قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأحد إن إدارته “قد تجري بعض المناقشات” مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو، في حين تعزز الولايات المتحدة وجودها العسكري بالقرب من فنزويلا مع وصول حاملة طائراتها الأكثر تطورا إلى المنطقة.
ولم يقدم ترامب تفاصيل عن طبيعة المناقشات المحتملة مع مادورو، لكنه قال إن “فنزويلا ترغب في التحدث”.
وعندما سُئل ترامب أمس عما يعنيه بقوله إن مادورو يريد التحدث، أجاب “ببساطة ماذا يعني ذلك؟ أخبرني أنت، لا أعرف”، مضيفا “بعد لحظات سأتحدث إلى أي شخص، وسنرى ما سيحدث”.
ولم ترد حكومة فنزويلا بعد على تصريحات ترامب، علما بأن مادورو -الذي يواجه اتهامات أميركية بالإرهاب المرتبط بالمخدرات في الولايات المتحدة- سبق أن أعلن مرارا أن الحكومة الأميركية “تختلق حربا” ضده.

حشد عسكري
وتتزامن تصريحات ترامب مع تنفيذ الجيش الأميركي سلسلة ضربات ضد سفن يشتبه بنقلها المخدرات في الكاريبي.
ويُعد وصول حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” وسفن حربية أخرى إلى المنطقة نقطة تحول رئيسية، وفي حين تصر إدارة ترامب على أنه عملية لمكافحة المخدرات يُنظر إليه على أنه تكتيك ضغط متصاعد على مادورو.
وتتوّج حاملة الطائرات فورد أكبر حشد للقوة النارية الأميركية في المنطقة منذ أجيال، وبوصولها تشمل مهمة “عملية الرمح الجنوبي” ما يقارب 12 سفينة حربية ونحو 12 ألف بحار ومشاة البحرية.
وتزامن وصول حاملة الطائرات مع إعلان الجيش عن أحدث غارة قاتلة له على قارب صغير يزعم أنه كان ينقل مخدرات.
ونشرت القيادة الجنوبية للجيش الأميركي مقطع فيديو على منصة إكس أمس الأحد يُظهر تفجير قارب في هجوم قالت إنه وقع أول أمس السبت في المياه الدولية لشرق المحيط الهادي وأسفر عن مقتل 3 رجال.
وأسفرت هذه الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة في منطقة البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادي منذ سبتمبر/أيلول الماضي عن مقتل ما لا يقل عن 83 شخصا في 21 هجوما.
وقالت البحرية الأميركية إن مجموعة حاملة الطائرات الهجومية -التي تضم أسرابا من الطائرات المقاتلة ومدمرات الصواريخ الموجهة- عبرت ممر أنيغادا قرب جزر فيرجن البريطانية صباح أمس.
وصرح الأدميرال بول لانزيلوتا قائد مجموعة حاملة الطائرات الهجومية بأنها ستعزز قوة كبيرة بالفعل من السفن الحربية الأميركية لـ”حماية أمن بلادنا وازدهارها من إرهاب المخدرات في نصف الكرة الغربي”.
وقال الأدميرال ألفين هولسي القائد المشرف على منطقة البحر الكاريبي وأميركا اللاتينية في بيان إن القوات الأميركية “على أهبة الاستعداد لمواجهة التهديدات العابرة للحدود الوطنية التي تسعى إلى زعزعة استقرار منطقتنا”.
وقال هولسي -الذي سيتقاعد الشهر المقبل بعد عام واحد فقط من توليه منصبه- إن نشر المجموعة الهجومية “خطوة حاسمة في تعزيز عزمنا على حماية أمن نصف الكرة الغربي وسلامة الوطن الأميركي”.
ويجري الجيش الأميركي تدريبات عسكرية في ترينيداد وتوباغو التي تبعد 7 أميال فقط عن فنزويلا في أقرب نقطة لها، وقال مسؤولون حكوميون إن القوات بدأت “تدريبات” مع الجيش الأميركي ستستمر خلال الأسبوع الجاري.
ووصف شون سوبرز وزير خارجية ترينيداد وتوباغو التدريبات المشتركة بأنها الثانية في أقل من شهر، وقال إنها تهدف إلى مكافحة جرائم العنف في الدولة الجزيرة التي أصبحت نقطة توقف لشحنات المخدرات المتجهة إلى أوروبا وأميركا الشمالية.
وتشمل التدريبات مشاة البحرية من الوحدة الاستكشافية الـ22 المتمركزين على متن سفن البحرية التي تلوح في الأفق قبالة سواحل فنزويلا منذ أشهر، ووصفت حكومة فنزويلا التدريبات بأنها عمل عدواني.
وفي غضون ذلك، صرّح وزير الجيش الأميركي دان دريسكول أمس الأحد بأن القوات الأميركية تتدرب في بنما، مما يؤكد تركيز الإدارة المتزايد على أميركا اللاتينية.
وقال دريسكول لبرنامج “واجه الأمة” على قناة “سي بي إس” إننا “نعيد تفعيل مدرستنا في بنما، سنكون مستعدين للتحرك في أي وقت” يحتاجه ترامب ووزير الدفاع بيت هيغسيث.
وتصر إدارة ترامب على أن تعزيز القوات الأميركية في المنطقة يهدف إلى وقف تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة، لكنها لم تقدم دليلا واحدا يدعم تأكيداتها بأن القتلى في القوارب كانوا “إرهابي مخدرات”.
ويشير ترامب إلى أن العمل العسكري سيتجاوز الضربات البحرية، قائلا إن الولايات المتحدة “ستمنع وصول المخدرات برا”.
ويوم الجمعة الماضي، سأل الصحفيون ترامب عما إذا كان قد حسم أمره بشأن ما ينوي فعله بشأن فنزويلا، فقال “لقد حسمت أمري نوعا ما”، ولم يقدم تفاصيل.

ضغوط
ولطالما استخدمت الولايات المتحدة حاملات الطائرات للضغط على الدول الأخرى وردع عدوانها، لأن طائراتها الحربية قادرة على ضرب أهداف في عمق أراضيها.
وصرّح وزير الخارجية الأميركية ماركو روبيو في بيان صدر مساء الأحد بأن وزارة الخارجية تعتزم تصنيف “كارتل دي لوس سولس” أو” كارتل الشمس” منظمة إرهابية أجنبية.
وأضاف أن الكارتل “يترأسها مادورو وأعضاء آخرون رفيعو المستوى في حكومته، وهي من بين “المسؤولين عن العنف الإرهابي في جميع أنحاء نصف الكرة الأرضية، بالإضافة إلى تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة وأوروبا”.
وعندما يدخل هذا التصنيف حيز التنفيذ في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري سيصبح تقديم “دعم مادي” للكارتل أو أعضائها جريمة.
وبينما برر ترامب الهجمات على قوارب تهريب المخدرات بالقول إن الولايات المتحدة في “صراع مسلح” مع عصابات المخدرات، في حين زعم أن القوارب تشغّلها منظمات إرهابية أجنبية.
لكنه واجه معارضة من قادة المنطقة والمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والمشرعين الأميركيين، بمن فيهم الجمهوريون الذين ضغطوا للحصول على مزيد من المعلومات عن المستهدفين والتبرير القانوني لهجمات القوارب.
وعلى الرغم من ذلك فإن الجمهوريين صوّتوا في مجلس الشيوخ مؤخرا على رفض تشريع كان من شأنه أن يحد من قدرة ترامب على شن هجوم على فنزويلا دون إذن الكونغرس.
ويختلف الخبراء بشأن ما إذا كان يجوز استخدام الطائرات الحربية الأميركية لضرب أهداف برية داخل فنزويلا أم لا، وعلى أي حال توجه السفينة الحربية -التي يبلغ وزنها 100 ألف طن- رسالة.
وقالت إليزابيث ديكنسون كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية لشؤون منطقة الأنديز “هذا هو أساس ما يعنيه وجود القوة العسكرية الأميركية مجددا في أميركا اللاتينية”.
وترى ديكنسون أن ذلك “أثار ذلك الكثير من القلق في فنزويلا، بل وفي جميع أنحاء المنطقة، والجميع يترقبون لمعرفة مدى استعداد الولايات المتحدة لاستخدام القوة العسكرية حقا”.
المصدر: الجزيرة