مع استمرار القتال في السودان، تبرز مناطق ذات أهمية إستراتيجية قد تعيد رسم خريطة الحرب في البلاد، وفي خضم التجاذبات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تتجه الأنظار إلى إقليم كردفان، حيث تتعرض مدن رئيسة يسيطر عليها الجيش لضغوط متصاعدة.
ويضع التقرير، الذي أعدته شيماء بوعلام، كردفان في قلب المواجهة الحالية، مع انتقال ثقل الصراع إليها خلال عام 2025، فالإقليم يشكل حلقة وصل جغرافية بين دارفور (غرب) ووسط وشرق السودان، ويضم طرق نقل وموارد تمويل تجعل من السيطرة على مدينة واحدة مدخلا للتأثير على أخرى.
وتُظهر الخرائط تداخل خطوط النفوذ في ولايات كردفان الثلاث، مع تحركات متبادلة بين طرفي الصراع، وتوضح المؤشرات أن المعركة لم تعد محصورة في الأطراف، بل باتت تدور حول عقد إستراتيجية قد تحسم اتجاهات التمدد أو الانكفاء.
ففي جنوب الإقليم، تبرز مدينة هجليج كواحدة من أكثر النقاط حساسية. فالمدينة الواقعة قرب الحدود مع دولة جنوب السودان تُعد مركزا لمعالجة وتشغيل وتصدير النفط، وترتبط بخط أنابيب يصل إلى بورتسودان على البحر الأحمر.
ويمنح هذا الموقع هجليج وزنا اقتصاديا وإستراتيجيا، يجعل السيطرة عليها عاملا مؤثرا في موازين الحرب، وورقة ضغط محتملة في أي مسار تفاوضي.
مفترق طرق
أما في شمال كردفان، فتخضع مدينة الأُبَيّض لاختبار متزايد، فالمدينة التي تُعد عاصمة الولاية، تشكل مفترق طرق يربط غرب السودان بوسطه، كما تلعب دورا محوريا في الملف الإنساني، بوصفها ممرا لمناطق تستقبل آلاف النازحين.
وبالنسبة للجيش، فإن الحفاظ على الأبيض يعني إعاقة تمدد الدعم السريع شرقا، في حين تتيح السيطرة عليها للدعم فتح ممر أوسع باتجاه الخرطوم.
وجنوب شرق الأبيض، تظهر مدينة أم روابة كنقطة ضغط إضافية في خريطة الصراع، فالمدينة تمثل خط إمداد حيويا للأبيض، وتربط شمال كردفان بولاية النيل الأبيض ووسط البلاد، وأي اضطراب فيها قد يفتح الباب أمام تقدم الدعم السريع، أو يؤدي إلى عزل الأبيض عن عمقها اللوجستي.
وفي جنوب كردفان، تبرز منطقة العباسية باعتبارها من أكثر المناطق حساسية، وتشهد المنطقة اشتباكات متواصلة، نظرا لموقعها على خط التماس مع محاور مدن مثل الدلنج وكادوقلي.
وتكمن أهميتها في التحكم بالطرق والممرات جنوب الولاية، ما يجعل أي تقدم أو تراجع فيها مؤثرا على قدرة الأطراف على المناورة.
ولم يعد الصراع في كردفان معركة مواقع عابرة، بل مواجهة على مفاصل جغرافية حاسمة، قد تحدد اتجاه الحرب في السودان خلال المرحلة المقبلة.
المصدر: الجزيرة