.

فالمستخدم -بحسب نتائج 7 تجارب إلكترونية ومخبرية- يصبح أقل اهتماما بصياغة آرائه الخاصة، ويميل إلى تكرار الأفكار العامة التي تولّدها الأنظمة، بدلا من تحليلها أو تطويرها.

وقال الباحثان: “أولئك الذين يتعلمون من نماذج الذكاء الاصطناعي يشعرون باهتمام أقل، ويقدّمون توصيات أكثر شمولا وأقل أصالة، وهذا يجعلها أقل تأثيرا لدى الآخرين”.

حتى عندما أُضيفت روابط إنترنت إلى نتائج الذكاء الاصطناعي لتعزيز مصداقيتها، أظهرت الدراسة أن المشاركين شعروا بأنهم اكتسبوا معرفة أقل عمقا مقارنة بالبحث التقليدي.

التعلم السلبي.. فخ الراحة الذهنية

وبحسب الباحثين، فإن نماذج اللغة الكبيرة تقوّض عملية التعلم نفسها، على الرغم من أنها تجعل الوصول إلى المعلومات أكثر سهولة.

إعلان

ففي حين يتطلب البحث اليدوي جهدا، قراءة، وتحليلا -وهي عناصر ضرورية لتثبيت المعرفة في الذاكرة طويلة الأمد- فإن التلقي السريع للمعلومة الجاهزة يُضعف التفكير النقدي ويجعلنا أقل قدرة على تذكّر ما تعلمناه.

وأضاف الفريق البحثي في تحذير صريح: “الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي يحوّل التعلم من نشاط فعّال إلى نشاط سلبي، وهو ما يؤدي إلى نتائج تعلم أضعف، تماما كما يحدث في أي بيئة تعتمد على الحفظ بدون فهم”.

كيف تتعلم في عصر الذكاء الاصطناعي؟

لا يعني هذا أن عليك التوقف عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، بل أن تستخدمها بذكاء.

فيما يلي نصائح بسيطة لتحافظ على قوة عقلك في زمن المعرفة السريعة:

  • اجعل الذكاء الاصطناعي نقطة بداية، لا نهاية.
  • استخدمه لتوجيه بحثك، ثم انتقل إلى القراءة والتحليل بنفسك.
  • دوّن أفكارك الخاصة، فالكتابة بخط اليد أو تسجيل الملاحظات يعزز الفهم العميق ويجعل المعلومة “ملكك”.
  • تحدّ نفسك بالسؤال: لماذا؟ لا تكتفِ بالإجابة الجاهزة، بل اسأل عن السبب والنتيجة والسياق.

يمكن للتكنولوجيا أن تفتح أبواب المعرفة، لكنها لا تستطيع أن تفكر بدلا منا. ففي زمن الذكاء الاصطناعي، التفكير النقدي والفضول الشخصي هما مهارتان لا يمكن الاستغناء عنهما. ابحث، اكتشف، شكّك، وكن أنت من يصنع معرفته، لا مجرد متلقٍ لها.

 

المصدر: الجزيرة