روتين تنظيف المنزل: لماذا يلقى رواجاً عبر منصات التواصل الاجتماعي؟

تقضي كاريس هاردينغ كثيراً من الوقت في تنظيف وترتيب المنزل الذي تعيش فيه مع أطفالها، شأنها في ذلك شأن كثير من الأمهات.

لكن بخلاف معظم هؤلاء الأمهات، تحظى كاريس -بينما تقوم بتلك الأعمال اليومية- بمتابعة الآلاف من المشاهدين عبر الإنترنت.

وتبلغ كاريس من العمر 27 ربيعاً وهي أُمٌّ لثلاثة أطفال، وتعيش في سوانزي – إحدى مدن مقاطعة ويلز في المملكة المتحدة.

وفي خضمّ اتجاه يلقى رواجاً عبر منصات التواصل الاجتماعي تحت وَسْم “#ريسيت” (أو إعادة الضبط)، تقوم كاريس بتصوير نفسها بينما تؤدي مهامّ روتينية يومية: مثل تلميع الأسطُح ونفْض الغبار وترتيب فوضى المكان.

ثم تقوم كاريس بعد ذلك بتقطيع الفيديوهات الأصلية إلى مقاطع صغيرة قبل أن تنشر تلك المقاطع عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وتؤكد كاريس أن الواقعية أمر مهم بالنسبة لها، لكنها تضيف أنها لم تفكر أبداً في أن تجعل الآخرين يشعرون بشيء من الدونية.

“إنني أنظّف بيتي لكي تصبح حياتي أسهل، هذا هو هدفي قبل أي شيء آخر”، وفقاً لكاريس.

ننتقل إلى مؤثّرة أخرى، وهي إميلي جونز، من منطقة أمانفورد بمقاطعة ويلز البريطانية.

وتبلغ إميلي من العمر 32 عاماً، وهي أُمّ لطفلين، وتحظى بمتابعة أكثر من 13 ألف شخص عبر تطبيق إنستغرام.

وتقول إميلي إنها تحاول أن تبدو صادقة و”شفافة مئة بالمئة” بينما تقوم بتقديم “نصائح موفّرة للوقت” في أعمال تنظيف وترتيب المنزل.

“لا يمكن أن نقوم بالتنظيف طوال اليوم، هذا مستحيل؛ فأنا أُمّ لطفلين صغيرين وأحاول أن أقوم في الوقت ذاته بمهامَّ أخرى إلى جانب مهام الأمومة. هذا فضلاً عن قيامي بالمهام التي يقوم بها كل الأشخاص الآخرين”.

وثمة أكثر من 11 مليون منشور عبر منصة إنستغرام تحت وَسْم #كلينينغ (أو تنظيف)، وأكثر من 2.6 مليون منشور تحت وسم #ريسيت (أو إعادة الضبط).

وتبلغ رو داي من العمر 30 عاماً، وتعيش في منطقة هارتفوردشير شرقيّ إنجلترا.

وتنشر رو داي مقاطع فيديو تبلغ مدّتها 60 دقيقة، تطلق عليها اسم “ساعة تنظيف على السريع”، وتضع لنفسها ضابطاً للوقت، بينما تحاول الوصول إلى أعلى مستوى ممكن في مهمة التنظيف.

تقول رو داي: “أفضّل قضاء أقلّ وقت ممكن في أعمال التنظيف، وأشعر أن الناس أيضاً يفضّلون ذلك”.

تقول رو داي: “لا أظنّ أنه من التمكين في شيء أن أقوم بكل أعمال التنظيف وحدي… وإذا كنا سنتحدث عن النوع الاجتماعي -من حيث الذكورة أو الأنوثة أو غير ذلك-، فلا ينبغي أن يقتصر الأمر على الإناث فقط فيما يتعلق بمهام التنظيف المنزلية اليومية”.

وتشير رو داي إلى أن هناك الكثير من صانعي المحتوى الذكور الآن الذين تشاهدهم: “في الحقيقة، عندما أصادف مقطع فيديو لرجل يقوم بمهام ترتيب المنزل، فإنني أتفرّغ لمشاهدته”.

وتستدرك رو داي قائلة: “أحبّ حقيقة أن المجال لا تزال تسيطر عليه النساء، لكن الكثير من الرجال بدأوا يظهرون على الساحة أيضاً”.

“مريح للبال”

تقول ستيفاني بيكر، الباحثة في علم الاجتماع بجامعة سانت جورج في لندن، إن أعمال التنظيف طالما كانت من المَهام النسائية.

وترى بيكر أن صناعة محتوى عن مهام التنظيف ونشْره عبر منصات التواصل الاجتماعي هو شيء “يمنح شعورا بالقوة”.

وتوضّح الباحثة: “الآن بات في إمكان المرأة التكسُّب مادياً من شيء لطالما كانت تقدّمه بلا مقابل”.

وتشير بيكر إلى أن اهتمام الجمهور بمثل هذا المحتوى ليس جديداً، فثمة إقبال جماهيري على الاهتمام بالمحتوى الخاص بأساليب المعيشة المختلفة.

“هذا النوع من المحتوى كان موجوداً قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ما حدث هو أنّ هذه الوسائل سهّلت الوصول إلى ذلك المحتوى”، وفقاً لبيكر.

وترى سِيري برادشو، الباحثة في علم النفس بجامعة سوانزي البريطانية، أنه من الممكن أن ينخدع الناس عندما يشاهدون مقاطع فيديو لتنظيف المنزل وترتيبه مُدتُها 60 ثانية فقط لمهام يستغرق إنجازُها ساعات.

“هذا فضلاً عن شعور بعض المشاهدين بأنه ينبغي لهم أن يشبهوا أصحاب تلك الفيديوهات”، وفقاً لبرادشو.

وتقول باحثة علم النفس إنها تتفهم ما الذي يجذب الناس إلى مشاهدة محتوى روتين تنظيف المنزل: “إنه ذلك الشعور بأنك تُنجز شيئاً يحتاج إلى الإنجاز.. وهو إنجاز يتمّ بوتيرة سريعة للغاية.. وهذا شيء مريح للبال”، على حدّ تعبيرها.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments