الناشط الهذالين للجزيرة نت: تفاجأت بترشيحي وفوزي بجائزة “التوليب” الهولندية

الخليل- لم يخطط الناشط الفلسطيني عيد الهذالين لأن يكون واحدا من 10 مرشحين من أنحاء العالم، للحصول على جائزة هولندية رفيعة نظير ما يقوم به من جهد في توثيق انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في مسافر يطا جنوبي الضفة، إنما أتته الجائزة فجأة، وفق حديثه للجزيرة نت.

بصمت وبعيدا عن الأضواء يوثق الهذالين الانتهاكات ويصورها، ويوزعها على الصحفيين والمؤسسات الحقوقية والدولية، لعلّها تجد طريقها لصاحب قرار يتدخل ليرفع البلاء عن القرى المنكوبة.

فلسطين-هولندا- الناشط عيد الهذالين يتسلم جائزة التوليب من الخارجية الهولندية - (من الناشط الهذالين للاستخدام)
الناشط عيد الهذالين يتسلم جائزة التوليب من الخارجية الهولندية (الجزيرة نت)

عقدان في التوثيق

مضى على الهذالين في نشاطه 18 عاما بدون كلل أو ملل، ودون أن يتسابق للحصول على أوسمة وجوائز محلية أو دولية، لكنه وجد نفسه المرشح بين 5 فلسطينيين، وواحدا من بين 10 أشخاص حول العالم فازوا بجائزة “التوليب” التي تقدمها وزارة الخارجية الهولندية لأفضل 10 أشخاص مدافعين عن حقوق الإنسان في العالم، موضحا أنه لم يتقدم للجائزة ولم يكن يعلم بها سوى بعد التواصل معه لإبلاغه بالتكريم.

وأخذت الجائزة اسمها من زهرة “التوليب” التي تتخذها هولندا رمزا وشعارا لها، ومنذ 2008 تمنحها هولندا سنويا لدعم المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، ويحصل الفائز فيها على جائزة مالية قدرها 50 ألف يورو وتمثال برونزي على شكل زهرة توليب، وفق موقع الجائزة الإلكتروني.

وسافر الهذالين من قريته أم الخير إلى هولندا لاستلام الجائزة الأربعاء الماضي، ثم عاد إلى خيمته في الخربة ليحتفي بالجائزة ويضعها فوقه خيمته قبالة مستوطنة كرميل الملاصقة للتجمع.

والناشط الفلسطيني (37 عاما) رب أسرة من 6 أفراد، ويتقن اللغتين الإنجليزية والعبرية إلى جانب لغته الأم على الرغم من عدم إتمام دراسته بعد التوجيهي نتيجة ظروف خاصة.

4- فلسطين- الخليل-مسافر يطا-خربة أم الخير- أقارب الناشط عيد الهذالين في زيارة تهنئة له بعد حصوله على جائزة التوليب وعودته من هولندا (الجزيرة نت)
أقارب الناشط عيد الهذالين في زيارة تهنئة له بعد حصوله على جائزة التوليب وعودته من هولندا (الجزيرة)

دفعة معنوية

وقال الناشط الفلسطيني إن منح الجائزة يعتمد على النشاط الميداني والتوثيق في مجال حقوق الإنسان، إذ تقدم سفارات هولندا من أنحاء العالم مرشحيها، وإنه فوجئ بترشيحه من الممثلية الهولندية في رام الله، مرجحا أن تكون أعماله وصلت للسفارة والخارجية الهولندية وبناء على ذلك تم ترشيحه، إضافة إلى دوره في استقبال الوفود الدبلوماسية والمتضامنين وتقديم شروحات لهم.

إعلان

ويوضح أنه وثق على مدى 18 عاما مئات الانتهاكات الإسرائيلية ومنها حالات القتل وإطلاق الرصاص وهدم البيوت وتخريب المزارع واعتداءات المستوطنين على اختلافها، كما اعتقل 3 مرات ونُكّل به.

عن تأثير الجائزة عليه قال إنها بحثت عنه ولم يبحث عنها، وهو ما أعطاه دفعة معنوية قوية كي يستمر في نشاطه ويوصل معاناة القرى والتجمعات الفلسطينية المهددة بالترحيل والاستيطان.

يتابع الناشط الفلسطيني، وهو أب لـ4 طفلات ويُسخر جل وقته للتوثيق، ويسكن في خيمة تعرضت للهدم مرتين، بأن أبرز التحديات التي تواجهه هي ذاتها التي يعيشها سكان مسافر يطا من ملاحقة وتهديد واعتقال ومنع من العمل.

على خطى شيخ المسافر

والناشط الهذالين، يحمل اسم جده، الذي عاش في ذات الخربة وقارع المستوطنين لعقود، كما أنه نجل الشهيد سليمان الهذالين الذي اشتهر بلقب “شيخ المسافر” واستشهد في 17 يناير/كانون الثاني 2022، بعد نحو أسبوعين من دعسه بمركبة تابعة لقوات الاحتلال في قريته.

وعرف عن الشهيد سليمان حضوره الدائم والفاعل في فعاليات رفض الاستيطان والاحتلال في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، وبشكل خاص بمسافر يطا وفي محيط قريته التي يزحف إليها الاستيطان.

كما أن عيد من أبناء عمومة وصديق الناشط الشهيد عودة الهذالين الذي قتل برصاص مستوطن في 28 يوليو/تموز الماضي عندما كان يوثق بهاتفه التجريف الإسرائيلي لأراضي قريته “أم الخير”.

وعمل عودة مدرسا بوزارة التربية والتعليم وترك 3 أطفال أكبرهم عمره 6 سنوات، وكان أحد المشاركين في إنتاج فيلم “لا أرض أخرى” (No Other Land)، الفائز بجائزة أوسكار أفضل وثائقي طويل عام 2025.

2- فلسطين- الخليل-مسافر يطا-خربة أم الخير - جائزة التوليب التي حصل عليها الناشط عيد الهذالين فوق خيمته قبالة مستوطنة كرمئيل (الجزيرة نت)
جائزة التوليب التي حصل عليها الناشط عيد الهذالين فوق خيمته قبالة مستوطنة كرمئيل (الجزيرة)

رحلة قاسية

وينحدر سكان خربة أم الخير، وعددهم 400، من عشيرة عرب الهذالين البدوية، التي لجأت إلى الضفة من منطقة عراد المهجرة عام 1948، وبعد النكبة حطت رحالهم في الصحراء الشرقية للضفة الغربية، قبل أن يستقر بهم المقام بموقعهم الحالي في أرض اشتروها من سكان بلدة يطا، جنوب الخليل.

لكن المعاناة تضاعفت عام 1982 مع إقامة مستوطنة كرمئيل بمحاذاة المساكن الفلسطينية، ومنذ ذلك التاريخ يدفعون مختلف الأثمان نظير بقائهم وعدم قبولهم بتكرار سيناريو التهجير، وازدادت الأمور سوءا بإقامة بؤرة استيطانية مؤخرا فوق أراضي الخربة.

وفي 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وزع جيش الاحتلال 14 إخطار هدم في قرية أم الخير بينها 12 تستهدف مساكن مأهولة، أحدها مسكن الناشط عيد الهذالين.

وطالت الإخطارات أيضا مركزا مجتمعيا يقام على نحو 4 آلاف متر مربع، يضم مرافق متعددة بينها مقر المجلس المحلي وروضة للأطفال وغيرهما، وفق رئيس المجلس المحلي خليل الهذالين في حديث سابق  للجزيرة نت.

وعمل سكان الخربة في الزراعة وتربية الماشية، لكن مع استمرار القيود الإسرائيلية تراجعت أعدادها من حوالي 4 آلاف رأس قبل حرب الإبادة، إلى نحو 1500 رأس اليوم.

 

المصدر: الجزيرة