الأردن: مادة شديدة السمية في مشروبات كحولية تتسبب في وفيات، فماذا نعرف عن الميثانول وخطورتها؟

توفي 9 أشخاص وأصيب 27 آخرون بعد تناولهم “مشروبات كحولية” تحتوي على مادة شديدة السمية في الأردن، وفق ما أفادت مديرية الأمن العام الاثنين، التي قالت إنها ألقت القبض على مشتبه بهم “متورطين” في القضية وأغلقت مصعناً لهم.

وقالت المديرية إن تحقيقاتها “أكدت تورط عدد من الأشخاص بشراء مادة الكحول الميثيلي (الميثانول) واستخدامها في تصنيع المشروبات الكحولية”.

وحذرت وزارة الصحة الأردنية من تناول المشروبات الكحولية، خصوصاً في هذه الفترة نظراً لاحتمالية تضمنها المادة السمية، مشيرة إلى أن “المصنع وزع (المشروبات) لمناطق عدة في الأردن”، في وقت لا يزال المسؤولون يجمعون “مواد كحولية منتجة من المصنع من الأسواق” المحلية.

وقالت السلطات إنها جمعت “كميات كبيرة منها” وإنها ستحيل “القضية إلى القضاء حال استكمال التحقيقات فيها”، كما أفادت السلطات أن المصابين حالتهم “بين المتوسطة والسيئة”.

وأوضحت أن فريق التحقيق المكلّف بمتابعة التحقيق في قضية الوفيات في الزرقاء “عمل منذ لحظة تلقي البلاغات والتقاط العيّنات من مسرح الحادث وظهور نتائج الفحوص المخبرية على جمع عدد كبير من العيّنات من محال بيع المشروبات الكحولية في مدينة الزرقاء، حيث عثر على مادة الكحول الميثيلي في عدد من المنتجات الكحولية التي تم الاستدلال على أنها تنتج في ذلك المصنع وبأسماء تجارية مختلفة”.

وشرحت أن التحقيقات “أثبتت تورط المصنع في القضية وضبط القائمين والعاملين به، بينهم موظف مختص بتركيب الخلطات الذي طلب تلك المادة من أحد الأشخاص وزوّده بها واستُخدمت في تصنيع المشروبات الكحولية”.

ولفتت إلى أن “الشخص الذي قام بتزويد المصنع بكميات من تلك المادة أكّد قيامه بشرائها من أحد المستودعات والذي جرت مداهمته والتحفظ على كل المواد بداخله”.

المؤسسة العامة للغذاء والدواء في الأردن، التي تشارك في جمع مواد كحولية منتجة من المصنع من الأسواق، قالت إن منشآت بيع المشروبات الكحولية “تخضع لرقابة المؤسسة من الجانب الرقابي والفني، في حين تتولى جهات رقابية أخرى مسؤولية الجانب التشريعي والترخيص القانوني لهذه المنشآت”.

وقال مدير عام المؤسسة، نزار مهيدات، في بيان، إن “المهام الرقابية للمؤسسة تعنى بالتأكد من سلامة ومأمونية هذه المشروبات، مع التأكيد على تأثيرها السلبي على أجهزة الجسم والمشاكل الصحية الناتجة عنها مثل أمراض الكبد والقلب والسرطان”.

ودعا مهيدات، مستهلكي المشروبات الكحولية، إلى “انتقاء المنتجات ذات المأمونية وشرائها من المحال المرخصة، للحد من المخاطر الصحية الناتجة عن المنتجات المغشوشة أو مجهولة المصدر”.

وتحدث مهيدات عن “إيقاف 3 مصانع مصنعة لمادة الميثانول” وفق ما نقلت عنه قناة المملكة الرسمية.

الميثانول هو مادة صناعية غير مخصصة للاستهلاك البشري إطلاقاً، وفق مدير إدارة الشؤون الفنية في وزارة الصحة الأردنية عماد أبو يقين الذي قال لبي بي سي، إنها تستخدم في إذابة الطلاءات وبعض المواد العطرية.

ويُستخدم الميثانول كمذيب فعال للدهانات والأصباغ، وكمادة مانعة للتجمد في سوائل تبريد السيارات، وفي إنتاج المواد البلاستيكية والوقود.

وتعد الميثانول مادة “ذات سمية عالية جداً سواء باستنشاقها أو ملامستها للجلد” إلى جانب سميتها المرتفعة “أكثر بكثير” عند تناولها.

والميثانول هو سائل شفاف ذو رائحة تشبه إلى حد كبير رائحة (الإيثانول) المستخدم في التعقيم.

لكن الميثانول يختلف كثيراً عن الإيثانول المستخدم في المشروبات الكحولية والمعقمات، وفق أبو يقين.

هل العلاج ممكن؟

ويقول أبو يقين في حديثه لبي بي سي، إن “جرعات بسيطة” من الميثانول “قد تفضي إلى الموت”، مشيراً إلى أنها “مادة سمية جداً وسريعة جداً”.

ولفت النظر إلى أن العلاج منها يعتمد على الكمية التي استهلكها الشخص، إضافة إلى سرعة تلقي العلاج لأن تأخره يعني أن “فرصة نجاة المريض أصعب، وكلما كانت الكمية المستهلكة أكبر كانت فرصة نجاته أصعب”.

وقال إن “الوقت المثالي” للنجاة هو القدوم إلى المستشفى في أول ساعتين لكن بعدها “تبدأ فرصة النجاة بالتدني” إلا أن الأمر يعتمد على الجرعة المستهلكة، على حد تعبير أبو يقين.

وتحدث عن قواعد عامة للتعامل مع مرضى السموم، إذ “يتم مسح المريض سريرياً، وتصويب الخلل في الأجهزة الحياتية مثل جهاز التنفس وجهاز الدم الدوراني وبعد ذلك إجراءات داعمة للحياة”.

ويتسبب الميثانول في أعراض منها “ألم في المعدة وغثيان يترافق معه استفراغ وصداع شديد وضبابية في الرؤية وتدني في مستوى الوعي وضعف في الجسم”، وفق أبو يقين، ثم “تظهر أعراض مثل تسرع في التنفس نتيجة لحموضة الدم المرتفعة”. وقد تؤدي المادة إلى فقدان البصر.

والسموم التي تترسب في الجسم إلى جانب حموضة الدم المرتفعة “تعطل الخلايا الوظيفية وخلل في الأجهزة الحياتية مثل القلب والرئة والكبد والأعصاب وجهاز الدم الدوراني”، على ما شرح أبو يقين.

ما العقوبات المنتظرة؟

أقر المحامي سميح العجارمة بـ “صعوبة تحديد العقوبات” التي قد تطال المتسببين بحالات الوفاة، إلا “بعد معرفة تكييف النيابة العامة لوقائع القضية”.

لكنه قال لبي بي سي، إن عقوبة “المسؤولين المباشرين عن استخدام تلك المواد في تصنيع المشروبات الكحولية سواء كانوا من إدارة المصنع أو من العاملين والمشرفين على عملية التصنيع قد تصل إلى عشرين عاماً في حال ثبت تعمدهم استخدام مادة الميثانول شديدة السمية في خط إنتاج المشروبات”، إضافة إلى “علمهم اليقيني المسبق” أن تلك المواد “منتهية الصلاحية ولا تصلح للاستهلاك البشري أو أنها مواد سمية لا تدخل أبداً في صناعة المشروبات الكحولية”.

حالات مشابهة

في تركيا، تسبب الكحول المغشوش بعشرات الوفيات بسبب حالات تسمم بالميثانول في بداية العام الحالي.

وفي إيران، أعدم 4 أشخاص العام الماضي، أدينوا بتهمة بيع مشروبات كحولية مغشوشة تسببت في وفاة 17 شخصاً في 2023.

وحظرت إيران إنتاج المشروبات الكحولية واستهلاكها عقب الثورة الإسلامية عام 1979. ومنذ ذلك الحين، انتشرت المشروبات المهرّبة والمقلّدة في السوق السوداء، حيث يُضاف الميثانول في أحيان كثيرة إلى المشروبات كبديل أرخص من الإيثانول.

كما توفي 8 أشخاص في المغرب في عام 2024 بعد تناولهم مشروبات كحولية محلية الصنع. كما توفي في العام نفسه 4 أشخاص في تونس للسبب نفسه.

وفي الهند، يلقى المئات حتفهم كل عام بسبب المشروب الكحولي المغشوش.

 

المصدر: BBC
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments