في الخريف الماضي، استخدمت هانيا الزعتري، وهي مهندسة ميكانيكية تعمل في وزارة الصناعة اللبنانية، خبرتها لمساعدة المواطنين في ظل الحرب التي شهدها لبنان.
ففي مدينة صيدا في جنوب لبنان حيث تعيش، قامت ببرمجة روبوت دردشة على تطبيق واتساب يُبسط الوصول إلى المساعدات التي تشتد الحاجة إليها.
وتقول هانيا، في إشارة إلى أولئك الذين أُجبروا على ترك منازلهم بسبب الحرب: “لقد فقدوا منازلهم ومدخراتهم وعملهم وكل ما بنوه”.
وفي 23 سبتمبر/أيلول الماضي، صعدت إسرائيل بشكل كبير هجومها ضد جماعة حزب الله اللبنانية، التي كانت تخوض معها صراعاً متصاعداً منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023.
واستغلت هانيا وقت فراغها لبناء الروبوت باستخدام موقع كالبيول دوت إي يو، والذي تستخدمه الشركات عادةً للتواصل مع العملاء على منصات ميتا مثل واتساب، وإنستغرام، وتطبيق المحادثات على فيسبوك.
وتوضح هانيا أن الروبوت، الذي لا يزال قيد الاستخدام حتى اليوم، يجعل توزيع المساعدات أكثر كفاءة لأنه يقلل من الوقت اللازم للرد على طلبات المساعدة عبر واتساب.
على سبيل المثال إذا كان هناك طلب للحصول على حليب أطفال، سيطلب الروبوت عمر الطفل والكمية المطلوبة حتى تتمكن هانيا وفريقها من توفيرها حسبما توضح.
وتقول إن المشروع ممول من التبرعات القادمة من اللبنانيين المقيمين في الخارج، وقد أنشأت لوحة معلومات متاحة للجمهور لتسجيل ما أنفقه المشروع من أموال ومقدار المساعدات التي وزعتها هي وفريقها.
وفي وقت كتابة هذا التقرير، قامت هانيا وفريقها بتسليم 78 طرداً غذائياً لأسر مكونة ما بين 5 و 10 أشخاص، بالإضافة إلى 900 مرتبة، و323 بطانية في جميع أنحاء صيدا وأجزاء أخرى من لبنان.
وتتكون عائلة خلدون من 17 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 9 أعوام و78 عاماً، وكانوا يعيشون في شقة مستأجرة مكونة من 3 غرف نوم في صيدا.
ويقول خلدون إنه وزوجته وأطفالهما، فضلاً عن عائلة شقيقه، ناموا على مراتب طلبوها باستخدام روبوت المساعدة في ممر الشقة، كما طلبوا البطانيات والطعام ومستلزمات التنظيف.
وفي المكالمات، التي حصلت بي بي سي على تسجيل لها، يتحدث صوت آلي باللغة العربية، من رقم أمريكي أو كندي مؤقت، إذ حاولنا إعادة الاتصال بذات الرقم ولم يجب أحد.
وحثت التسجيلات الناس على مغادرة منازلهم، وخاصة في المناطق التي حددتها إسرائيل على أنها مواقع تابعة لحزب الله، وتحظر الرسالة الصوتية على الناس التحرك جنوباً، من أجل سلامتهم، وتنتهي بعبارة “قوات الجيش الإسرائيلي”.
بعد 11 يوماً من نزوح خلدون، تم تدمير منزله، وعلى عكس جيرانه، لم يتمكن من العودة إلى منزله.
وفيما يتعلق بتدمير منزل خلدون، قال الجيش الإسرائيلي إنهم “ضربوا بنية تحتية للإرهاب”، بينما أكد خلدون، على عدم وجود أي صلة له بحزب الله أو أي طرف آخر.
وتقول وزارة الصحة اللبنانية إنه منذ أكتوبر/تشرين الأول من عام 2023، عندما بدأ القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، لقي ما يقرب من 4 آلاف مدني مصرعهم ونزح أكثر من مليون شخص، ولم تذكر الوزارة عدد المدنيين أو المقاتلين من بين هؤلاء.
وفي إسرائيل تم إجلاء نحو 60 ألف شخص من شمال إسرائيل، وتقول السلطات إن أكثر من 80 جندياً و47 مدنياً قتلوا.
وأخبرت منظمة الإغاثة الإسلامية الدولية بي بي سي أن “الصراع والدمار وأوامر الإخلاء أدت إلى تفاقم النزوح المستمر في لبنان مما جعل من الصعب تقييم احتياجات السكان ومعالجتها وسط الوضع المتغير”.
ولكن ليس الحرب فقط هي التي تعوق توزيع المساعدات.
ويرجع ذلك إلى الاضطرابات الاقتصادية الكبيرة التي تعصف بالبلاد منذ عام 2019، مما يعني أن الحكومة اللبنانية اضطرت إلى الاعتماد بشكل كبير على التمويل من الدائنين ومنظمات الإغاثة لتوفير السلع.
ولكن حتى المنظمات غير الحكومية تشعر بالأزمة في البلاد، إذ تقول منظمة اليونيسف في لبنان إنه مع توفر 20 في المئة فقط من التمويل الذي تحتاجه، فإنها “تستمر في مواجهة فجوة تمويلية هائلة”، مما يعني أنها غير قادرة على دعم الأسر عندما تكون في أمس الحاجة إليها.
ولكن، في بلد اجتاحته المصاعب المالية والحرب، هل يمكن أن يحدث هذا الروبوت المساعد فرقاً ملموساً؟
هذه هي المرة الأولى التي يسمع فيها الباحث جون براينت من معهد التنمية الخارجية عن استخدام روبوت دردشة بهذه الطريقة في القطاع الإنساني.
ويقول إن السياق الثقافي الذي يتم استخدامه فيه جدير بالثناء، وهذا يعني معرفة “القنوات التي يستخدمها الناس للتواصل والالتقاء بلغتهم الخاصة”.
ويقول إن “ما تقدمه التكنولوجيا في كثير من الأحيان هو نهج نمطي، في حين أن المبرمجين والمترجمين والمحاورين البشريين بالإضافة إلى العناصر داخل هذا النظام، هم الذين يحولون الأدوات الرقمية إلى شيء مفيد”.
وقد لا يكون برنامج روبوت المساعدة قادراً على تقديم الحل لجميع مشاكل لبنان، ولكن بالنسبة للأسر التي تستخدمه، فقد جعل الحياة أسهل قليلاً.
ساعد أحمد عبد الله من القسم العربي في إعداد هذا التقرير