محلل سعودي: ما يجري بجنوب اليمن تمزيق للبلاد وتمرد صريح

تتجه بوصلة الموقف السعودي من التصعيد الأخير في جنوب اليمن نحو الحسم، في ظل قراءة رسمية تعتبر ما يجري في حضرموت والمهرة خروجا صريحا على المرجعيات السياسية والقانونية التي تحكم مسار التسوية، وتهديدا مباشرا لوحدة اليمن وأمن الإقليم.

ويرى الأكاديمي والمحلل السياسي السعودي خالد باطرفي، أن التطورات الأخيرة لا يمكن فصلها عن سياق الانقلابات التي عرفها اليمن خلال العقد الماضي، معتبرا أن ما يحدث في الشرق يعيد إنتاج منطق القوة ذاته الذي فرضه الحوثيون عام 2014 حين انقلبوا على مخرجات الحوار الوطني.

ويشير باطرفي إلى أن الحوثيين رفضوا حينها نتائج التوافق السياسي لأنها لا تمنحهم السيطرة الكاملة، ما قاد إلى انقلاب عسكري استدعى تدخل التحالف وصدور قرارات دولية أبرزها قرار مجلس الأمن 2216، الذي رسم 3 مرجعيات واضحة للحل لم يلتزم بها الحوثي.

وبحسب المحلل السعودي، فإن المشهد اليوم يتكرر ولكن بفاعلين مختلفين، حيث تشهد المحافظات الشرقية تمردا على المرجعيات نفسها، من قوى تسعى للاستئثار بالسلطة خارج إطار صناديق الاقتراع والقوانين الدولية، وبدون أي تفويض حقيقي من السكان المحليين.

ويذهب باطرفي إلى أبعد من ذلك حين يشكك في قدرة المجلس الانتقالي الجنوبي على إدارة مناطق جديدة، معتبرا أن عجزه عن تقديم نموذج حكم مستقر في عدن يجعل ادعاءه القدرة على إدارة حضرموت، أكبر أقاليم اليمن، بالقوة أمرا غير قابل للتصديق سياسيا ولا واقعيا.

ويأتي هذا التوصيف في وقت أعلن فيه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي حزمة قرارات غير مسبوقة، شملت المطالبة بخروج القوات الإماراتية خلال 24 ساعة، وإعلان حالة الطوارئ، وإلغاء اتفاقية الدفاع المشترك مع أبوظبي.

كما فرض المجلس الرئاسي حظرا جويا وبريا مؤقتا على المنافذ، متهما الإمارات بشحن أسلحة إلى ميناء المكلا لدعم قوات المجلس الانتقالي، في خطوة اعتبرها العليمي تهديدا مباشرا للمركز القانوني للدولة اليمنية.

منظور قانوني

وفي هذا السياق، يؤكد باطرفي أن الرياض تتعامل مع ما يجري من منظور قانوني واحد لا يقبل التجزئة، مشددا على أن التحالف لا يمكن أن يمنح شرعية لأي تمرد مسلح لم تُمنح سابقا للحوثيين، لأن المعيار واحد والموقف واحد.

إعلان

ويضيف أن القضية لا تخص فقط تنفيذ قرارات أممية، بل ترتبط مباشرة بالأمن الوطني السعودي، في ظل حدود طويلة مع حضرموت، تجعل أي انفلات أمني أو سياسي في الشرق اليمني تهديدا مباشرا للمملكة.

ويحذر المحلل السعودي من تكرار نماذج الفوضى والانقسام التي شهدتها دول مثل ليبيا والسودان والصومال، معتبرا أن السعودية لن تسمح بانتقال هذه السيناريوهات إلى خاصرتها الجنوبية، وهو ما يفسر حزم الموقف الحالي.

ورغم هذا التشدد، يلفت باطرفي إلى أن التحالف لا يزال يترك باب العودة مفتوحا لجميع الأطراف، مؤكدا أن محاولات الاحتواء استمرت أشهرا، سواء قبل أو بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي، لكنها اصطدمت بطموحات شخصية تحولت أخيرا إلى تمرد صريح.

وتتقاطع هذه القراءة مع التطورات الميدانية في المكلا، حيث أعلن تحالف دعم الشرعية تنفيذ ضربة جوية محدودة استهدفت شحنتي سلاح قادمتين من ميناء الفجيرة، بعد رصد تعطيل أنظمة التتبع وإنزال أسلحة لدعم قوات الانتقالي.

ويرى باطرفي أن هذه الضربة تمثل إنذارا واضحا، مفاده أن أي شحنات عسكرية أخرى ستُعامل بالطريقة نفسها، في ظل حظر شامل على المنافذ البرية والبحرية والجوية، معتبرا أن المسألة محسومة من الناحية النظامية.

ويشبه ما جرى بمحاولات تهريب السلاح إلى الحوثيين في السابق، مؤكدا أن التحالف سيتعامل بالمعايير ذاتها مع أي دعم عسكري خارجي يهدد الاستقرار في حضرموت أو غيرها من المناطق.

ويخلص المحلل السعودي إلى أن مستقبل وجود المجلس الانتقالي الجنوبي في حضرموت والمهرة، في ضوء المعطيات الحالية، بات أقرب إلى “المنتهي”، إذا استمر في القفز على السلطة وفرض الوقائع بالقوة، في تحدٍ للإرادة المحلية والدولية على حد سواء.

 

المصدر: الجزيرة