أعلنت الحكومة البريطانية تأجيل المحادثات المقررة في لندن الأربعاء بين وزراء خارجية عدد من الدول لبحث السلام في أوكرانيا، وخفض تلك المحادثات إلى مستوى المسؤولين، وذلك بعد رفض كييف خطة الولايات المتحدة للاعتراف بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.
ووفقا لموقع سكاي نيوز فإن وزيرا الخارجية البريطاني ديفيد لامي والأميركي ماركو روبيو لن يحضرا محادثات السلام، موضحا بأن الدبلوماسيين من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وأوكرانيا “أرجؤوا اجتماعا كان مقررا في لندن اليوم لإجراء محادثات رفيعة المستوى حول كيفية إنهاء الحرب الروسية”.
وكان من المقرر أن يزور روبيو لندن اليوم للقاء لامي ووزراء خارجية أوكرانيا وفرنسا وألمانيا، لكن الزيارة تأجلت أمس. وبمجرد الإعلان عن ذلك، أوقفت باريس وبرلين خطط سفر وزرائهما إلى لندن، ويعتقد أن الاجتماع الوزاري سيتم قريبا.
وبدلا من ذلك، سيشارك المبعوث الأميركي إلى أوكرانيا كيث كيلوغ في المناقشات بلندن مع كبار المسؤولين الفرنسيين والألمان، كما أن وزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيغا لا يزال من المقرر أن يكون بالعاصمة وسيلتقي نظيره لامي.
وبدلا من الاجتماع شخصيا، أجرى لامي مكالمة هاتفية مع روبيو، ووصفها في تغريدة على منصة إكس بأنها “بناءة” وقال إن المحادثات ستستمر بوتيرة متسارعة وسيجتمع المسؤولون في لندن اليوم. وفي المقابل نشر روبيو تغريدة أشار فيها إلى أن كيلوغ سيترأس وفدا أميركيا إلى لندن لعقد اجتماعات “فنية جوهرية” مع نظرائه الأوكرانيين والبريطانيين.
وكان ينتظر لمحادثات وزراء الخارجية أن تلعب دورا مهما في الجهود الدبلوماسية لوقف الحرب المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات، رغم أن بريطانيا قللت من التوقعات بتحقيق اختراق كبير.
الخطة الأميركية
وتنص الخطة الأميركية المقترحة -وفقا لما أوردته وسائل الإعلام الأميركية نهاية الأسبوع الماضي- على تجميد خطوط المواجهة كجزء من اتفاق سلام، إلى جانب الاعتراف الأميركي بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم.
وكانت صحيفة فايننشال تايمز ذكرت أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عرض -خلال اجتماع مع المبعوث الأميركي ستيفن ويتكوف في سان بطرسبورغ هذا الشهر- وقف القتال عند خط المواجهة الحالي، والتخلي عن مطالبات موسكو بالسيطرة الكاملة على 4 مناطق أوكرانية.
ونقل موقع أكسيوس الأميركي -عن مصدر مقرب من أوكرانيا- أن الأخيرة ترى أن الاقتراح الأميركي منحاز بشدة نحو روسيا، معتبرا أنه ينص بوضوح شديد على مكاسب ملموسة ستحصل عليها روسيا فيما يورد بشكل غامض وعام ما ستحصل عليه أوكرانيا.
ومن جهته، جدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تمسك كييف بوقف كامل لإطلاق النار كخطوة أولى نحو السلام وإنهاء الحرب قبل الدخول في أي تفاصيل تطيل أمد الحرب. وخلال إحاطة صحفية في كييف، أكد زيلينسكي انفتاح بلاده على الحوار مباشرة مع موسكو في حال قبولها وقفا شاملا لإطلاق النار.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب صرح الأسبوع الماضي بأن المفاوضات “تصل إلى نقطة حاسمة” مشيرا إلى أن بلاده قد “تنسحب” إذا لم يتحرك أي من الطرفين نحو السلام، كما صرح وزير خارجيته الأسبوع الماضي بأن واشنطن “ستتخلى عن المحادثات ما لم يتم إحراز تقدم في غضون أيام”.
اقتراح غير مقبول
وبهذا الصدد، اعتبر فولوديمير شوماكوف الدبلوماسي الأوكراني والمستشار السابق لمحافظة خيرسون -في تصريح للجزير نت- أن الاقتراحات المقدمة من ترامب غير مقبولة لأوكرانيا، مشيرا إلى أن الشروط المطروحة تتعارض مع الدستور الأوكراني الذي يمنع أي تنازلات عن الأراضي الوطنية، خاصة في ظل الأحكام العرفية خلال الحرب.
وأضاف الدبلوماسي الأوكراني أن الحديث عن نهاية الحرب في بلاده يجب أن يفهم ضمن سياقه الحقيقي، مؤكدا أن الرئيس الأميركي ليس صاحب القرار في إنهاء الحرب، وأن بوتين وحده من يملك هذا القرار.
كما وصف التصريحات الروسية الأميركية والاقتراحات المطروحة بأنها صفعة على وجه أوكرانيا وإهمال واضح للقوانين الدولية، معبرا عن رفضه القاطع لأي اعتراف أميركي بشبه جزيرة القرم كأرض روسية.
واعتبر الدبلوماسي الأوكراني أن اقتراح ترامب ذريعة للانسحاب من المفاوضات، وأن الرئيس الأميركي يريد أن يترك أوكرانيا لمصيرها ظنا منه أن روسيا ستحتلها في النهاية، واصفا ذلك بأنه محاولة استرضاء لبوتين ومؤشر على عدم فهم حقيقي لأسباب هذه الحرب.
وأوضح شوماكوف أن هذه حرب استعمارية هدفها السيطرة الكاملة على بلاده، وإذا قدمت أوكرانيا أي تنازلات الآن فإن روسيا ستهاجم مرة أخرى على نطاق أوسع.