هل تصبح الأسلحة وجهة مبتكري وادي السيليكون الجديدة؟

شهدت الشهور والسنوات الماضية تحولا واضحا للعديد من مبتكري وادي السيليكون إلى قطاع الأسلحة والدفاع بشكل عام، وذلك في سباق للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من عقود وزارة الدفاع الأميركية.

وظهر -إلى جانب الشركات الكبرى بهذا القطاع- مجموعة جديدة من الشركات الناشئة التي تحاول إثبات جدارتها في هذا القطاع عبر تسخير أحدث التقنيات.

“بالانتير” و”أندوريل” من أبرز الأسماء في هذا القطاع، وتلحق بهما مجموعة من الشركات التقنية البارزة مثل “ميتا” و”إكس إيه آي” وحتى “أوبن إيه آي”.

ولكن لماذا قررت هذه الشركات الاهتمام فجأة بالأسلحة وعقود وزارة الدفاع الأميركية؟ وهل تصبح الأسلحة وجهة مبتكري وادي السيليكون لتختفي الابتكارات السلمية المعتادة؟

التهافت على عقود وزارة الدفاع

يصف بريسكوت واتسون، وهو أحد رجال الأعمال في وادي السيليكون -في حديثه مع “ذي إندبندنت” (The Independent)- موجة تحول بدأت الشهر التالي للانتخابات الأميركية الأخيرة التي شهدت فوز دونالد ترامب بمنصبه.

ويؤكد أن الكثير من رجال الأعمال والمبتكرين -الذين ركزوا سابقا على التقنيات الخضراء والطاقة النظيفة- غيّروا نبرة حديثهم وحتى المواد الدعائية لشركاتهم، إذ أصبحوا يروجون لها الآن على أنها خطوة محورية للأمن القومي للولايات المتحدة.

US President Donald Trump jokes with Meta CEO Mark Zuckerberg (L) as he hosts tech leaders for a dinner in the State Dining Room of the White House in Washington, DC, on September 4, 2025. (Photo by SAUL LOEB / AFP)
علاقة ترامب الجيدة بمستثمري وادي السيليكون ربما ساهمت في دفعهم لتكنولوجيا الدفاع (الفرنسية)

ويشير تقرير “ذي إندبندنت” إلى أن الإنفاق على تكنولوجيا الدفاع ارتفاع ليصل إلى 92.8 مليار دولار عالميا مقارنة مع 19 مليارا عام 2019، وفي المقابل انخفض الاستثمار على تقنيات المناخ بنسبة 55% عن عام 2021.

ويعكس هذا التحول توجه ترامب المضاد لتقنيات المناخ والمنكر لحالة التغير المناخي الذي تعيشه الأرض، إذ يصفه بأنه الحيلة الأكبر في التاريخ فضلا عن تدخله المستمر بقرارات الشركات التجارية وهو ما ساهم في إبعاد المستثمرين عن التقنيات الخضراء.

تجنيد وادي السيليكون طمعا بالأرباح

يبدو تحول شركات وادي السيليكون لبناء الأسلحة وكأنه يتماشى مع سياسة ترامب الجديدة، ولكنه يمثل جوهر الأعمال. إذ ترى الشركات فرصة لتحقيق أرباح مهولة من عقود الدفاع التي ينوي ترامب الإنفاق عليها كثيرا خلال فترته.

إعلان

ولذلك تتهافت الشركات على مبنى البنتاغون للحصول على هذه العقود وتعزيز ثروتها، ويمكن الإشارة إلى بعض الاستثناءات بهذا الأمر مثل “أندوريل” التي يبدو مؤسسها بالمر لاكي متيما بمفهوم الأسلحة المعززة بالذكاء الاصطناعي.

وتنوي حكومة ترامب إنفاق ما يصل إلى تريليون دولار العام المقبل على عقود وزارة الدفاع وتطوير الأسلحة الجديدة، وذلك وفق تصريحات وزير الدفاع بيت هيغسيث التي وردت بالتقرير.

وفي هذا السياق، حصلت “غوغل” و”أوبن إيه آي” و”إكس إيه آي” على عقود دفاع تصل إلى 200 مليون دولار من أجل تطوير نماذج ذكاء اصطناعي للاستخدام العسكري.

كما أن شركة إيلون ماسك “إكس إيه آي” قد تحصل على عقد تطوير القبة الذهبية التي يرغب ترامب في بنائها تيمنا بالقبة الحديدية الإسرائيلية.

ويذكر التقرير أيضا حصول “بالانتير” على عقد بقيمة مليار دولار إلى جانب مجموعة أخرى من العقود، بينما “أندوريل” حصلت على عقد بقيمة 259 مليون دولار.

وربما ساهمت علاقة إدارة ترامب الجيدة مع شركات وادي السيليكون في هذا التحول، إذ ظهر بالعديد من المناسبات مع كوكبة من رجال وادي السيليكون فضلا عن دعمهم المستمر له.

العهد الجديد للحروب

عام 1950، استثمر الجيش الأميركي في منطقة وادي السيليكون في كاليفورنيا وفي الشركات التقنية الناشئة فيها طمعا لمنافسة التقنيات الروسية أثناء الحرب الباردة.

ومع مطلع الألفية الحالية، تحولت الشركات التقنية لتطوير منتجات المستهلكين والتقنيات الخاصة بهم، ولكن يبدو أنها تعود الآن إلى تطوير تقنيات الدفاع مع ارتفاع التوتر بين الحكومتين الأميركية والصينية والخوف من الحرب القادمة.

Anduril, Army combat headset contract from Microsoft dvidshub.net - Photo by Courtney Bacon
خوذة “ميتا” بالتعاون مع “أندوريل” مازالت في مرحلة الاختبار (الصحافة الأميركية)

ولا يقتصر الأمر على مجموعة من العقود المستقبلية التي تسعى الشركات للحصول عليها، فقد حصلت “ميتا” على عقد لتطوير نظارات الواقع الافتراضي بالتعاون مع “بالانتير”.

كما أن “أندوريل” بدأت في تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي قادر على قيادة المُسيرات والطائرات المسلحة التي تحمل صواريخ ومصممة للعمل في الميدان.

وبينما يرى تقرير نشرته “نيويورك تايمز” العام الماضي أن الحرب في أوكرانيا وغزة واستخدام المسيرات والتقنيات الحديثة فيها عززت من هذا التحول، فإن الأمر لا يرتبط بالخوف من مستقبل الحروب فقط، بل هو نابع من سعي الشركات لتحقيق الأرباح من أي مصدر كان.

 

المصدر: الجزيرة