شهر رمضان: لماذا يتوتر محبو القهوة أثناء الصيام؟

أن تتخلى عن فنجان قهوتك الصباحي كعادة يومية، يمكن أن يكون صعباً عليك، مثل العديد من المسلمين الذين يصومون شهر رمضان، حيث يمتد الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر وحتى غروب الشمس لمدة شهر هجري كامل.

لكن لماذا أصبح من الصعب التخلي عن عاداتنا المتعلقة بشرب القهوة؟ وهل يسبب حبّها إدماناً يؤدي لتوترنا خلال فترة الصيام؟ لنتعرف على إجابات المختصين في هذا التقرير.

لماذا يصعب التخلي عن القهوة؟

ويضيف الدكتور قعوار أن مادة الكافيين الموجودة في القهوة تعتبر “the most paradoxical drug”، أي من أكثر المواد تناقضاً، إذ يختلف تأثيرها من إنسان إلى آخر، فمثلاً قد تسبب الأرق للبعض بينما لا يمكن للبعض أن ينام أو يرتاح دون شربها.

ويرى جراح الأعصاب الدكتور باباك غرائى مقدم، أن شرب القهوة التي تحتوي على الكافيين يومياً، ثم التوقف عن شربها لسبب ما، فإن ذلك يشبه التوقف عن التدخين، ولكن بدرجة أقل، لكنه يعتبر نوع من الإدمان قد يؤدي التخلي عنه إلى الشعور بالصداع، باختلاف الأمر من شخص إلى آخر بالطبع.

لكن يوضح مقدم في حديثه لـ بي بي سي بأن “التخلص من إدمان القهوة، يعتمد على الشخص نفسه. فمثلاً، إذا كان الشخص يشرب كميات كبيرة منها بانتظام، فإن التوقف عنها لمدة يوم أو يومين، أو حتى عند البعض لـ 4 ساعات، قد يؤثر عليهم. إلا أنه في ذات الوقت لا يمكن اعتبار شرب القهوة أو الشاي أمراً ضاراً، مثل التدخين أو الكحول أو المواد المخدرة”.

ومع ذلك يشير مقدم إلى أن شرب القهوة له آثار سلبية أيضاً فيما يتعلق بالنوم، إذ قد يسبب الأرق لبعض الأشخاص.

أما بالنسبة لمشروبات الطاقة التي تحتوي على نسبة مرتفعة من الكافيين وتحفز بعض الناقلات العصبية، كما يقول الطبيب مقدم فإن تأثيرها السلبي أكبر، ولا ينصح بتناولها لأنها قد تسبب مشكلات أخرى مثل زيادة معدل ضربات القلب.

يقول الموقع الإلكتروني للمنظمة الطبية المختصة مايو كلينك، إن “التقليل المفاجئ للكافيين، يؤدي لأعراض امتناع مثل الصداع والإرهاق وسهولة الاستثارة وصعوبة التركيز في المهام. لكن لحسن الحظ تكون هذه الأعراض عادةً معتدلة وتخف بعد بضعة أيام”.

كيف نعتاد على نقص الكافيين في نهار رمضان؟

وتوضح أن الكافيين الذي ينصح به للبالغين يومياً لا يتجاوز 400 ملغ -أي ما يعادل نحو 4 أكواب-، بينما لا يجوز للحامل أو المرضع أن تتناول أكثر من 200 ملغ يومياً. وأما من تتراوح أعمارهم بين 13-18 عاماً فيوصى بعدم شربهم لأكثر من 100 ملغ يومياً. لكن يمنع شرب الكافيين نهائياً للأطفال دون سن الثانية عشرة.

وتلفت النشاش إلى أنه من الخطأ البدء بشرب القهوة عند الإفطار، وأن أفضل وقت لشرب القهوة في رمضان هو الانتظار بعد تناول وجبة الإفطار، من نصف ساعة إلى ساعة، وذلك لمنع اضطرابات الجهاز الهضمي التي قد تحدث في حال أخذ كميات من الطعام والسوائل ومن ضمنها القهوة دفعة واحدة.

في حين يقترح الطبيب قعوار شرب القهوة عند وقت السحور، لضمان أكثر وقت ممكن دون الحاجة إليها نهاراً.

وتضيف “في البداية علينا محاولة تأخير وقت الحصول على الكافيين، لو بدأنا بتأخير موعد كل فنجان ربع ساعة يومياً قبل عشرين يوماً من رمضان، فإن ذلك يعوّد أجسامنا على عدم طلب الكافيين صباحاً. كما يجب تقليل كمية القهوة التي نحصل عليها تدريجياً”.

وبحسبها فإنه حتى فنجان القهوة الصغير الذي اعتدنا على شربه في الأعياد والمناسبات المعروف باسم “القهوة العربية”، يحتوي على نحو 15 ملغ من الكافيين. ورغم كمية الكافيين القليلة فيه إلا أنه يجب الانتباه إلى عدد المرات التي نكرر فيها شرب هذا الفنجان.

ومن أحد الحلول التي تطرحها للأشخاص الذين يحبون مذاق القهوة أنه “بإمكانهم قبل رمضان أيضاً استخدام القهوة منزوعة الكافيين. وخلال رمضان يمكن أن يحصلوا على فنجان واحد من القهوة فيه كافيين، والباقي منزوع الكافيين”.

وتنصح مايو كلينك لتغيير عادة تناول الكافيين، بالبدء بمراقبة مقدار ما نحصل عليه من هذه المادة سواء في القهوة أو غيرها من المشروبات والأطعمة، ثم الإقلاع التدريجي، وتناول مشروبات منزوعة الكافيين.

وتضيف في الخلاصة “إذا كنت مثل معظم البالغين، فإن الكافيين يمثل جزءاً من روتينك اليومي. وفي العادة لن يسبب لك مشكلات صحية. لكن ضع في حسبانك الآثار الجانبية المحتملة للكافيين وكن مستعداً لتقليله إذا لزم الأمر”.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments