قال توم فليتشر مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إن المنظمة الدولية تسعى جاهدة لدخول مدينة الفاشر السودانية المنكوبة بالمجاعة في دارفور، والتعامل معها على أنها “مسرح جريمة” للتحقيق في عمليات إعدام واحتجاز واغتصاب ممنهجة، بحسب تقارير إعلامية.
وقال فليتشر إن المحادثات مع قوات الدعم السريع، التي تسيطر على الفاشر، “حساسة جدا” لكنه يأمل في أن تتمكن الأمم المتحدة من دخول الفاشر في غضون أيام أو أسابيع لا أشهر، وقال “سنبذل جهدا شاقا للدخول”.
وأضاف أن تقديم المساعدات مهمة ضخمة أمام الأمم المتحدة في المدينة التي سيتم التعامل معها على أنها “مسرح جريمة” للتحقيق في أعقاب تقارير عن عمليات إعدام واحتجاز واغتصاب ممنهجة.
ولم يعرف حتى الآن مصير كثيرين ممن يُعتقد أنهم ظلوا في الفاشر في أعقاب سيطرة قوات الدعم السريع عليها بعد حصار طويل.
وقال المسؤول الأممي، في مقابلة أجريت معه في ساعة متأخرة من مساء أمس الثلاثاء من نجامينا في تشاد، عقب زيارة إلى دارفور، إن هناك حاجة إلى ممر آمن لدخول العاملين في المجال الإنساني إلى المدينة ومغادرة الناجين.
وفي ذات السياق، قال فليتشر إن الفظاعات التي ارتُكبت في منطقة الفاشر بإقليم دارفور غربي السودان قوبلت بـ”لامبالاة” ونُفذت “في ظل شعور بالإفلات التام من العقاب”.
وأشار فليتشر في تصريحات صحفية إلى أن العالم لم يُعر اهتماما كافيا لأزمة دارفور، فهناك كثير من اللامبالاة وعدم الاكتراث تجاه المعاناة الهائلة التي شهدناها هناك.
وقال فليتشر إنه استمع خلال زيارته لدارفور إلى كثير من الشهود، وكثير من الناجين من هذا العنف الوحشي، وأضاف: “كانت رواياتهم مروعة ثمة شعور بالإفلات التام من العقاب وراء هذه الفظائع”.
وأسفرت الحرب المتواصلة منذ أبريل/نيسان 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل عشرات الآلاف ودفعت الملايين إلى النزوح، وأحدثت “أسوأ أزمة إنسانية في العالم” بحسب الأمم المتحدة.
الاختيار الصعب
من جهة ثانية، أفادت منظمة “هانديكاب إنترناشونال” لوكالة الصحافة الفرنسية أن العاملين في مجال الإغاثة بمنطقة دارفور في غرب السودان يضطرون إلى “اختيار من يُنقذون”، نظرا إلى محدودية الإمكانات المتاحة التي لا تكفي لمساعدة جميع المدنيين المتضررين من الحرب.
وقال رئيس قسم التوزيع اللوجستي جيروم برتران “إنه خيار على الجهات الإنسانية المعنية اتخاذه ويشكل معضلة لا إنسانية، وهو أمر يتعارض تماما مع قيمنا”، مشيرا إلى أن فرق المنظمة تُعطي الأولوية “للأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات، على أمل أن يصمد الآخرون”.
واشتكى برتران من أن تعليق قسم من المساعدات الأميركية (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية) أدى إلى فقدان 70% من الموارد في دارفور، مشيرا إلى أن الاحتياجات التي باتت تُلبى لم تعد تتجاوز الربع.
وأفاد بأن 80 ألف شخص متروكون على الطرق، يتعرضون للعنف والابتزاز. وتظهر على من يصلون إلى مدينة طويلة آثار سوء التغذية وجروح ناجمة عن التعذيب، أو يكونون مصابين بطلقات نارية.
القتال مستمر
وعلى الرغم من جهود الوساطة الدولية، استمر القتال في مختلف أنحاء دارفور وكردفان المجاورة.
وفي الأسبوع الفائت، أصابت غارة جوية مركبة تجارية بالقرب من زالنجي وسط دارفور، وأدى ذلك إلى تضرُّر مركبات للأمم المتحدة كانت قريبة.
وفي شمال كردفان، يخشى السكان هجوما وشيكا على الأبيض، حيث أسفر هجوم بطائرة مسيّرة على جنازة هذا الشهر عن مقتل 40 شخصا على الأقل.
كما تقدمت قوات الدعم السريع نحو مدينة بابنوسة الإستراتيجية غرب كردفان التي أكدت أنها ستواصل القتال حتى اللحظة الأخيرة.
واستمر القتال حتى بعد موافقة الدعم السريع على اقتراح هدنة قدمته الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
ويوم الجمعة، استبعد البرهان، خلال زيارة لمدينة السريحة في وسط السودان، إجراء محادثات سلام.
وبسقوط الفاشر، باتت قوات الدعم السريع تسيطر على كل عواصم ولايات دارفور الخمس، وأدى ذلك فعليا إلى تقسيم السودان إلى قسمين، إذ يسيطر الجيش على الشمال والشرق والوسط، ويشمل الخرطوم، بينما تسيطر قوات الدعم السريع على دارفور وأجزاء من الجنوب.
المصدر: الجزيرة