أظهرت دراسة حديثة أن ميكروبيوم الأمعاء لا علاقة له بالتوحد، رغم الانتشار الكبير لهذه الفرضية في السنوات الأخيرة.
فقد جادلت مجموعة من العلماء في ورقة رأي نُشرت في مجلة Neuron بأن الأدلة العلمية الداعمة لهذه الفرضية ضعيفة وغير مقنعة.
وأشار العلماء إلى أن الدراسات السابقة، بما في ذلك الدراسات الرصدية ونماذج الفئران للتوحد والتجارب السريرية البشرية، كانت محدودة بسبب افتراضات خاطئة وصغر حجم العينات واستخدام أساليب إحصائية غير مناسبة.
ويقول المعد الأول كيفن ميتشل، عالم الأعصاب التنموي من كلية ترينيتي في دبلن: “لا أعتقد أن هناك ما يبرر تخصيص المزيد من الوقت والتمويل لهذا الموضوع. نحن نعلم أن التوحد حالة وراثية قوية، ولا يزال هناك الكثير مما يجب دراسته”.
لماذا استمرت فرضية ميكروبيوم الأمعاء؟
نشأت الفرضية جزئيا من ملاحظة أن العديد من المصابين بالتوحد يعانون من مشاكل معوية. كما دفع ارتفاع معدلات تشخيص التوحد البعض للاعتقاد بأن عوامل بيئية أو سلوكية قد تلعب دورا، رغم أن الأدلة تشير إلى أن هذا الارتفاع يعكس زيادة الوعي وتوسيع معايير التشخيص، وليس تغيّرا بيولوجيا.
ومع ذلك، استمر العلماء في دراسة العلاقة بين ميكروبيوم الأمعاء والتوحد عبر مقارنة الميكروبيوم لدى المصابين وغير المصابين، ودراسة نماذج الفئران وإجراء تجارب سريرية على البشر. ولكن النتائج غالبا ما كانت غير متسقة وغير مقنعة، وفق ما تقول دوروثي بيشوب، الباحثة الرئيسية في جامعة أكسفورد: “هناك تباين كبير في هذه الدراسات الثلاث”.
مشكلات في تصميم الدراسات
في أكثر الدراسات استخداما، التي تقارن ميكروبيوم المصابين بالتوحد وغير المصابين، كانت أحجام العينات صغيرة جدا، تتراوح بين 7 و43 مشاركا لكل مجموعة، بينما توصي المعايير الإحصائية باستخدام آلاف العينات.
ويقول دارين داللي، الباحث المشارك والإحصائي الحيوي في جامعة كلية كورك: “التوحد ليس نادرا، لذا لا يوجد سبب لإجراء دراسات تضم 20 أو 30 أو 40 مشاركا فقط”.
كما اختلفت أساليب توصيف الميكروبيوم بين الدراسات، ما جعل مقارنة النتائج صعبة. وعلى الرغم من أن بعض الدراسات أظهرت اختلافات بين ميكروبيوم المصابين وغير المصابين، كانت هذه النتائج متناقضة وغالبا ما اختفت عند مراعاة عوامل مثل النظام الغذائي أو مقارنة الأطفال المصابين بأشقائهم ذوي النمط العصبي الطبيعي.
ويضيف ميتشل: “إذا كان هناك أي تأثير سببي، فقد يكون التوحد نفسه يؤثر على النظام الغذائي للشخص، والذي بدوره قد يؤثر على الميكروبيوم لديه”.
نماذج الفئران والتجارب السريرية محدودة
تشير الدراسات إلى أن نماذج الفئران للتوحد غير مقنعة بسبب الاختلافات السلوكية والفسيولوجية بين البشر والفئران.
ويقول ميتشل: “لا يوجد دليل على أن السلوكيات “الشبيهة بالتوحد” لدى الفئران لها أي صلة بالتوحد البشري، وقد شابت التجارب نفسها عيوب منهجية وإحصائية”.
كما أن التجارب السريرية البشرية، التي شملت عمليات زرع براز أو إعطاء بروبيوتيك، غالبا ما كانت محدودة في حجم العينة، ولم تتبع توزيعا عشوائيا أو تتضمن مجموعة ضابطة.
ويقول داللي: “الإجماع في الدراسات التي أجريناها هو أنه عند إجراء التجارب بشكل صحيح، لا تظهر أي نتائج”.
ونظرا لنقص الأدلة المقنعة، يرى العلماء أن فرضية أن الميكروبيوم يسبب التوحد وصلت إلى طريق مسدود.
المصدر: ميديكال إكسبريس
إقرأ المزيد
5 فروق أساسية بين التوحد وفرط الحركة
كشف خبير في الصحة النفسية عن فروق رئيسية بين اضطراب طيف التوحد وفرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD).
تحديد هدف علاجي واعد لاضطراب طيف التوحد في الدماغ
أظهرت دراسة جديدة أن فرط النشاط في نواة المهاد الشبكية يتسبب في ظهور سلوكيات شبيهة بالتوحد لدى الفئران، وأن الأدوية التي تقلل هذا النشاط استطاعت عكس هذه الأعراض.
اكتشاف 4 أنواع مميزة من التوحد قد تغيّر قواعد التشخيص والعلاج
اكتشف فريق من الباحثين من جامعة برينستون ومؤسسة سيمونز في الولايات المتحدة 4 أنواع فرعية مميزة من اضطراب طيف التوحد، يميز كل منها بصمة جينية خاصة.