في خطوة وُصفت بأنها تاريخية وغير مسبوقة، أشادت مفوضية الاتحاد الأفريقي بتولي جنوب أفريقيا رئاسة مجموعة العشرين، واعتبرت استضافة القمة على أرض أفريقية للمرة الأولى تحولا نوعيا في تمثيل الجنوب العالمي داخل التكتلات الدولية الكبرى.
وأكد بيان رسمي صدر عن المفوضية أن جنوب أفريقيا، بصفتها الرئيس الحالي لمجموعة العشرين، تضطلع بدور قيادي في الدفاع عن أولويات الدول النامية، وعلى رأسها قضايا التنمية المستدامة، والعدالة المناخية، وإصلاح النظام المالي الدولي.
وأشار البيان إلى أن هذه الرئاسة تعكس المكانة المتصاعدة لجنوب أفريقيا في منظومة الحوكمة العالمية، وتُجسد التزامها بمبادئ الشمولية والعدالة في صنع القرار الدولي.
وتُعقد قمة مجموعة الـ20 لعام 2025 تحت شعار “التضامن والمساواة والاستدامة” وسط تحديات سياسية واقتصادية متشابكة، .

يناقش القادة ملفات الأمن الغذائي، والديون، والتحول المناخي، إلى جانب تعزيز الشراكات بين الدول النامية والمتقدمة.
ورغم التوترات، تسعى بريتوريا إلى ترسيخ دورها كمنصة للحوار العالمي، وتوسيع تمثيل أفريقيا في صنع القرار الدولي.
إشادة بالنموذج الديمقراطي والتنوع الثقافي
البيان نوّه أيضًا بالنموذج الديمقراطي الذي تمثله جنوب أفريقيا، معتبرًا أن دستورها يُجسد القيم التي ينص عليها الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، من مساواة وسيادة القانون واحترام الحريات الأساسية.
كما أشادت المفوضية بالتعددية الثقافية والاجتماعية التي تميز البلاد، ووصفت هذا التنوع بأنه مصدر قوة وطنية يعكس روح الوحدة في إطار التنوع، وهو ما يجعل من جنوب أفريقيا نموذجًا يُحتذى به في بناء مجتمعات متماسكة ومتعددة الهويات.
دعوة لتعزيز الشراكة مع القارة
وفي اختتام البيان، دعت المفوضية جميع الشركاء الدوليين إلى تعزيز التعاون مع جنوب أفريقيا ومع القارة الأفريقية ككل، على أسس الاحترام المتبادل والتعاون البناء.

وشددت المفوضية الأفريقية على أهمية دعم جهود السلام والتنمية والازدهار المشترك، مؤكدة أن أفريقيا اليوم ليست مجرد متلقٍ للسياسات العالمية، بل شريك فاعل في صياغتها.
مزاعم ترامب
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن مقاطعة بلاده لقمة مجموعة الـ20 في جنوب أفريقيا، متهما حكومة بريتوريا بانتهاك حقوق الأقلية البيضاء من أحفاد المستوطنين الأوروبيين، ومكررا مزاعمه بحدوث “إبادة جماعية” بحقهم.
وقال ترامب إن هذه الفئة تتعرض للقتل ومصادرة الأراضي والمزارع بشكل غير قانوني، مؤكدا أن أي مسؤول أميركي لن يحضر القمة ما دامت هذه “الانتهاكات” مستمرة.
وكان الرئيس الأميركي قد أعلن سابقا أن نائبه جيه دي فانس سيمثله في القمة، قبل أن يقرر المقاطعة الكاملة. وأعرب عن تطلعه لاستضافة قمة 2026 في منتجعه بميامي.
وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة توترات بين واشنطن وبريتوريا، شملت إعطاء الأولوية لقبول اللاجئين البيض، وفرض رسوم جمركية بنسبة 30% على جنوب أفريقيا، إضافة إلى خلاف بشأن دعوى رفعتها الأخيرة أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.

كما هاجم ترامب الرئيس سيريل رامافوزا خلال زيارته للبيت الأبيض، مستعرضا مقاطع فيديو لانتهاكات مزعومة بحق المزارعين البيض.
مجموعة العشرين وأفريقيا
تأسست مجموعة العشرين عام 1999 كمنتدى يجمع أكبر اقتصادات العالم لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية العالمية. وتضم المجموعة دولًا تمثل نحو 85% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و75% من التجارة الدولية، وثلثي سكان العالم.
انضم الاتحاد الأفريقي رسميًا إلى المجموعة في سبتمبر/أيلول 2023، في خطوة اعتُبرت انتصارًا دبلوماسيًا للقارة، وجاءت بعد سنوات من المطالبة بتمثيل أكثر عدالة في المنظمات الدولية.
ورئاسة جنوب أفريقيا للمجموعة في عام 2025 تُعد أول مرة تتولى فيها دولة أفريقية هذا الدور، ما يمنح القارة فرصة غير مسبوقة لتقديم رؤيتها في قضايا مثل الأمن الغذائي، والديون، والتحول الرقمي، والعدالة المناخية.
المصدر: الجزيرة