إغراءات مالية دفعت كولومبيين لميدان الحرب في السودان

كشف تحقيق صحفي عن انتقال مئات الجنود الكولومبيين السابقين إلى السودان للمشاركة في الحرب الدائرة هناك، مقابل وعود برواتب مرتفعة، قبل أن يلقى عدد كبير منهم مصرعه في ساحات القتال، في حين وُجّهت اتهامات لبعض الناجين بارتكاب جرائم حرب.

ووفق تحقيق أجرته وكالة الصحافة الفرنسية، تمتد شبكة تجنيد هؤلاء المقاتلين من أميركا الجنوبية وصولا إلى إقليم دارفور غربي السودان، حيث يقاتل كولومبيون إلى جانب قوات الدعم السريع في حرب مدمّرة تخوضها منذ أكثر من عامين مع الجيش السوداني.

واستند التحقيق إلى مقابلات مع مقاتلين سابقين وأفراد من عائلاتهم، إضافة إلى سجلات شركات وتحليل مواقع جغرافية لمقاطع مصوّرة من ساحات القتال، مما أظهر دور الكولومبيين في تعزيز القدرات القتالية لقوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب إبادة جماعية.

واندلعت حرب السودان في أبريل/نيسان 2023 بين الجيش والدعم السريع مما تسبب بمقتل عشرات آلاف السودانيين ونزوح نحو 13 مليونا.

وبحسب التحقيق، جرى تجنيد هؤلاء عبر تطبيقات تواصل، ثم خضعوا لتدريبات قصيرة قبل نقلهم إلى مناطق القتال في السودان، حيث شاركوا في معارك وُصفت بالأعنف، لا سيما في إقليم دارفور.

ووفقا لشريك منفصل عن عقيد كولومبي سابق -يخضع لعقوبات أميركية لكونه جزءا من “شبكة التجنيد” هذه-، تمثلت المهمة في ضم 2500 رجل إلى صفوف قوات الدعم السريع.

عمليات وخبرات

كما ظهر -بحسب وكالة الصحافة الفرنسية- مرتزقة إلى جانب طرفي النزاع، غالبيتهم من دول أفريقية، مثل إريتريا وتشاد، لكن هؤلاء لم يقوموا بعمليات معقّدة ومتطوّرة مثل تلك التي يقوم بها الكولومبيون، المعروفون بخبرتهم في حرب المسيّرات والمدفعية.

وأشار التحقيق إلى أن بعض المرتزقة وثّقوا وجودهم في مناطق الاشتباكات، وتبيّن من خلال تحديد المواقع الجغرافية أنهم شاركوا في عمليات عسكرية حول مدن ومخيمات للنازحين، في وقت تتهم فيه منظمات دولية قوات الدعم السريع بارتكاب مجازر وعمليات تهجير واسعة.

إعلان

وذكر التحقيق أن المرتزقة الكولومبيين يتمتعون بخبرة عسكرية متقدمة، خصوصا في تشغيل المسيّرات والمدفعية، وهو ما منحهم دورا مختلفا عن مقاتلين أجانب آخرين شاركوا في النزاع، معظمهم من دول أفريقية مجاورة.

وأفاد مقاتلون سابقون بأنهم كانوا يتقاضون رواتب شهرية تتراوح بين 2500 و4 آلاف دولار، أي ما يفوق بأضعاف معاشاتهم التقاعدية في كولومبيا، حيث يتقاعد الجنود في سن مبكرة ويتقاضون مخصصات محدودة.

وفي 9 ديسمبر/كانون الأول، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من الأشخاص والشركات الكولومبية، على خلفية دورهم في شبكة عابرة للحدود لتجنيد مقاتلين وإرسالهم إلى السودان.

تقديرات ودعوات

وتشير تقديرات السلطات السودانية الموالية للجيش إلى مقتل عشرات المرتزقة الكولومبيين خلال المعارك، في حين أعلنت وزارة الخارجية الكولومبية أن عددا من مواطنيها “تعرّضوا للخداع” من قبل شبكات اتجار بالبشر دفعتهم للانخراط في النزاع السوداني.

وقبل يومين دعا وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى التوصل لهدنة إنسانية في السودان، وأشار إلى أن العام الجديد يمثل فرصة لذلك، وحض الدول على استخدام نفوذها لإحلال السلام.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد ذكر الأسبوع الماضي أنه سيتدخل لوقف الحرب في السودان.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان، تتواصل المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع، وسط تدخلات إقليمية ووجود مقاتلين أجانب، مما فاقم الأزمة الإنسانية وأدى إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح الملايين.

 

المصدر: الجزيرة