وكالة ناسا: هل يستطيع ملياردير اختاره ترامب إنقاذ “أكبر كنز وطني” أمريكي في الفضاء؟

يسعى الملياردير جاريد إسحاقمان إلى تحقيق رؤية كبيرة لمستقبل البشرية، وذلك بعد أن خاض أول تجربة له في الفضاء عام 2021.

وأعلن عن رؤيته هذه بعد أول تجربة له في الفضاء وكانت رحلة خاصة دفع مقابلها حوالي 200 مليون دولار، ليقرر بعدها أنه يريد أن يكون السفر إلى الفضاء متاحاً للجماهير، ولا يقتصر فقط على 600 شخص خاضوا التجربة بالفعل وذهبوا في رحلات إلى الفضاء، وكان معظمهم من رواد الفضاء المحترفين الذين يعملون لدى وكالة ناسا أو استعان بهم الأثريا لمرافقتهم في رحلاتهم.

وقال إسحاقمان للصحفيين: “نريد أن يكون عددهم (زوار الفضاء) 600 ألف.”

وأضاف فيما بعد: “لقد شربت مشروب كول إيد (مشروب شهير للأطفال) فيما يتعلق بطموحاتي الكبرى للبشرية ليصبح البشر نوعاً متعدد الكواكب … أعتقد أننا جميعا نريد أن نعيش في عالم حرب النجوم وستار تريك حيث يقفز الناس في مركباتهم الفضائية.”

وأصبحت صورة إسحاقمان وهو يسير في الفضاء ويظهر ظله والكرة الأرضية عند قدميه رمزاً، فقد أظهرت أنه لم يكن مليارديراً زير نساء يدفع مقابل تمثيل دور في ستار تريك، بل كان شخصاً يصل إلى أقصى ما يمكن للإنسان الوصول إليه باستخدام التكنولوجيا الحالية.

وأثار هذا الإنجاز الانتباه بشكل لم يتوقعه أحد، بلغ حد ترشيحه لرئاسة وكالة ناسا الأمريكية للفضاء من جانب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ديسمبر/كانون الأول.

وكان السؤال الملح، لماذا اختاره ترامب؟ وماذا طلب منه أن يفعل؟ – خاصة في سياق تعيين ترامب مالك شركة سبيس إكس إيلون ماسك، ليكون مسؤولاً حكومياً لتخفيض 2 تريليون دولار من الميزانية الفيدرالية.

ومنصب إدارة ناسا يأتي عبر تعيين رئاسي، على الرغم من أنه يتطلب مصادقة مجلس الشيوخ الأمريكي. وإذا تم التصديق، فإن تعيين إسحاقمان سيثير أيضا أسئلة أوسع حول مستقبل البشرية في الفضاء، نظراً لرغبته في إتاحة الرحلات الفضائية للجماهير، وكذلك لمناقشة الآثار المترتبة على وكالة الفضاء إذا أدى دور السيد إيزاكمان إلى استخدام ناسا بشكل أكبر للقطاع الخاص.

على أعتاب عصر الفضاء الثاني؟

في الماضي، كان رؤساء ناسا يأتون من خلفيات متنوعة: بعضهم كانوا رواد فضاء سابقين، مثل الرئيس السابق بيل نيلسون، وآخرون كانوا مسؤولين حكوميين، مثل مايكل جريفين (الذي تولى المنصب بين 2005 و2009)، حتى كان هناك رجال أعمال أيضاً مثل دان جولدين، الذي كان حريصاً على خفض التكاليف.

وبالنسبة لرجل الأعمال إسحاقمان ومعه إيلون ماسك وجيف بيزوس من أمازون، فهم يشكلون موجة جديدة من المليارديرات الذين يتحدون النظام القديم في الفضاء.

عمل رجال الأعمال على تسريع وتيرة الابتكار ويهدفون إلى خفض تكلفة سفر البشر إلى الفضاء بشكل كبير.

ويوم ترشيحه لشغل منصب رئاسة ناسا في ديسمبر/كانون الأول، نشر إسحاقمان بياناً على منصة إكس ألمح فيه مبكراً عن رؤيته المستقبلية. وكتب في منشوره: “دخلت البشرية هذا العصر الفضائي الثاني للتو.”

وأضاف: “سيكون هناك حتماً اقتصاد فضائي مزدهر، اقتصاد سيخلق فرصاً لعدد لا يحصى من الناس للعيش والعمل في الفضاء … في ناسا، سنبدأ عصراً تصبح فيه البشرية حضارة فضائية حقيقية”.

ولكن منذ ذلك الحين، من المرجح أن يكون عاملان قد غيرا تفكيره: تأخر إطلاق صاروخ ناسا، نظام الإطلاق الفضائي (SLS)، وارتفاع التكاليف بشكل كبير؛ وفي الوقت نفسه، تعمل شركة سبيس إكس التابعة لماسك وشركة بلو أوريجين التابعة لبيزوس على تطوير صواريخ قمرية قابلة لإعادة الاستخدام ومنخفضة التكلفة.

وبحسب كورتني ستاد، من معهد ما وراء الأرض للأبحاث ومقره نيويورك، فإن هذه خلفية “مقلقة” بالنسبة لناسا.

وأضاف: “السنتان القادمتان ستكونان بمثابة تسونامي وكل شيء مطروح على الطاولة.”

مستقبل صاروخ ناسا إلى القمر

أحد أكبر الأسئلة هو ما يجب فعله بصاروخ وكالة ناسا “إس إل إس القمر”. في عام 2021، أفاد مكتب المفتش العام التابع لناسا، الذي يشرف على وكالة الفضاء في تقرير للكونغرس، أن التكلفة كانت 4.1 مليار دولار لكل عملية إطلاق.

وفي مشروع جيف بيزوس الجديد إلى القمر، كان هناك أول عملية إطلاق تجريبية لصاروخ نيو غلين، في بداية شهر يناير/كانون الثاني. ولم تعلن شركة بلو أوريجين، عن تكلفة كل عملية إطلاق، وتشير التقديرات إلى أنها سوف تبلغ حوالي 68 مليون دولار.

ومن المرجح أن تؤدي المنافسة بين المليارديرين (ماسك وبيزوس) إلى تسريع الابتكار وخفض التكاليف بشكل أكبر.

ومن المتوقع أن تكون تكلفة صواريخ ستارشب ونيو غلين أقل، لأنها على عكس صاروخ إس إل إس القمر، مصممة لتكون قابلة لإعادة الاستخدام مرة أخرى.

ولكن “هذا مجرد جزء فقط من سبب التفاوت في التكاليف (بين مشاريع الفضاء)”، بحسب الدكتور آدم بيكر، الخبير في صناعة الفضاء في جامعة كرانفيلد.

وتابع: “تحقيق الربح فقط ليس هو الدافع الحقيقي لبرنامج ناسا، بل الدافع الرئيسي هو تحقيق أهداف البرنامج، وبالتالي فإن المسؤولين لا يعتقدون أنهم بحاجة إلى معالجة قضية التكاليف بنفس الطريقة.”

وأضاف: “هناك قبول عام بأن صاروخ إس إل إس القمر (التابع لناسا) ليس له مستقبل.”

أسئلة حول ارتفاع التكاليف

لم يتمكن مكتب المفتش العام التوصل إلى التكلفة الحقيقية لبرنامج أرتميس واكتفي بتقديرات أثناء تقديم مراجعته للكونغرس، لأنه كما قال: “تفتقر ناسا إلى تقدير شامل ودقيق للتكاليف يراعي جميع التكاليف التي تغطي البرنامج.”

وقد يقول البعض إن إدارة ناسا لمشروع صاروخ إس إل إس ليست غريبة أو بها أية تجاوزات (فيما يتعلق بالميزانية). على سبيل المثال، خصصت الوكالة لمشروع تلسكوب جيمس ويب الفضائي، ميزانية قدرها مليار دولار، في عام 2010 – لكن هذه التكلفة زادت عشرة أضعاف المبلغ المخصص عند الانتهاء من المشروه وإطلاقه رسمياً في 2021، مما جعله يحمل لقب “التليسكوب الذي أكل علم الفلك.”

(كان لا بد من تقليص برامج علمية مهمة أخرى أو تأخيرها أو إلغائها بالكامل لتوفير الأموال اللازمة لمواجهة زيادة التكلفة).

كان هناك قصص مماثلة لتأخير مشروع فضائي وتجاوز الميزانية المحددة له، حدثت في مشروع تطوير مكوك الفضاء في السبعينيات، وكذلك بناء محطة الفضاء الدولية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ورغم هذه التجاوزات إلا أن ناسا كانت تفلت من العقاب، وذلك لأنها كانت صاحبة الفضل في أعظم لحظة في تاريخ أمريكا عندما أرسلت أول رواد فضاء إلى القمر. كان برنامج أبولو الأساس لإنشاء أعمال التكنولوجيا الأمريكية وبشر بعصر جديد نابض بالحياة للولايات المتحدة.

لكن العالم تغير بشكل كبير منذ ذلك الحين، ولم تحافظ ناسا على وتيرة عملها، بحسب رؤية البروفيسور جون لوجسدون، المدير السابق لمعهد سياسة الفضاء بجامعة جورج واشنطن.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments