عمل احترافي من الدرجة الأولى بتقنيات عالية الجودة… تأليف فيصل البلوشي وإخراج سعيد الماروق
فالح العنزي
بدأت منصة “نتفليكس” العالمية عرض المسلسل التلفزيوني الكويتي “الدولة العميقة” للمخرج سعيد الماروق، وهو العمل الذي أثار ردود فعل متباينة منذ أن عرضته الجهة المنتجة منصة “شاشا” قبل فترة قصيرة، ويحمل هذا العمل تحديات عديدة تمثلت في طبيعة فكرة النص، الذي كتبه المؤلف فيصل البلوشي، اعتمادا على “ثيمة” بوليسية وكذلك الاستعانة بالمخرج سعيد الماروق، صاحب التجارب الاخراجية القليلة جدا في مجال الدراما والسينما، حيث عرفناه مخرجا للفيديو كليب وقريبا من المجال الإعلامي، كذلك السعي نحو تقديم عمل درامي خليجي يرتقي في المضمون والصورة والاحترافية كما هو الحال فيما قدم من أعمال بوليسية أكشن مثل المسلسل السعودي “رشاش” وغيره.
من المشهد الأول لاختبار قدرات احدى الطائرات العسكرية المتطورة وسقوطها المفاجئ بسبب عطل أدى إلى مقتل الطيار، حاول المخرج الماروق، فرد عضلاته باستخدامه خلاصة خبرته الإخراجية في عشرات الأعمال، مستعينا بالغرافيك، فقدم واحدا من أجمل مشاهد “الأكشن” ونجح في السيطرة على المشاهد وأحكم قبضته في تنفيذ مشاهد اقتحام فرقة مكافحة الارهاب وتنفيذها عملية تطهير بالقضاء على مجموعة من الارهابيين كانوا تحصنوا في أحد المنازل.
وللامانة كان تنفيذ المشهد احترافيا من الدرجة الأولى وكأننا أمام مشهد من فيلم اجنبي محترف، وهنا يؤكد الماروق، بأن الإخراج فن للمخرج الذي يتعايش مع النص، بدليل حسن اختياره لفريق عمله المكون من فيصل العميري “وزير الأمن القومي”، خالد البريكي “زيد”، بشار الشطي “بشار”، خالد المظفر “خالد”، روان بن حسين “الصحافية”، نواف عبدالله، والقائمة مثقلة بعناصر لعبت أدوارا رئيسية غيرت مجرى الاحداث.
الثراء الانتاجي
بغض النظر عن “الكروما”، المستخدمة في المسلسل فإنه يوجد ثراء في الصورة في ظل التنقل بالكاميرا من الستديو الداخلي المغلق إلى الفضاء الخارجي في بلدان تطرقها الدراما المحلية للمرة الأولى مثل كوبا، بهدف إضفاء نوع من جمالية المنظر، التي تتناسب وأحداث المؤامرة والتخوين والصراع من أجل اثبات براءة رجل قيادي أمني.
تمثيل
اعتمد الأداء التمثيلي في أول حلقتين على ظهور جيد للفنان فيصل العميري، حاولت أن اعمل ربط بينه وبين شخصيته في مسلسل “الصفقة”، من ناحية الشخصية القيادية والمسؤولة، وفعلا وجدنا عاملا مشتركا بين الشخصيتين، لكن سرعان ما تبدد التقاطع مع دخول الأحداث عامل الجدية وتبدلت شخصية “الوزير” من قيادي هادئ إلى رجل عسكري غاضب، كذلك “الدويتو” الجميل بين الثنائي بشار الشطي وخالد مظفر، وحتى ظهور روان بن حسين في دور “الصحافية”، التي تلاحق الاخبار البوليسية، كان ظهورا جيدا ومغايرا تماما لظهورها في مسلسل “ذهبت مع الماء”، وبلا شك سوف نرصد باقي حلقات العمل قريبا، لكن يمكن القول بأن مسلسل “الدولة العميقة” عمل احترافي من الدرجة الأولى بتقنيات عالية الجودة، وفي حال استمرت الدراما الخليجية في تقديم هذه النوعية من الأعمال الثرية بالصورة والمضمون فستكون بداية لرسم خارطة دراما “الأكشن بوليسي”.

