الغيبوبة: بينهم شارون و”الجميلة النائمة”..من هم الأطول غيابا عن الوعي في تاريخ البشرية؟

ما بين اليأس والرجاء يرقد العديد من البشر في حالة غياب تام عن الوعي، وكأنهم نياما في عالم مجهول، ويقف حولهم أحباؤهم ينتظرون أية إشارة على التعافي أو العودة للوعي، ولكن قد تنتهي الرحلة بالموت بعد سنوات من الانتظار.

لم تكن حالة الأمير السعودي الوليد بن خالد بن طلال، الذي ظل في غيبوبة كاملة لمدة 20 عاماً حتى وفاته يوم السبت، هي الأولى من نوعها في العالم أو الأطول في التاريخ، بل سبقته حالات أكثر غرابة ومتعددة الأسباب. منهم من عاد إلى الوعي ومنهم من ظل غائباً إلى الأبد.

وقبل رصد حالات الغيبوبة المثيرة والأطول في التاريخ، سواء انتهت بالوفاة أو العودة من المجهول، نوضح أولا ماذا تعني الغيبوبة، وهل هي مثل النوم وما الفرق بينها وبين توقف الدماغ، طبيا.

حالة الغيبوبة المستمرة أو المتواصلة هي حينما يحدث ذلك لمدة تزيد عن أربعة أسابيع.

حالة الغيبوبة الدائمة تعرف بأنها أكثر من ستة أشهر، إذا نتجت عن إصابة في الدماغ ناتجة عن غير الصدمات، وأنها أكثر من 12 شهرا إذا كانت ناتجة عن الصدمات مثل كدمة بالرأس.

إذا كان الشخص في حالة غيبوبة دائمة يكون شفاؤه صعبا للغاية، لكن ليس مستحيلا.

وهناك حالة أخرى قد تؤدي لفقدان الوعي تسمى الموت الدماغي، وهي إصابة الشخص بتلف دماغي شديد لدرجة أنه يصبح غير قادر على التنفس بمفرده، ويحتاج إلى وضعه على جهاز التنفس الصناعي.

وطلبت الشرطة تحليل الحامض النووي لأفرادها الذكور الذين عملوا في دار للرعاية الطبية، وكانوا يتولون حراسة السيدة، التي تعرضت لحادث كادت أن تغرق فيه.

وفي البرتغال أعلن الأطباء في 2019 عن ولادة طفل لسيدة كانت في غيبوبة لعدة أشهر وهي حامل، وكانت تعاني من موت دماغي، بعد تعرضها لأزمة ربو حادة في منزلها.

وولد الرضيع، الذي أطلق عليه اسم سالفادور، بعد فترة حمل لنحو 32 أسبوعاً، ويتلقى حاليا الرعاية في مستشفى لرعاية حديثي الولادة.

الغيبوبة الأطول في التاريخ

وبحسب التفاصيل الطبية فقد أصيبت إدواردا بغيبوبة نتيجة إصابة بمرض السكري، عام 1970، عندما كانت طالبة في المدرسة الثانوية، عندما مرضت فجأةً، وتقيأت دوائها، ودخلت في غيبوبة سكري.

وتمكست والدتها كاري بالأمل ورفضت كل محاولات قطع العلاج عنها، واستمرت بجوار ابنتها حتى توفيت الأم عام 2008، وعمرها 80 عاما، وبعدها تولت شقيقتها كوليين رعايتها.

الغيبوبة القاتلة

ومن أبرز الحالات التي انتهت بالموت أيضا بعد سنوات من الغيبوبة:

إيلين إسبوزيتو، أو “الجميلة النائمة” كما أطلقوا عليها، من مواليد 3 ديسمبر/كانون الأول 1934، وفي يوم اشتكت من الزائدة الدودية وعمرها ست سنوات، ودخلت المستشفى لعمل الجراحة عام1941، لكنها لم تخرج أبداً وظلت في غيبوبة لأكثر من 37 عاماً، وأُعلنت وفاتها رسمياً في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1978.

ومن أشهر من أصابتهم الغيبوبة وتوفى بسببها كان رئيس وزراء إسرائيل السابق أرييل شارون، وظل فاقدا للوعي طوال ثماني سنوات، حتى إعلان وفاته وعمره 85 عاما.

أبقاه أبناؤه على قيد الحياة بواسطة أجهزة طبية، ولكن لم يظهر أي علامات على تحسن أو خروجه من الغيبوبة.

وفي 2010 قال مدير المستشفى المشارك في رعاية شارون إنه لن يعود للوعي، لأن دماغه تقلص وصار في ” حجم ثمرة الجريب فروت، وأجزاء كثيرة اضمحلت وصارت مادة خام سائلة”، وتم الإعلان عن الوفاة رسميا في 11 يناير/كانون الثاني 2014.

المليونيرة الأمريكية سوني فون بولو، كانت من مواليد سبتمبر/أيلول 1932 عاشت قرابة 28 عاماً في حالة غيبوبة دائمة، من ديسمبر/كانون الأول 1980 حتى وفاتها في دار رعاية في مدينة نيويورك في 6 ديسمبر/كانون الأول 2008.

أما أغرب حالات الغيبوبة التي انتهت بالوفاة فكان بطلها تيري واليس، الذي ظل غائباً عن الوعي 20 عاماً، من يوليو 1984، بسبب حادث سيارة، حتى 12 يونيو 2003 وأفاق ثم مات.

أما المراهق البريطاني أنثوني بلاند، فقد دخل في غيبوبة لمدة خمس سنوات بسبب تشجيع ليفربول، حيث كان من ضحايا كارثة هيلزبرة في 15 أبريل/نيسان 1989، الأكثر دموية في التاريخ البريطاني والتي سُحق فيها 95 مشجعًا حتى الموت في مدرجات الملعب.

بعيدا عن الحوادث والأمراض، قد تؤدي بعض العادات الخاطئة إلى الغيبوبة الطويلة، وهو ما حدث مع الأمريكية كارين آن كوينلان، التي استمرت في غيبوبة لـ 10 سنوات.

ففي 14 أبريل/نيسان 1975، وبعد سهرة مع أصدقائها تناولت خلالها الكحول والمهدئات، دخلت الفتاة البالغة وقتها 21 عاماً في غيبوبة. والغريب أن والداها طلبا إنهاء المعاناة بعد خمسة أشهر، لكن الأطباء منحوها الحق في الاستمرار في الحياة، وبعد 10 سنوات توفيت بسبب الفشل الرئوي في 11 يونيو/حزيران 1985.

ومن الأسباب الأخرى للغيبوبة، الإصابة بالرصاص، وهو ما حدث مع الشرطي الأمريكي غاري دوكري، عندما أصابه شخص مخمور برصاصة في رأسه في 17 سبتمبر/أيلول 1988. وعاش في حالة أشبه بالغيبوبة لمدة ثماني سنوات، في دار رعاية. ولكن بعد خضوعه لجراحة في الرئة في أوائل عام 1996، استيقظ دوكري من الغيبوبة فجأة وبدأ يتحدث بلا توقف ، لكن المعجزة لم تدم طويلًا، ومات بعد 18 ساعة.

في أحد أفلام هوليوود أصيب الممثل البديل للنجوم (الدوبلير) إيفيل نيفيل، في 31 ديسمبر 1967 أثناء محاولته القفز فوق النوافير خارج قصر سيزرز في لاس فيغاس على دراجة نارية. ودخل في غيبوبة 29 يوماً، وتوفى بعدها.

ليس الموت دائماً هو النهاية الحتمية للغيبوبة فهناك أيضاً من أصيبوا بفقدان الوعي ثم عادوا مرة أخرى وتعافوا وعاشوا لسنوات إضافية، وأطول من دخل غيبوبة واستيقظ منها كان الأمريكي ليونارد لوي، مواليد 1939، وظل في غيبوبة أكثر من 30 عاماً، بداية من 1939 حتى 1969، بسبب التهاب الدماغ النوام. ونجح الدكتور أوليفر ساكس في إيقاظه هو وعدد من مرضى الغيبوبة المرتبطة بالإنفلونزا الإسبانية باستخدام دواء يُسمى ليفودوبا أو إل-دوبا.

ومن أبرز الحالات أيضا وأطولها الكندية آني شابيرو، مواليد 1913، ودخلت في غيبوبة 29 عاماً، بدأت بإصابتها بسكتة دماغية مفاجأة في متجرها لبيع الملابس عام 1973، وظلت حتى 1992، وعاشت بعدها 11 عاما حتى توفيت في 2003، وألهمت قصتها صناع السينما وتحولت إلى فيلم أمريكي بعنوان “الحب الأبدي” عام 1998.

أما الإماراتية منيرة عبد الله، فقد ظلت في غيبوبة 27 عاما، بعد حادث سيارة في عام 1991، وبعد رحلة علاج طويلة ما بين الإمارات وألمانيا استعادت وعيها فجأة في يونيو/حزيران 2018، ومازالت على قيد الحياة.

دخل الأمريكي تيري واليس، في غيبوبة لمدة 19 عاما، وهو من مواليد 1964، وأُصيب في رأسه جراء حادث في 1984، واستيقظ في 2003، وتوفى في 2022.

 

المصدر: BBC