اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه: كم منا سيتم تشخيص إصابته به؟

وصل عدد الأشخاص الذين يتناولون أدوية علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (إيه دي إتش دي) إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، وتواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية في انجلترا (إن إتش إس) الكثير من الضغط في محاولتها تشخيص الحالة وعلاجها.

فمنذ عام 2015، تضاعف عدد المرضى في إنجلترا الذين يتناولون أدوية موصوفة لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه 3 مرات تقريبا، وتشير أبحاث بي بي سي إلى أن الأمر سيستغرق 8 سنوات لتقييم جميع البالغين الموجودين على قوائم الانتظار.

أما معدل الإصابة فهو عدد الحالات الجديدة التي يتم تشخيصها في فترة زمنية محددة ، فهنا نشهد الزيادة. ويوضح: “ما تغير هو عدد المرضى الذين نقوم بتشخيصهم، الأمر أشبه بأن كلما زاد عدد المرضى الذين نقوم بتشخيصهم، كلما انتشر الحديث عن الأمر”.

وتتفق البروفيسور سيمونوف على أنه كان هناك “ارتفاع حاد” في عدد الأشخاص الذين يتقدمون للتقييم منذ تفشي كورونا، لكنها تقول إن هذا يأتي بعد سنوات من “التجاهل طويل الأمد”

وتشير إلى إحصائيات حول أدوية علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. وتتوقع أن يحتاج نحو 3 إلى 4 في المئة من الأطفال في المملكة المتحدة إلى تلك الأدوية، ولكن في الواقع، يستخدمها نسبة تتراوح بين 1 إلى 2 في المئة فقط. وتعتقد أن هذا يُظهِر أننا ما زلنا نستخف بحجم المشكلة.

وتوضح البروفيسور سيمونوف: “أعتقد أن هذه نقطة انطلاق مهمة عندما نقول، يا إلهي، لماذا نرى كل هؤلاء الأطفال الآن، هل نبالغ في تحديد اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟ نحن لم نشخص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بشكل كافٍ في المملكة المتحدة لسنوات عديدة”.

بعبارة أخرى، يمكننا أن نتوقع الآن تشخيص عدد أكبر من الأشخاص باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لأن الخدمات الصحية تحاول اللحاق بالركب.

تصف تيا شتاين، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة نيوفيلد تراست البحثية في مجال الصحة، الزيادة الأخيرة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية بأنها “الحدبة”. وتقول: “لقد ارتفعت معدلات التشخيص أو الرغبة في الحصول على التشخيص بسبب المعرفة والوضوح، الأمر بهذه البساطة”.

وبحسب شتاين، فإن المهمة الأكثر إلحاحاً هي تجاوزالزيادة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية، وتقييم التراكم الهائل من الأشخاص في قوائم انتظار اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. ثم، على المدى الأبعد، تعتقد شتاين أن المجتمع سوف يتحسن في اكتشاف هذا المرض في وقت مبكر لدى الأطفال. وهي تأمل أن يعني هذا حصولهم على دعم أفضل منذ سن مبكرة، وتخفيف بعض الضغوط عن خدمات البالغين.

وتقول: “إنني متفائلة حقًا بأننا سنتجاوز هذه الفترة من الزمن ونصل إلى مكانة أفضل بكثير كمجتمع، ولكن ما لا أشعر بالتفاؤل بشأنه هو أن هذا حل سريع”.

وقد يكون اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مفهومًا جديدًا، ولكن صعوبة التركيز لدى الأشخاص هي مشكلة قديمة.

ففي عام 1798، كتب الطبيب الاسكتلندي السير ألكسندر كريشتون عن “مرض الانتباه” الذي يتميز “بدرجة غير طبيعية من الاضطراب العقلي”.

لكن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه لا يقتصر على مشاكل التركيز أو النشاط المفرط. فقد يجد المصابون به صعوبة في التحكم في عواطفهم ودوافعهم، وقد ارتبط بإدمان المخدرات والصعوبات المالية فضلاً عن ارتفاع معدلات الجريمة وحتى حوادث السيارات.

ويتفق جميع الخبراء الذين تحدثت معهم على نقطة واحدة: من الأفضل بكثير لشخص يعاني من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أن يتم تشخيصه وعلاجه في أقرب وقت ممكن.

ويقول الدكتور مولر سيدغويك إن هناك “خطرا من حدوث نتائج سيئة للغاية”. لكنه يبتسم عندما يصف كيف يمكن للتشخيص والعلاج أن يحولا حياة الناس.

انفراجة في العلاج

في الوقت الحالي، يدور علاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه حول الأدوية، ولكن هناك خيارات أخرى تلوح في الأفق.

وتقول البروفيسور كاتيا روبيا هي أستاذة علم الأعصاب الإدراكي في كينجز كوليدج في لندن : “عملي على مدى السنوات الثلاثين الماضية أو نحو ذلك يتلخص في تصوير اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وفهم ما هو مختلف في أدمغة الأشخاص المصابين به”.

وتوضح أن أجزاء معينة من أدمغة المصابين باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، بما في ذلك الفص الجبهي، أصغر حجمًا وأقل نشاطًا أيضًا. وتحاول البروفيسور روبيا تنشيط تلك المناطق من الدماغ، وتعمل على دراسة تبحث في العصب الثلاثي التوائم الذي يذهب مباشرة إلى جذع الدماغ ويمكنه زيادة النشاط في الفص الجبهي.

وتقول: “كل هذا جديد تمامًا، إذا وجدنا تأثيرًا، فسنحصل على علاج جديد”. ورغم أنه لم يتم إثبات ذلك بعد، إلا أنها تضيف: “إذا سارت الأمور على ما يرام، فقد يكون العلاج متاحًا في السوق في غضون عامين”.

لذلك فإن الأمل هو أنه في المستقبل غير البعيد، سوف تكون هناك طرق أكثر لعلاج اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه دون أدوية. ولكن في الوقت نفسه، فإن التحدي يكمن في تجاوز زيادة عدد الأشخاص الذين ينتظرون التقييم، مع الإيمان بأن الزيادة في التشخيص بهذا المرض سوف تتضاءل بمرور الوقت.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments