تحقيق لبي بي سي: وثائق مسرّبة تكشف تلوثاً بيئياً “خطيراً” تسببت فيه شركة نفطية كولومبية عملاقة

كشف تحقيق أجرته بي بي سي الخدمة العالمية أن شركة الطاقة الكولومبية العملاقة “إيكوبترول” تسببت في تلويث مئات المواقع بالنفط، من بينها مصادر مياه ومستنقعات ذات تنوع بيولوجي واسع.

وأظهرت بيانات، سرّبها موظف سابق في الشركة، وجود ما يزيد على 800 حادثة في مواقع شهدت تلوثاً خلال الفترة بين عامي 1989 و2018، فيما لم تقم الشركة بالإبلاغ عن نحو خمس تلك المواقع.

وحصلت بي بي سي على بيانات كشفت أن الشركة استمرت في تسريب النفط مئات المرات منذ ذلك الوقت.

وتقول شركة “إيكوبترول” إنها تلتزم التزاماً كاملاً بالقانون الكولومبي، وتتبنى نهجاً رائداً في الاستدامة.

وتضم المنطقة الأوسع مجموعة من السلاحف النهرية المهددة بالانقراض، وخراف البحر، وقردة العنكبوت، مما يجعلها جزءاً من بقعة غنية بالأنواع الحية في واحدة من أكثر دول العالم تنوعاً بيولوجياً، كما تعد الأراضي الرطبة القريبة موئلاً محمياً للنمور.

كما ظهرت على سطح المياه، في بعض المواقع، طبقة لامعة متغيرة الألوان، في دلالة واضحة على التلوث الناتج عن النفط.

وتنفي شركة “إيكوبترول”، التي تملك الحكومة الكولومبية 88٪ من أسهمها والمُدرجة في بورصة نيويورك، ادعاءات الصيادين بشأن تسببها في تلوث المياه.

وأكدت الشركة، رداً على استفسار من بي بي سي، أنها تعتمد أنظمة فعّالة لمعالجة مياه الصرف، فضلا عن خطط طوارئ محكمة للتصدي لتسرب النفط.

وكان أولارت قد انضم للعمل في شركة “إيكوبترول” في عام 2017، وبدأ في وظيفة مستشار للمدير التنفيذي، وقال إنه سرعان ما أدرك أن “هناك شيئاً غير صحيح”.

وأضاف أنه واجه المديرين بشأن ما وصفه بـ “البيانات المروعة” عن التلوث، لكنهم رفضوا استفساراته وردّوا عليه بعبارات مثل: “لماذا تطرح هذه الأسئلة؟ أنت لا تفهم طبيعة هذا العمل”.

ترك أولارت العمل بالشركة في عام 2019، وشارك قدراً كبيراً من بياناتها مع “وكالة التحقيقات البيئية” الأمريكية (EIA) وهي منظمة غير حكومية أمريكية، ثم لاحقاً مع بي بي سي، وتأكدت بي بي سي من أن البيانات مصدرها خوادم شركة “إيكوبترول”.

وتتضمن إحدى قواعد البيانات التي كشف عنها، والتي يرجع تاريخها إلى يناير/كانون الثاني 2019، قائمة تضم 839 حالة أُطلق عليها “تأثيرات بيئية غير مُعالجة” في جميع أنحاء كولومبيا.

ويقول أولارت إن الشركة تعمّدت إخفاء بعض هذه المواقع عن السلطات في كولومبيا، لافتاً إلى أن نحو خُمس السجلات صُنّفت تحت عبارة “معروفة فقط لإيكوبترول”.

ويضيف أولارت: “يظهر في ملف الإكسل تصنيف يُبين أي المواقع التي جرى إخفاؤها عن أعين السلطات وأيها بقي معروفاً، مما يعكس نهج إخفاء المعلومات عن الحكومة”.

فيما قال فيليب بايون، الذي شغل منصب الرئيس التنفيذي لإيكوبترول خلال الفترة بين أعوام 2017 و2023، لبي بي سي، إنه ينفي بشدة التلميحات التي تشير بأن الشركة تبنت سياسة لحجب معلومات عن التلوث.

وأضاف: “أؤكد لك بكل ثقة أنه لا توجد، ولم تكن هناك في أي وقت مضى، أي سياسة أو توجيهات تقضي بعدم مشاركة هذه المعلومات”.

وعزَا بايون العديد من حالات تسرب النفط إلى حدوث أعمال تخريب.

وقال بايون إنه يرى “تقدماً ملموساً” تحقق في التصدي للمشكلات التي تسهم في تلوث النفط.

وعلى الرغم من ذلك أظهرت مجموعة بيانات منفصلة أن إيكوبترول واصلت تلويث البيئة.

وكشفت أرقام حصلت عليها بي بي سي من الهيئة الوطنية للتراخيص البيئية، الجهة المنظمة للبيئة في كولومبيا، أن إيكوبترول أبلغت عن مئات من حوادث تسرب النفط سنوياً منذ عام 2020.

ورداً على استفسار بشأن قاعدة بيانات المواقع الملوثة لعام 2019، اعترفت إيكوبترول بوجود سجلات لـ 839 حادثاً بيئياً، لكنها نفت أن تكون جميعها مصنفة على أنها مواقع “غير معالجة”.

وتقول الشركة إن 95٪ من المواقع الملوثة التي صُنفت على أنها مواقع غير معالجة منذ عام 2018 جرى تنظيفها الآن.

وتشير بيانات الجهة التنظيمية إلى وقوع المئات من حوادث تسرب النفط في منطقة بارانكابيرميخا. وفي تلك المنطقة تعيش فيلاسكيز والصيادون.

دأبت فيلاسكيز، التي تعمل في صيد الأسماك، وزملاؤها على مراقبة التنوع البيولوجي في الأراضي الرطبة بالمنطقة، التي تصب في نهر ماغدالينا.

ووصفت، في يونيو/حزيران الماضي، ما حدث بأنه “مجزرة” للحياة البرية، وأضافت: “عثرنا خلال العام الجاري على ثلاثة خراف بحر وخمسة جواميس نافقة، كما عثرنا على ما يزيد على عشرة من تماسيح، إضافة إلى سلاحف وخنازير الماء وطيور وآلاف الأسماك نافقة جميعها”.

وأدرجت دراسة أجرتها جامعة نوتنغهام عام 2022 التلوث الناجم عن إنتاج النفط ومصادر صناعية ومنزلية أخرى، كأحد العوامل العديدة التي تسهم في تدهور حوض نهر ماغدالينا، إلى جانب التغير المناخي.

وترك أولارت عمله في شركة إيكوبترول عام 2019، وانتقل إلى منزل عائلته القريب من بارانكابيرميخا، ويقول إنه التقى بصديق قديم سأله عن فرص عمل، وتلقى بعد ذلك بوقت قصير اتصالا هاتفيا من مجهول يهدده بالقتل.

وقال: “فهمت خلال المكالمة أنهم ظنوا أنني تقدمت بشكاوى ضد شركة إيكوبترول، وهو أمر غير صحيح”.

وأضاف أولارت أن التهديدات استمرت، من بينها رسالة أطلعت عليها بي بي سي، وقال إنه لا يعلم مصدر هذه التهديدات، كما لا يوجد أي دليل على أن شركة إيكوبترول قد أمرت بها.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments