هل يهدف التصعيد الأميركي لضرب فنزويلا أم للتفاوض معها؟

مع قرار فرض حصار بحري شامل على نفط فنزويلا وتصنيف نظامها “منظمة إرهابية أجنبية”، تضيّق الإدارة الأميركية الخناق أكثر على نظام الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وتدفع منطقة البحر الكاريبي باتجاه المزيد من التوتر والاحتقان.

وحذّر الرئيس الفنزويلي، في رده على التصعيد الأميركي، من أن بلاده “لا تريد فيتنام جديدة”، واتهم الإدارة الأميركية بممارسة “القرصنة البحرية”، وطالب جميع العاملين في قطاع الملاحة البحرية بالقيام بـ”تحرك عالمي”.

ويرى محللون تحدثوا لحلقة (2025/12/17) من برنامج “ما وراء الخبر”، أن الإدارة الأميركية اتخذت هذه الإجراءات التصعيدية ضد فنزويلا، لأنها تريد الاستمرار في الضغط على نظام مادورو بمختلف الوسائل، ولأنها تسعى إلى بعث رسائل إلى الدول التي تتعاون مع هذا النظام وخاصة الصين.

وبحسب أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية، زياد ماجد، فإن إدارة الرئيس دونالد ترامب ترى أن المرحلة ملائمة للتصعيد ضد فنزويلا بسبب تغير الخريطة السياسية في أميركا الجنوبية، واعتقادها بأن المناخ الدولي يسمح لها بالاستفراد بكراكاس.

فأوروبا -كما يوضح الدكتور ماجد- عاجزة وبعض دولها تشارك أصلا في الحصار المفروض على فنزويلا، أما الصين فهي نفسها مستهدفة لتعاونها النفطي مع فنزويلا، وروسيا بعيدة.

وسيحاول ترامب -يضيف ماجد- الذهاب نحو المزيد من الضغط على فنزويلا لإضعاف نظامها، معولا في ذلك على حالة الانقسام الداخلي في هذا البلد.

ومع استبعاده للعمل العسكري ضد فنزويلا، باعتبار أن مثل هذا القرار يحتاج إلى موافقة من الكونغرس الأميركي، يرجح الدكتور ماجد إمكانية اللجوء إلى مفاوضات تحت الطاولة بين واشنطن وكراكاس بوساطة برازيلية، وربما يكون المخرج على حساب نظام مادورو، أي اتفاقيات تضعف حكومته أو انتخابات مسبقة، لأن هدف ترامب هو تغيير النظام الفنزويلي.

أغبى طريقة

ودافعت عضوة الحزب الحاكم في فنزويلا، إيزابيلا فرنجية عن علاقات بلادها مع الصين، وقالت إنهما يقيمان علاقات استثمارية، وبكين لا تعول فقط على النفط الفنزويلي، بل هناك مجالات أخرى مثل استخراج الذهب والألماس والمعادن الأخرى.

إعلان

ووصفت فرنجية التعاطي الأميركي مع فنزويلا بأنه “أغبى طريقة ممكن أن تحصل في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة”، مشيرة في السياق ذاته إلى أن الولايات المتحدة تفرض حصارا على النفط الفنزويلي بينما شركة شيفرون الأميركية لا تزال تستخرج النفط من فنزويلا وتنقله إلى الولايات المتحدة.

ونفت وجود انقسامات داخلية في فنزويلا، وقالت إن المعارضة الخارجية منسجمة مع المشروع الأميركي، وتتهمها المعارضة الداخلية بارتكاب الخيانة العظمى، في إشارة منها إلى ماريا كورينا ماتشادو، الحائزة على جائزة نوبل للسلام 2025، والتي أكدت في تصريح لها أنها ستواصل نضالها لإسقاط “الاستبداد” الذي يقوده الرئيس مادورو.

ويصر الرئيس الأميركي ترامب على أن فنزويلا تعاني من مشاكل بسبب نظامها، وهو ما يشير إليه الأستاذ في معهد السياسة الدولية، بول ديفيس، إذ يقول لبرنامج “ما وراء الخبر” إن “نظام مادورو غير شرعي والشعب الفنزويلي لا يحبه”، وإن الرئيس ترامب يحاول -حسبه- إعادة الديمقراطية إلى فنزويلا، نافيا أن تكون الولايات المتحدة تسعى للاستحواذ على فنزويلا ونفطها.

وكانت الحكومة الفنزويلية قالت، في بيان، “يحاول رئيس الولايات المتحدة فرض حصار عسكري بحري مزعوم على فنزويلا بطريقة غير عقلانية بهدف سرقة الثروات التي هي ملك لوطننا”.

واستبعد الضيف الأميركي من جانبه أن يقوم ترامب بعمل عسكري واسع النطاق ضد فنزويلا، ورجح أن يكتفي بضربات جوية على مناطق برية مثل الموانئ.

ومن بين الأسباب التي يرى ديفيس أنها تجعل الولايات المتحدة تقوم بتصعيد ضد فنزويلا هي أن الصين وروسيا تتدخلان في هذا البلد، ومن الضروري إبعادهما عن أميركيا الجنوبية، كما قال.

 

المصدر: الجزيرة