لاحظت أركانا، وهي أم لطفلة تبلغ من العمر ست سنوات، تغيرات كبيرة بدت غير عادية في جسم ابنتها، ما أثار قلقها.
وقالت: “كنت خائفة من ظهور هذه الأشياء على جسمها في مثل هذه السن المبكرة، كما أنها بدأت تغضب من أشياء تافهة، وهي تغيرات أثارت قلقي”.
تقيم أركانا، وهو اسم مستعار، مع أسرتها في قرية في منطقة ساتارا غرب الهند، حيث تعيش مع زوجها وطفليها – ابن وابنة – في منزل صغير في مزرعة، وقررت أن تستشير طبيباً عن حالة ابنتها التي بدت أكبر من سنها.
“من الصعب أن نتقبل ذلك”
وأوضح: “أخبرتني أركانا أنها تقوم بتخزين مبيدات حشرية في المنزل تزن قرابة خمسة كيلوغرامات في ذات المكان الذي تتواجد فيه الطفلة عادة”، مرجحاً أن يكون ذلك “سبباً رئيسياً للتغير في هرمونات الفتاة”.
وأشار الطبيب إلى أن التغيرات المبكرة عند الأطفال تسمى “البلوغ المبكر”.
والبلوغ هو عملية تتضمن تغيرات في جسم الأطفال سواءً من الذكور والإناث، وتتطور فيها الأعضاء التناسلية.
وتشهد هذه المرحلة أيضاً نمو شعر الوجه والعانة بغزارة مع ازدياد خشونة الأصوات لدى الذكور، ويزداد شعر العانة كثافة ويكبر حجم الثديين ويبدأ الطمث لدى الإناث.
وتقول فايشاكهي روستاجي، طبيبة الأطفال والغدد الصماء للمراهقين، المتخصصة في الأمراض المرتبطة بالهرمونات، لبي بي سي إنها لاحظت تغيرات لدى معظم الفتيات في السنوات القليلة الماضية.
وأضافت: “اعتدنا أن يبدأ الطمث بعد مرور 18 شهرا إلى ثلاث سنوات من ظهور أول علامة تدل على التغيرات الجسدية، أما الآن، تراجعت هذه الفترة إلى ثلاثة أو أربعة أشهر”.
وأشارت إلى أن نمو اللحى والشوارب لدى الذكور أصبح يبدأ خلال سنة إلى سنة ونصف من بدء البلوغ، وهو ما كان يستغرق في الماضي حوالي أربع سنوات.
واكتشفت سوشيترا سورفي، من قسم أبحاث صحة الطفل في المجلس الهندي للأبحاث الطبية (ICMR)، أن هناك زيادة في حالات البلوغ المبكر، وذلك في دراسة أعدتها في هذا الشأن.
وتوصلت دراسة أجراها المعهد الوطني لبحوث الصحة الإنجابية للأطفال (ICMR-NIRRCH) على 2000 فتاة، إلى أن الأمهات في أغلب الأحيان ما يفشلن في اكتشاف علامات البلوغ.
كما تناول المركز من خلال الدراسة، الأسباب والمخاطر المرتبطة بالبلوغ المبكر لدى الفتيات دون سن التاسعة.
وقالت سودها راو، من قسم طب الأطفال بالمستشفى: “لقد ظهرت لدى ستين فتاة تتراوح أعمارهن بين ست وتسع سنوات علامات البلوغ المبكر، وقد تبدأ الدورة الشهرية لدى بعضهن في أي وقت”.
يقول أطباء أن هناك أسباباً عديدة للبلوغ المبكر، ولا يمكن تحديد أي منها بشكل دقيق لأن الدراسات لا تزال مستمرة.
ويرجح بعضهم أن المبيدات الحشرية والمواد الحافظة المستخدمة في الأغذية والتلوث والسمنة قد تكون من بين الأسباب المحتملة.
وقال براشانت باتيل، الذي يدرس هذه الظاهرة الصحية بين الفتيات في مومباي، إن السمنة تعتبر من أكبر عوامل التي تؤدي للبلوغ المبكر، وتفاقمت المشكلة بسبب ارتفاع معدلات السمنة بين الأطفال خلال وباء كوفيد19.
كما يُعد الإفراط في استخدام الهواتف الذكية أو التلفزيون أو كثرة التعرض لأنواع أخرى من الشاشات، وعدم ممارسة الرياضة، من عوامل الخطر المحتملة.
وقالت فايشاكهي إنه خلال السنتين أو الثلاثة الماضية، استقبلت العيادات الخارجية في المستشفى التي تعمل بها ما يتراوح بين خمس إلى ست حالات، تعاني من الطمث اليومي.
وأضافت: “استقبلت حالات تقول فيها الأمهات إنهن لاحظن تغيرات على أجساد فتياتهن في أبريل/ نيسان الماضي، ثم بدأ الطمث لدى نفس الفتيات ما بين يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز الماضييْن. والآن، تظهر مثل هذه الحالات لدى الذكور أيضاً”.
وتقول إن الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الشاشات يؤثر بشكل غير مباشر أيضاً على البلوغ المبكر.
وتتلقى ابنتا أركانا وراشي الآن، علاجاً لتأخير الطمث حتى سن 10 أو 11 سنة على الأقل.
ويضيف الأطباء أن الفتيات اللاتي يعانين من البلوغ المبكر قد يعانين من مشكلات نفسية واجتماعية.
وتوصلت دراسات إلى أن الفتيات اللاتي بلغن مبكراً قد يعانين من مشاكل تتعلق بشكل الجسم مدى الحياة، وقد يتعرضن للتنمر من قبل أقرانهن بسبب التغيرات المبكرة في أجسامهن.