المشي الخفيف أو اليوغا السهلة أو تمارين التمدد، أنشطة تسمى “تمارين النقطة صفر”، وهي تلك التي تظل ضربات القلب منخفضة عند ممارستها، والمعدل الذي تصنفه أجهزة اللياقة على أنه المنطقة “1” تعني غالبا 50% إلى 60% من الحد الأقصى لمعدل ضربات القلب، أما المنطقة صفر فتقل عن ذلك، وقد اكتسبت في الآونة الأخيرة شعبية كبيرة لما تقدمه من فوائد.
من يمارسها؟
لطالما كانت التمارين متوسطة وعالية الشدة موضوع الدراسات للوقوف على فوائدها، بينما لم تحظ التمارين منخفضة الشدة بهذا الاهتمام، وقد تكون ممارسة أنشطة متوسطة أو عالية الشدة أمرا صعبا لدى بعض كبار السن مثلا، وهذا ما يدفع للحديث عن فوائد التمارين منخفضة الشدة (أقل من 100 خطوة) وما إذا كانت بالفعل تحقق فوائد صحية.
الحقيقة أن الجلوس فترات طويلة يهدد صحتنا العامة، والتمارين الخفيفة تحدث أثرها، كما أنها مهمة حتى لمن يمارسون التمارين المكثفة، فالرياضيون أيضا لا يمكنهم ممارسة التمارين عالية الشدة كل يوم.
بينما نعتقد أن التمرين بعد يوم من الجلوس الطويل كاف، فإن الحقيقة أن أجسامنا تحتاج للحركة أثناء ساعات اليوم لتُحدث التمارين القوية تأثيرها، وتمارين المنطقة صفر مفيدة في أيام الراحة أيضا وفي الأيام التي تريد فيها استعادة قوتك بعد تدريبات قوية.
كما أنها تناسب من يواجهون ضغوط العمل والأسرة ولا يجدون وقتا للذهاب للصالات الرياضية. فبدلا من ألا تفعل أي شيء، يمكنك ممارسة التمارين الخفيفة لتحصل على فوائد أكبر مع مرور الوقت، كما أنها ترسخ عادة ممارسة الرياضة.

فوائد صحية
تحسن هذه التمارين الدورة الدموية وتساعد في تنظيم مستوى السكر في الدم وتدعم الصحة النفسية وتقلل خطر الإصابة بأمراض القلب.
في دراسة نشرتها مجلة “جيه آبل كونترول” (J Appl Gerontol) عام 2014 شارك عدد ممن يبلغ متوسط أعمارهم 76 عاما، في اختبار لقياس مستوى النشاط. وارتدى المشاركون ساعات لقياس الخطوات، فتبين أن تكرار النشاط منخفض الشدة يرتبط بأداء أفضل في الوظائف البدنية ويحسن ظروف الحياة كما ينقص من أعراض الاكتئاب، وحقق للمشاركين فوائد صحية مهمة ساعدتهم على الاعتماد على أنفسهم في حياتهم اليومية.
وفي دراسة أخرى أجراها باحثون من المعاهد الوطنية للصحة في الولايات المتحدة وجامعة أكسفورد على نحو 85 ألف بالغ، كشفت النتائج أن الأشخاص الذين سجلوا أعلى إجمالي للنشاط البدني كانوا أقل عرضة للإصابة بالسرطان بنسبة 26% مقارنة بالأشخاص الذين سجلوا مستويات أقل من النشاط.
كما أشارت النتائج إلى أن زيادة عدد الخطوات اليومية، بصرف النظر عن سرعة المشي، كان يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان، لذا دعا الباحثون إلى إدراج المشي -بأي سرعة- في الروتين اليومي.
وتشير دراسة أُجريت عام 2021 إلى أن انعدام الحركة وتقليل الخطوات اليومية يقلل تأثير التمارين عالية الشدة، كما تشير أبحاث أخرى إلى أن الحركة المنخفضة الشدة تُحدث في الجسم تغييرات بنيوية تساعد في تحسين قدرته على التحمل وتعده للتدريبات القوية.
كما تحقق فائدة أخرى مهمة، وهي الاستمرارية في أيام العمل الطويلة. فحين نكون غير قادرين على ممارسة التمارين الشاقة، يكون الأفضل بدلا من إلغاء خطة التمرين، أن نمارس تمارين النقطة صفر، فهي لا تتطلب مجهودا كما أنها تمنحنا النشاط وتحسن الحالة النفسية، وتُبقي على الرياضة في برنامجنا اليومي، وتسهّل العودة لممارسة التمارين المتوسطة والمنخفضة الشدة.
هذه التمارين تناسب الجميع ويسهل الالتزام بها، كما أنها ممتعة وتقلل التوتر، وتخفف ألم العضلات وتساعد في الاسترخاء، إنها ليست برنامجا رياضيا كاملا ولا تكفي لبناء قوة العضلات وتحسين اللياقة، لكنها تظل أفضل من لا شيء، كما أنها تمثل أساسا لبناء العادة ويمكن بعدها زيادة شدة التمارين تدريجيا.

أفكار يمكن دمجها في الروتين اليومي
بعض العادات ستساعدك على ممارسة تمارين المنطقة صفر:
- بدلا من أن تستلقي على الأريكة بعد العودة من يوم عمل شاق، قد يكون للمشي نصف ساعة أثر أكبر في شعورك بالراحة الجسدية وتخلصك من الشعور بالتوتر.
- بدلا من أن تشاهد التلفاز جالسا، مارس تمارين الإطالة.
- اصعد السلم بدلا من استخدام المصعد.
- في العمل استخدم الحمّام الأبعد عن مكتبك، واذهب لزميلك بدلا من الاتصال به.
- اركن سيارتك بعيدا قليلا وإذا كنت تستخدم النقل العام، انزل محطة قبل هدفك أو بعدها.
تتراكم فوائد الحركة البسيطة عبر الشهور والسنوات لتمنحنا نوما أفضل ومزاجا أحسن، وتقلل خطر الأمراض المزمنة، وهناك الكثير من الأفكار لتمارسها، إنها باختصار أن تقوم بأي حركة مهما كانت بسيطة، لأنها تُحدث فرقا.
المصدر: الجزيرة